فرضت قوات النظام السوري في إبريل/ نيسان 2018 سلطتها بالكامل على الغوطة الشرقية بريف دمشق، بعدما سيطرت على مدينة دوما عاصمة المنطقة وأكبر مدنها، لتنهي بذلك سنوات من حصارها الذي بدأته في عام 2013، وتنقل المدنيين إلى صراع جديد من أجل الحصول على لقمة العيش. وهو صراع يبث الرعب في نفوس من بقي من أبناء المدينة فيها، خصوصاً مع محاربة مليشيا جيش الوفاء لهم، وهي المليشيا التي شكلها النظام من أبناء المدينة ليثأروا من أهلهم الذين كانوا في صفوف الثورة التي ساعدوا النظام في قمعها.
قد لا توازي الحياة في مدينة دوما في الوقت الحالي الحياة في فترة الحصار، لكنّها سيئة لدرجة تجعل الأهالي يقارنون الفترة الحالية بالفترة الماضية، إذ يشير صبحي (55 عاماً) لـ"العربي الجديد" إلى أنّ المعيشة في المدينة صعبة، لا سيما أنّ النظام يتعامل مع الأهالي على أنّهم أبناء مدينة خارجة عليه، وثارت ضده لسنوات قبل السيطرة عليها. يقول: "مع أزمة كورونا وحظر التجوال بتنا نعاني من السرقات، وطبعاً من يسرقون هم أنفسهم من يسيطرون على المدينة، الشبيحة الذين يتحكمون بكلّ شيء فيها، وكأنّهم ينتقمون من أهلها ومن كلّ حجر فيها". يتذكر صبحي: "مدينتنا كانت مدينة خير، أهلها أهل الكرم، وبساتين الخضرة تحيط بها من كلّ مكان، كانت مدينة يعمها الفرح. عشنا في الحصار ظروفاً صعبة، وأصوات القصف وهدير الطائرات كانت تلازمنا دائماً. أما اليوم فالمدينة كئيبة فاقدة للحياة، فيما وجوه الناس شاحبة، وهموم الحياة أثقلت على الجميع، وتشتت العائلات أثقلها بالحزن، ما بين مهجر في الشمال السوري ولاجئ في الخارج. كلّ ما أتمناه إن بقي لي من العمر ما بقي أن أجتمع وأولادي وأقاربي خارج سورية وإن لساعات".
اقــرأ أيضاً
ليس من السهل إدخال المواد الغذائية وغيرها من المنتجات إلى دوما، كما يؤكد محمد أبو حمزة لـ"العربي الجديد". يقول إنّه لا يمكن نقل أي شيء من البضائع من دون دفع الإتاوات على الحواجز. وفي بعض الأحيان يدفع التجار إتاوات توازي ثمن البضاعة ليضمنوا وصولها وعدم سلبها على الحواجز، وهناك بعض التجار الذين عادوا إلى المدينة أكدوا أنّه يستحيل العمل فيها بالوضع الراهن، فكلّ حاجز في المدينة يتبع لجهة أمنية، وكلّ حاجز يفرض ما يريد من أموال على التجار لتمرير بضائعهم كما يشرح. يضيف أبو حمزة: "ما زاد من سوء الأوضاع في الوقت الحالي حظر التجول بسبب كورونا، خصوصاً يومي الجمعة والسبت عندما يكون الحظر كاملاً، أما في بقية أيام الأسبوع فالحظر من السادسة مساء حتى السادسة صباحاً. الحياة تعطلت بسبب فيروس كورونا، ولا سبيل لدى أهالي دوما لطلب المساعدة. بالنسبة لي، لم أعد قادراً على زراعة أرضي وباتت مهملة، أما عملي في التجارة فتوقف حالياً بالكامل، فالخسارة تزداد يوماً بعد يوم، لذلك كلّ ما أرجوه أن تتغير الظروف نحو الأفضل بمرور أزمة كورونا". يضيف: "خلال السنوات الماضية كنا نحصل على مساعدة من سلة غذائية أو غيرها إذا اضطر الأمر، أما اليوم فهذا لا يحدث أبداً، بل نجري وراء الحياة مسرعين من دون إدراكها".
