رغم الفوز في كل المباريات الودية، وتحقيق بطولة سريعة خلال فترة الاستعدادات في الولايات المتحدة الأميركية، إلا أن مانشستر يونايتد سقط على ملعبه في افتتاحية الدوري الإنجليزي للمرة الأولى منذ عام 1972.
قدم سوانزي سيتي مباراة كبيرة واستحق النقاط الثلاث في النهاية، خصوصاً مع نجاحه في إغلاق كافة المنافذ أمام مرماه، واستغل لاعبوه أخطاء دفاعات اليونايتد وسوء الارتداد من جانب لاعبي الارتكاز، فدانت لهم الخطورة والفوز في مباراة كبيرة على مسرح الأحلام، أولد ترافورد.
وكما يُقال دائما إن الانتصار في المباريات غير الرسمية لا قيمة له، وأحياناً يُعطي انطباعا غير حقيقي وشعوراً مبالغاً فيه بالثقة، ولكن الهزيمة في البدايات قبل شهور الحسم وخلال حيز فترة انتقالات الميركاتو، أمر جيد بالنسبة للشياطين الحمر.
لذلك يستطيع المدرب الهولندي، لويس فان جال، وجهازه المساعد اللحاق بركب الكبار ومعالجة نقاط الضعف وتقوية الفريق قبل أن يُصبح التعديل شيئاً مستحيلاً.
الكرة الآن تختلف عن الماضي، وغول اللعبة الحديثة يكتسح الأخضر واليابس، لذلك أصبحت الصفقات القوية لتدعيم خطوط أي فريق، فكرة غير قابلة للنقاش.
وفيما يعرف عن إدارة اليونايتد أنها تهتم كثيراً بالجانب الاقتصادي، ومن الممكن أن تضغط على الفريق رياضياً من أجل كسب مادي جديد، لكن هذه المرة الأمور أصبحت معقدة، والفريق الإنجليزي العريق يحتاج إلى أسماء إضافية، خصوصاً على مستوى الدفاع ومنتصف الملعب.
هل هو ساحر؟
"الرياضة ليست مجرد تقنيات فقط، وإنما فيها الإستراتيجية والعامل الشخصي. وأنا لدي إستراتيجية دائماً". يقول فان جال هذا التصريح حول مباريات التنس التي يلعبها مع زوجته تروس والتي يبدو فيها أنه يسعى للفوز باستمرار، وبالتالي الرجل الذي يريد الانتصار في مباراة تنس، من المؤكد أنه لن يترك الفوز يمر أمام عينيه في مجال عمله الحقيقي.
لكن المدير الفني في النهاية ليس ساحراً أو مجنوناً، بل مجرد عامل مساعد داخل كتيبة النجاح، له دور كبير، بل دور البطل، لكن بدون عوامل نجاح أخرى، لن يصل الفريق أبداً إلى مبتغاه.
وكانت مقولة فان جال طوال مسيرته هي "يمكننا تقوية الفريق بشراء اللاعبين. لكنني لست ذلك المدرب الذي يحب الشراء. أنا مدرب يفضّل تحسين اللاعبين، وأنا قادر على ذلك".
وبالتالي نحن أمام مدرب لا يعشق الشراء كثيراً، وله تجارب سابقة تؤكد ذلك مع برشلونة، ألكامار، أياكس، وبايرن ميونخ. وبالتالي حينما تخرج وسائل الإعلام لتؤكد أن الخال حقاً يريد أسماء ودماء جديدة في صفوف مانشستر، يجب أن تأخذ الإدارة كلامه على محمل الجد، لأنه يتحدث من واقع خبرة كروية عريضة.
تعتمد طرق لعب 3-5-2 / 3-4-1-2 وحتى إذا لعب بـ 4-3-3 / 4-2-3-1، على أسماء قوية لكي تقوم بتنفيذها. ليس هناك خطط ناجحة وأخرى فاشلة، بل الأصح القول بأن هناك خططاً يتم تطبيقها بشكل سليم واحترافي، وأخرى لا.
لذلك يسعى اليونايتد إلى التعاقد مع قلب دفاع جديد، لكي يصبح الفريق قادراً على اللعب برباعي خلفي صريح، أو ثلاثية الدفاع كما فعلها لويس فان جال مع هولندا ثم مانشستر خلال فترة الإعداد.
