ولتفادي مثل هذه النتيجة، من غير المستبعد أن يسارع الرئيس باراك أوباما، إلى اتخاذ إجراءات يدلّل بها على قوته، ويبعد عن حزبه تهم الضعف والتواني والإنكفاء، وبالتالي يكون تنظيم "داعش" قد ساعده على تنفيذ خططه بما يقدمه من مشاهد رعب وإرهاب بالصوت والصورة.
وبدا الرد الفعل الأولي لأوباما على جريمة الذبح ضبابياً، إذ اكتفى بالتشديد على أن بلاده "لن ترضخ لترهيب" تنظيم "الدولة الاسلامية". كما اكتفى بالتنديد "بعمل عنف رهيب"، في إشارة إلى التسجيل المصور، جازماً بأن هدف واشنطن هو "ألا يبقى تنظيم داعش يشكل تهديداً للمنطقة، لكن هذا الامر سيستغرق وقتاً، ولا يمكن أن يتم الا بتعاون وثيق مع شركاء في المنطقة"، في إشارة إلى مشروع إنشاء تحالف دولي سبق أن تحدث عنه أوباما قبل أيام، وقرر إرسال وزير خارجيته، جون كيري، إلى المنطقة للاتفاق على خطوطه العريضة. ويبدو أن الاستنفار الأميركي بلغ مرحلة متقدمة، بدليل أن البيت الابيض أعلن أن أوباما سيجري مشاورات، شخصياً، مع دول حلف الاطلسي، خلال قمة اليوم الخميس وغداً الجمعة في ويلز، "لتطوير تحالف دولي بهدف وضع استراتيجية" في الحرب ضد التنظيم. وأوباما، الذي أعلن، يوم الخميس الماضي، أن "ليس لديه استراتيجية" بعد لمواجهة "داعش" التي يصفها بـ"السرطان"، أمر يوم الثلاثاء بإرسال نحو 350 جندياً إضافياً الى بغداد لحماية الدبلوماسيين الاميركيين في العاصمة العراقية، ما سيرفع الوجود الاميركي هناك الى أكثر من ألف عنصر.
وفي الوقت الذي قد يؤدي فيه هذا الشريط المصور إلى ترسيخ وجهة نظر المتشددين الأميركيين المناوئين لإدارة الرئيس أوباما، بأن الرجل غير قادر على مواجهة الأخطار الخارجية، فليس من المستبعد أن يؤدي الحدث ذاته إلى نتيجة عكسية تزيل هذا الانطباع عنه، وذلك بتسهيل تنفيذ وإنجاح أي خطط يعدّ لها لمواجهة "داعش" ميدانياً، سواء في سورية أو العراق. وبالنظر إلى اقتراب موعد الانتخابات النصفية، فقد لا يسبق تنفيذ الخطط أي إعلان تمهيدي مثلما جرى في استهداف قيادات موالية لـ"القاعدة" في الصومال، في تحرك أميركي لم يُعرف به إلا بعد سقوط مروحية أميركية في خليج عدن، وانقاذ ملاحيها و17 من جنود المارينز كانوا على متنها قبل سنوات.
تجدر الإشارة إلى أن الرئيس الأميركي السابق، جورج بوش الابن، استفاد كثيراً في حملاته الانتخابية من تسجيلات الفيديو الخطابية التي كان يبثها زعيم تنظيم "القاعدة" أسامة بن لادن، لإعادة انتخابة لفترة رئاسية ثانية في 2004، متغلباً بذلك على منافسه في تلك الفترة، وزير الخارجية الحالي والسيناتور الديمقراطي حينها جون كيري. واتهم الجمهوريون في حملاتهم الانتخابية لإنجاح بوش، منافسه كيري بالضعف والتردد في اتخاذ القرار. ويبدو أن الجمهوريين يستغلون ذاكرة الأميركيين عن وزير خارجية أوباما الحالي، ليرسخوا الانطباع السائد عن تردد أوباما وضعف سياسته الخارجية رغم الحزم والقوة اللذين يبديهما في القضايا الداخلية.