يؤكد ربيع عبد الرحمن، من جهته، أنّ الخدمات في المدينة ما زالت ضعيفة جداً وسيئة، ولم يطرأ عليها تغيرات تذكر منذ سيطرة قوات النظام عليها. ويوضح لـ"العربي الجديد" أنّ الكهرباء في أفضل الأيام لا تصل أكثر من ثلاث ساعات. ويقول: "حالياً، يخاف أقاربي الموجودون في المدينة من التواصل معنا، وذلك لدواعٍ أمنية بحتة، وعلمت أنّ الأمر هو إجراء احترازي سببه في الدرجة الأولى، المخاوف من الاعتقال على خلفية التواصل مع أشخاص مطلوبين للنظام، فأنا أقيم في تركيا. كذلك، فإنّ هناك بعض الأشخاص في المدينة جرى اعتقالهم على خلفية تحويلات مالية من أقارب لهم يقيمون في شمال سورية أو في تركيا، لذلك فإنّ وضع الباقين في المدينة يزداد صعوبة وسوءاً يوماً بعد يوم".
خلال فترة الحصار التي استمرت ستة أعوام، اعتمد أهالي المدينة على الأراضي الزراعية للحصول على الغذاء فضلاً عن تربية المواشي، بينما كانوا يعتمدون على الأنفاق التي كانت المنفذ الوحيد لدخول المواد الغذائية التي شكلت عصب حياة رئيسيا لسكان الغوطة الشرقية على وجه العموم، والتي كانت قوات النظام والتجار فضلاً عن فصائل عسكرية في الغوطة الشرقية تتحكم بدخول السلع عبرها، ما انعكس سلباً على الأهالي وأدى إلى ظهور حالات سوء تغذية عدة، واعتبر عام 2015 العام الأشد قسوة في الحصار الذي تعرضت له الغوطة. وقدر عدد سكانها في ذلك الوقت بنحو 400 ألف نسمة.
اقــرأ أيضاً
وتتنوع الحواجز في دوما، بين ما يتبع جيش الوفاء، والأمن العسكري، وكذلك الفرقة الرابعة. وبقيت أنقاض المباني المدمرة على حالها، أما شبكة المياه فما زالت الأضرار فيها على حالها، ويلجأ السكان لشراء المياه من الصهاريج. وفي المقابل، توفر مولدات خاصة التيار الكهربائي للأهالي القادرين على تحمل كلفتها.
قد لا توازي الحياة في مدينة دوما في الوقت الحالي الحياة في فترة الحصار، لكنّها سيئة لدرجة تجعل الأهالي يقارنون الفترة الحالية بالفترة الماضية، إذ يشير صبحي (55 عاماً) لـ"العربي الجديد" إلى أنّ المعيشة في المدينة صعبة، لا سيما أنّ النظام يتعامل مع الأهالي على أنّهم أبناء مدينة خارجة عليه، وثارت ضده لسنوات قبل السيطرة عليها. يقول: "مع أزمة كورونا وحظر التجوال بتنا نعاني من السرقات، وطبعاً من يسرقون هم أنفسهم من يسيطرون على المدينة، الشبيحة الذين يتحكمون بكلّ شيء فيها، وكأنّهم ينتقمون من أهلها ومن كلّ حجر فيها". يتذكر صبحي: "مدينتنا كانت مدينة خير، أهلها أهل الكرم، وبساتين الخضرة تحيط بها من كلّ مكان، كانت مدينة يعمها الفرح. عشنا في الحصار ظروفاً صعبة، وأصوات القصف وهدير الطائرات كانت تلازمنا دائماً. أما اليوم فالمدينة كئيبة فاقدة للحياة، فيما وجوه الناس شاحبة، وهموم الحياة أثقلت على الجميع، وتشتت العائلات أثقلها بالحزن، ما بين مهجر في الشمال السوري ولاجئ في الخارج. كلّ ما أتمناه إن بقي لي من العمر ما بقي أن أجتمع وأولادي وأقاربي خارج سورية وإن لساعات".
