دير "سانت كاترين"

29 نوفمبر 2016
بُني الدير على سفح جبل موسى (دي أغوستيني/ Getty)
+ الخط -
يقال عن دير سانت كاترين بإنَّه أقدم دير في العالم. كما أنه يضمّ ثاني أهم مكتبة في العالم بعد مكتبة الفاتيكان، وذلك من حيث القيمة التاريخية للمخطوطات والأناجيل الموجودة بها.
بُني الدير في مكان حصين على سفح جبل موسى في شبه جزيرة سيناء. وكان الغرض من اختيار المكان تحديداً هو حماية رهبان المنطقة من هجمات البدو واللصوص. وقد بدأ العمل في تشييده منذ 545م، على يد الإمبراطور جستنيان، كي يضم رفات القديسة كاترين، بعد ثلاثة قرون من وفاتها، إذ نُقل رفاتها من الإسكندرية في صندوق خشبي. وأصبح الدير يعرف باسمها ابتداء من القرن الحادي عشر. ويُقال، أيضاً، إنّ الدير بني بأمر من الامبراطورة، هيلانة، والدة الإمبراطور قسطنطين.
أهمّ ما يميّز المنطقة التي يوجد بها الدير، هي تضاريسها الخطيرة، ومناخها المعتدل صيفاً، لكنه شديد البرودة شتاء، تغطّيه الثلوج، مع توافر المياه العذبة في الآبار والوديان، ومن الأمطار أيضاً.
والدير أشبه ما يكون بحصنٍ عسكريّ، حيث تتخلل أسواره أبراج للمراقبة ومواضع للنبال والسهام. والسور الذي يحيط بالدير من الأسفل مصنوعٌ من الغرانيت، ويصل ارتفاعه إلى حوالي 15 متراً، وهو ذو أضلاع غير منتظمة بسبب التضاريس غير المنتظمة، فهي 117 و80 و77 و66 متراً. وقد قام، نابليون بونابرت، أثناء حملته على مصر بإضافة تحصينات للسور وترميمه.
وكان للدير مدخل أصليّ في الجهة الشمالية، ومدخلان آخران في الجهة الشرقية، وهي بوابات صغيرة، تم استبدالها بأخرى. والمدخل الوحيد للدير حاليّاً هو عبارة عن باب صغير. وكان الزائرون حتى وقت قصير يدخلون الدير عبر رافعة تصعد بهم بواسطة حبال وبكرات يديرها الرهبان من خلف السور.
يوجد داخل السور الكنيسة الكبرى، وتسمى "كنيسة التجلي" التي بنيت في القرن السادس الميلادي، وهي تحفة فنية رائعة الرسوم والزخارف النباتية والحيوانية والألوان. كما توجد كنيسة أخرى مُلاصقة لها من جهتها الشرقية، وخلف المذبح "كنيسة العليقة الملتهبة". وتوجد في الدير غرفة مكتظةٌ بالجماجم البشرية. ولعلها أُنشئت من باب الوعظ بالموت، ومصير الإنسان الحتمي.
ومكتبة الدير تقع جنوب "كنيسة التجلي"، في طابق ثالث من أحد المباني، وهي مُكوّنة من ثلاث غرف في صف واحد. وتحوي المكتبة حوالي ستّة آلاف مخطوط بالإضافة لألف كتاب حديث منها 2319 مخطوط يوناني، 284 مخطوط لاتيني، 600 مخطوط عربي، 86 مخطوطاً بالجورجية، بالإضافة إلى المخطوطات السريانية والقبطية والأثيوبية والسلافية والأمهرية والأرمينية والإنكليزية والفرنسية والبولندية، وهي مخطوطات دينية وتاريخية وجغرافية وفلسفية، وأقدم هذه المخطوطات يعود للقرن الرابع الميلادي.

أما أغرب ما في دير سانت كاترين، فهو المسجد الفاطمي الذي شيّد بداخله. وتختلف التفسيرات في سبب إنشاء هذا المسجد، فهناك من يقول إن الخليفة الفاطمي بناه لحماية الدير من الهجمات الطائفية التي كان يتعرض لها. وهناك من يرى أن الرهبان قاموا ببنائه لكي يتحايلوا على فكرة هدم الدير من الخليفة الفاطمي، وهناك من يرى أن بناءه كان ضمن محاولات الفاطميين السيطرة الإسلامية على المنشآت المسيحية.
يُذكر أن رئيس الدير هو أسقف سيناء، وهو لا يخضع لسلطة أية بطريرك أو مجمع مقدس، ولكن تربطه علاقات وطيدة مع بطريرك القدس.


المساهمون