طبعاً، يجري إرجاع هذا الاهتمام إلى "القدرات السحرية" للجوائز في جلب الأضواء. لكن، لا يبدو هذا السبب سوى قشرة لما هو أكثر عمقاً، ففي عوالم هذه الروايات التي تطلّ علينا متواترة، مثل "مكينة السعادة" لكمال الزغباني و"الكيتش" للصافي سعيد و"باغندا" لشكري المبخوت، نتبيّن ارتباطات جديدة للنصوص مع واقع/ تاريخ تونسي يَظهر أنه نفض عنه أخيراً غبار المعارك الوهمية التي غرق فيها سنوات.
في هذه اللحظة، تظهر الرواية بقدرات موسّعة لتقديم إشباعاتٍ للقارئ لا تملكها وسائل إبداعية ومعرفية أخرى، في ظل ضعف إمكانيات الإنتاج في فنون أخرى (السينما خصوصاً) وكون الجهاز العلمي (مؤرّخون وعلماء اجتماع ونفس وغيرهم) لا يزال يعمل ببطء.
تتجاسر الرواية على تصفية الحسابات مع الواقع، بما يُفضي إلى بناء علاقات جديدة وتصوّرات جديدة. إنها عبارة عن نصٍّ موازٍ لسردية تاريخ تونسي يبدو وكأنه وجد أخيراً طريقاً للتبلور في أذهان مجموعة من الروائيين، بعد أن كان "ذرّات من الغبار" على حدّ عبارة الرئيس التونسي الأسبق الحبيب بورقيبة.