على الرغم من إعلان القوات العراقية عن تحرير كامل مدن ومناطق محافظة ديالى شرق البلاد من سيطرة تنظيم "داعش" منذ نحو عامين، إلا أن عدة مدن في المحافظة ما تزال تعاني من سياسة العزل الأمني، التي تضيق على السكان المحليين وتصعّب سبل الحياة هناك.
وأكد الزعيم القبلي، حميد العزاوي، أن عدداً غير قليل من المناطق تعاني من العزل منذ عدة سنوات. مبيناً، في حديث لـ"العربي الجديد"، أن القرى المحيطة ببلدة الخالص مثلاً معزولة تماماً عن مركز البلدة. وأشار إلى أن الدخول والخروج من هذه القرى يتم بصعوبة بسبب كثرة نقاط التفتيش التي تضيّق كثيراً على من يريد أن يذهب إلى بلدة الخالص إذا لم يكن من سكانها، موضحاً أن هذا الأمر ينطبق على مناطق أخرى، كالمقدادية وشهربان المحاطة بأسوار أمنية تصعّب الدخول إليها والخروج منها. ولفت إلى أن هذه السياسة دفعت أبناء هذه المناطق إلى إخفاء هويتهم أثناء تنقلهم من منطقة إلى أخرى داخل محافظة ديالى، فضلاً عن تأثير ذلك على الوضع المعيشي في المحافظة الذي يتطلب تنقلاً سهلاً وحراً.
وانتقد رئيس مجلس محافظة ديالى، علي الدايني، ما وصفه بسياسة العزل الأمني التي تتم في بعض مناطق المحافظة، مؤكداً أن هذه السياسة تؤدي إلى مزيد من الفقر، وخلق شعور باليأس لشرائح واسعة من المجتمع. وأشار إلى أن مناطق عدة في ديالى خضعت لاستراتيجية العزل الأمني منذ عام 2007، فيما يتعلق بتحديد منافذ الدخول إليها والخروج منها، كونها مناطق ساخنة. مبيناً، خلال تصريح صحافي، أن هذه الاستراتيجية بقيت على حالها من دون أي تغيير، على الرغم من مرور أكثر من 10 سنوات، وتحسّن الأوضاع الأمنية بشكل كبير خلال هذه الفترة. وأوضح الدايني أن منطقة التحويلة شمال ديالى مثلاً، والتي تعد إحدى المناطق الكبيرة، إذ يقطنها أكثر من 10 آلاف شخص، ما تزال تشهد إجراءات أمنية مشددة منذ 10 سنوات، مؤكداً أن هذه الإجراءات تتمثل في قطع المعابر الرئيسية على بعض الأنهر، الأمر الذي يزيد من معاناة السكان المحليين ويعرقل تنقلهم إلى المدن القريبة. وشدد رئيس مجلس محافظة ديالى على ضرورة الإلغاء الشامل لقضية العزل الأمني، بعد أن تغيرت الأحوال وزال خطر التنظيمات المتطرفة، موضحاً أن العزل تسبب في مشاكل للأهالي. ودعا إلى الانفتاح على المناطق المعزولة وبعث رسائل اطمئنان لسكانها من أجل تبادل الثقة والعمل المشترك على تعزيز الأمن في هذه المناطق.
وفي السياق، طالب السياسي المستقل، علي المهداوي، الحكومة المحلية في محافظة ديالى، بالعمل بشكل جدي من أجل إلغاء سياسة الحصار التي تتعرض لها بعض مناطق المحافظة، وعدم الاكتفاء بإطلاق الدعوات والشعارات الانتخابية، متسائلاً "إذا كان رئيس مجلس المحافظة هو الذي يناشد فمن يمتلك صلاحية اتخاذ القرار؟ وأين كانت الحكومة المحلية طيلة فترة السنوات العشر الماضية؟ ولماذا تذكرت المدن والمناطق المحاصرة قبل ثلاثة أشهر من موعد الانتخابات؟". وأشار إلى أن بعض المناطق في ديالى تتعرض منذ سنوات إلى عقوبات جماعية بسبب القيود الأمنية المفروضة عليها. لافتاً، خلال حديثه لـ"العربي الجديد"، إلى فشل جميع محاولات الاتصال بالجهات المسؤولة عن هذا الأمر. وأضاف "سبق أن سمعنا الكثير من التصريحات بشأن حصار بعض مدن ومناطق ديالى، لكن لم يطبق أي شيء"، مؤكداً أن عدداً كبيراً من السكان اضطروا إلى مغادرة مناطق سكنهم إلى أماكن أخرى في ديالى، أو إلى العاصمة العراقية بغداد، بسبب ضيق العيش، فضلاً عن القيود الأمنية. وتابع "بعض الأشخاص وقعوا في فخ تشابه الأسماء، ما أدى إلى الزج بهم في السجون لأشهر"، مبيناً أن الإجراءات غير المنصفة لبعض الأجهزة جعلت سكان بعض مناطق ديالى موضع شبهة أينما حلوا.
يشار إلى أن مدن ومناطق محافظة ديالى الحدودية مع إيران كانت تعرضت، خلال فترة العنف الطائفي بين العامين 2006 و2007، إلى موجة من الاقتتال والمواجهات المسلحة التي تسببت في مقتل واختفاء وتهجير الآلاف، ما دفع الأجهزة الأمنية إلى فرض أطواق أمنية حول بعض المدن. وزادت هذه الظاهرة بعد دخول تنظيم "داعش" إلى الموصل ومدن عراقية أخرى منتصف عام 2014.