ليس من السهل إدخال المواد الغذائية وغيرها من المنتجات إلى دوما، كما يؤكد محمد أبو حمزة لـ"العربي الجديد". يقول إنّه لا يمكن نقل أي شيء من البضائع من دون دفع الإتاوات على الحواجز. وفي بعض الأحيان يدفع التجار إتاوات توازي ثمن البضاعة ليضمنوا وصولها وعدم سلبها على الحواجز، وهناك بعض التجار الذين عادوا إلى المدينة أكدوا أنّه يستحيل العمل فيها بالوضع الراهن، فكلّ حاجز في المدينة يتبع لجهة أمنية، وكلّ حاجز يفرض ما يريد من أموال على التجار لتمرير بضائعهم كما يشرح. يضيف أبو حمزة: "ما زاد من سوء الأوضاع في الوقت الحالي حظر التجول بسبب كورونا، خصوصاً يومي الجمعة والسبت عندما يكون الحظر كاملاً، أما في بقية أيام الأسبوع فالحظر من السادسة مساء حتى السادسة صباحاً. الحياة تعطلت بسبب فيروس كورونا، ولا سبيل لدى أهالي دوما لطلب المساعدة. بالنسبة لي، لم أعد قادراً على زراعة أرضي وباتت مهملة، أما عملي في التجارة فتوقف حالياً بالكامل، فالخسارة تزداد يوماً بعد يوم، لذلك كلّ ما أرجوه أن تتغير الظروف نحو الأفضل بمرور أزمة كورونا". يضيف: "خلال السنوات الماضية كنا نحصل على مساعدة من سلة غذائية أو غيرها إذا اضطر الأمر، أما اليوم فهذا لا يحدث أبداً، بل نجري وراء الحياة مسرعين من دون إدراكها".
يؤكد ربيع عبد الرحمن، من جهته، أنّ الخدمات في المدينة ما زالت ضعيفة جداً وسيئة، ولم يطرأ عليها تغيرات تذكر منذ سيطرة قوات النظام عليها. ويوضح لـ"العربي الجديد" أنّ الكهرباء في أفضل الأيام لا تصل أكثر من ثلاث ساعات. ويقول: "حالياً، يخاف أقاربي الموجودون في المدينة من التواصل معنا، وذلك لدواعٍ أمنية بحتة، وعلمت أنّ الأمر هو إجراء احترازي سببه في الدرجة الأولى، المخاوف من الاعتقال على خلفية التواصل مع أشخاص مطلوبين للنظام، فأنا أقيم في تركيا. كذلك، فإنّ هناك بعض الأشخاص في المدينة جرى اعتقالهم على خلفية تحويلات مالية من أقارب لهم يقيمون في شمال سورية أو في تركيا، لذلك فإنّ وضع الباقين في المدينة يزداد صعوبة وسوءاً يوماً بعد يوم".
خلال فترة الحصار التي استمرت ستة أعوام، اعتمد أهالي المدينة على الأراضي الزراعية للحصول على الغذاء فضلاً عن تربية المواشي، بينما كانوا يعتمدون على الأنفاق التي كانت المنفذ الوحيد لدخول المواد الغذائية التي شكلت عصب حياة رئيسيا لسكان الغوطة الشرقية على وجه العموم، والتي كانت قوات النظام والتجار فضلاً عن فصائل عسكرية في الغوطة الشرقية تتحكم بدخول السلع عبرها، ما انعكس سلباً على الأهالي وأدى إلى ظهور حالات سوء تغذية عدة، واعتبر عام 2015 العام الأشد قسوة في الحصار الذي تعرضت له الغوطة. وقدر عدد سكانها في ذلك الوقت بنحو 400 ألف نسمة.
وتتنوع الحواجز في دوما، بين ما يتبع جيش الوفاء، والأمن العسكري، وكذلك الفرقة الرابعة. وبقيت أنقاض المباني المدمرة على حالها، أما شبكة المياه فما زالت الأضرار فيها على حالها، ويلجأ السكان لشراء المياه من الصهاريج. وفي المقابل، توفر مولدات خاصة التيار الكهربائي للأهالي القادرين على تحمل كلفتها.