بدأ الفنان الراحل صلته بالإبداع من بوابة الأدب حيث كتب نصوصه القصصية في الأربعينيات ضمن ما نشرته "جماعة الوقت الضائع" حينها إلى جانب قصائد بلند الحيدري، ليصدر مجموعتيه الأولى بعنوان "أشياء تافهة" عام 1950، والثانية "فيض" في السنة اللاحقة، ليتبعها بمسرحية "اللون المقتول" (1953)، ثم ترجمة لمسرحية "الصبي الحالم" للكاتب الأميركي أوجين أونيل.
تخرّج نزار سليم عام 1952 من كلية الحقوق، ليلتحق بعدها بـ"معهد الفنون الجميلة" لمدّة ثلاث سنوات، لكنه لم يكمل دراسته بسبب تعيينه في السلك الدبلوماسي حيث تنقّل بين مدن عديدة منها بون التي أقام فيها معرضه الشخصي الأول سنة 1955، لينظّم معرضه الثاني في العاصمة العراقية، والذي تلاه معارض عديدة أقيمت معظمها في الخارج.
انتقل في مطلع السبعينيات إلى الصين حيث أمضى فيها ثلاث سنوات وتعلّم لغتها التي ترجم عنها أعمالاً مسرحية عديدة من فن التاتنزو والأوبرا والفن المسرحي المعاصر ضمنها كتابه "من المسرح الصيني"، إلى جانب مجموعة من اللوحات المائية والزيتية والحفر على خشب "اللينوليوم"، مع عدد كبير من التخطيطات والكاريكاتورات التي تمثّل الحياة والطبيعة والناش الذي عرفهم هناك.
تنوّعت اهتمامات سليم كما تبرزها أعماله التي هيمنت الطبيعة على كثير منها، إلى جوار توثيقه لجوانب من الحياة اليومية البغدادية في رسومات بدت أكثر اختزالاً وتقشّفاً في اللون، وتبسيطاً في المساحات والتكوين العام، مع استعارته العديد من الموتيفات الشعبية والعناصر الزخرفية، مستعرضاً الأسواق والمهن وجلسات الشاي في البيوت والعديد من المشاهد المنزلية.
قدّم أيضاً رسومات كاريكاتير في مراحل مختلفة من مشواره، ركّز خلالها على الواقع الاجتماعي والسياسي والاقتصادي، وترك كتاباً في الكاريكثر وأكثر من ألفي رسمة، كما نفّذ منحوتات ضمن ثيمات مختلفة تاثّر في بعضها بتجربة شقيقه جواد وبتقاليد "جماعة بغداد للفن الحديث" التي أرست مفاهيم الحداثة في المشهد التشكيلي العراقي برمّته.
رغم أن سليم لا يتمايز عن جيله من الذين درسوا في الأكاديميات المحلية والغربية، والتزموا بمعاييرها المنضبطة في الرسم، إلا أنه استطاع أن يقدّم تجربة لافتة في مسارات إبداعية متعدّدة، وظلّ فاعلاً في الحياة الثقافية العراقية حتى رحيله بداية ثمانينيات القرن الماضي.