ومع المدافع، هناك حاجة ماسة إلى لاعب ارتكاز آخر في ظل عدم عودة فليتشر إلى مستواه وتعدد إصابات كاريك. والتعاقد الأهم على الإطلاق، إضافة لاعب ثالث على المستوى الهجومي، يجيد اللعب على الأطراف وفي العمق من أجل زيادة الوفرة الفنية في الثلث الأخير من الملعب.
يمتاز واين روني فقط بهذه الميزة، وفي ظل عدم وجود جناح حقيقي يمتاز بالمستوى الكبير، تبدو حاجة مانشستر كبيرة إلى اسم فعّال في أمتار الحسم بالمستطيل الأخضر.
مفاجأة الموسم
قدم الأرجنتيني الطائر أنخل دي ماريا مستوى عظيماً مع ريال مدريد خلال الموسم الماضي، واستحق أن يكون نجم الفريق من وجهة نظر عدد كبير من المتابعين والخبراء، نظراً للدور المحوري الذي لعبه مع كتيبة المدرب الإيطالي الخبير، كارلو أنشيلوتي.
شارك أنخل في مركز غير معتاد عليه بالسنوات الأخيرة، الأرجنتيني يلعب كثيراً كجناح أيمن صريح من أجل الدخول إلى العمق، لكن مؤخراً بدأ يشارك رفقة بيل ورونالدو وبنزيمة.
أعتقد أن دي ماريا يلعب في الوسط كلاعب ثالث، لكن توظيف دي ماريا في الطريقة الجديدة أشبه بالجناح المركزي القادر على شغل مكانين في آن واحد، لاعب ارتكاز هجومي صريح، بالإضافة إلى جناح وساعد على الأطراف.
دي ماريا هنا لاعب جناح لكنه يدخل إلى عمق الوسط الهجومي من أجل ملء الفراغ في منطقة الوسط الضعيفة في خطة 4-2-2-2، وبالتالي هو أقرب إلى الجناح الوهمي، أي اللاعب الذي يتمركز على الطرف لكنه يلعب في كل مكان بالملعب.
وخلال مباراة الكلاسيكو 3-4 في البرنابيو في بطولة الدوري، لعب أنخل في الوسط لكنه ينطلق إلى الأطراف أثناء التحولات من أجل ضرب دفاع برشلونة عن طريق الأجنحة، ونجح في صناعة هدفين رائعين لهجوم النادي الملكي، وبالتالي هو عنصر رئيسي في الجمع بين طريقتي لعب 4-3-3 / 4-4-2.
مانشستر ودي ماريا
يحتاج اليونايتد إلى لاعب من هذا النوع الذي يعطي تشكيلة فان جال العمق الهجومي المطلوب، لأنه يستطيع اللعب في منطقة الوسط كصانع لعب ولاعب مساند، بالإضافة إلى تحوله للأطراف وصناعته للفرص من الخط.
في طريقة لعب 3-4-1-2، من الممكن أن يكون هو اللاعب الحر تحت المهاجم الصريح على طريقة ثنائية أريين روبن وروبين فان بيرسي الشهيرة في كأس العالم بالبرازيل 2014.
كذلك من الممكن اللعب بثلاثي صريح في منطقة الوسط، ثنائي محوري يدافع ويهاجم مع دي ماريا، اللاعب الثالث الذي يربط تركيبات المنتصف بالعمل الهجومي الأخير، ووقتها يستطيع فان جال التحول إلى 4-3-3 صريحة أو 3-4-3 على طريقة أياكس التسعينيات.
باختصار، سيسهل دي ماريا كثيراً من مهام اليونايتد الهجومية، خلال موسم صعب في الدوري الإنجليزي.
الوضع في ريال مدريد يسمح للأرجنتيني بالخروج، قدوم جيمس رودريجز وحصوله على مقعد أساسي بالتشكيلة الرئيسية مع وضع كروس ومودريتش في الوسط، كلها عوامل تُرّجح كفة رحيل الريشة اللاتينية.
حاول باريس سان جيرمان لكن المقابل المادي كان عائقا، ومانشستر يحتاج إلى دماء جديدة، لذلك عليه الدخول بقوة في السوق الصيفية حتى آخر يوم، لأن الفرصة لن تتكرر مرة أخرى.