تجري في الكويت عملية إعادة تقييم للأشخاص ذوي الإعاقة، للكشف عن مزيفين محتملين لإعاقتهم، يستفيدون من التقديمات الحكومية، لكنّها تثير اعتراض الأشخاص ذوي الإعاقة بالذات
تواصل الهيئة العامة لشؤون الأشخاص ذوي الإعاقة في الكويت حملتها ضد من وصفتهم بـ"مدعي الإعاقة"، الذين "زوروا" في وقت سابق ملفاتهم وفحوصهم الطبية "زاعمين" أنّ لديهم إعاقة، وذلك رغبة منهم في الحصول على المميزات المالية والخدماتية التي يحظى بها الأشخاص ذوو الإعاقة في الكويت، وفقاً للقانون، وسط اعتراض من الأشخاص ذوي الإعاقة، ممن قالوا إنّ الهيئة تبالغ في تصوير الاحتيال في هذا الملف، مشيرة إلى أنّها ساهمت في حربها غير المبررة بتعطيل ملفات الآلاف منهم.
وساهمت الخلافات حول إدارة ملف "مدعي الإعاقة" بإسقاط وزيرة الشؤون الاجتماعية والعمل، غدير أسيري، من منصبها بعد أقل من شهر على توليها المنصب الوزاري في منتصف شهر ديسمبر/ كانون الأول الماضي، وذلك عقب قيامها بتجميد صلاحيات مديرة الهيئة العامة لشؤون الأشخاص ذوي الإعاقة، شفيقة العوضي، بسبب ما وُصف بانتهاكات في التعامل مع ملفات الإعاقة، ووجود تشدد غير مبرر تجاه الأشخاص ذوي الإعاقة.
وقرر النواب الليبراليون الانتصار لمديرة الهيئة التي جمدت الوزيرة صلاحياتها، والوقوف مع الاستجواب الذي قدمه النائب الإسلامي المستقل عادل الدمخي، ما أدى في نهاية المطاف إلى استقالة الوزيرة بعد عدم تمكنها من تأمين أصوات كافية لتأييدها. وقال النائب يوسف الفضالة، إنّ وقف صلاحيات مديرة الهيئة شفيقة العوضي جاء كمحاولة من الوزيرة لشراء ولاء بعض النواب الذين تملك قواعدهم الانتخابية ملفات عالقة داخل الهيئة، وهو ما يستدعي تأييد استجوابها. وقرر وزير الشؤون الاجتماعية والعمل الجديد، وليد الجاسم، إعادة الصلاحيات كافة لمديرة الهيئة العامة لشؤون الأشخاص ذوي الإعاقة، بما فيها صلاحياتها في ملف "مدعي الإعاقة".
اقــرأ أيضاً
وجرى تأسيس الهيئة العامة لشؤون الأشخاص ذوي الإعاقة كهيئة مستقلة عن وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل وفقاً لقانون الأشخاص ذوي الإعاقة الذي صدر عام 2010، والذي يتضمن مميزات مادية للأشخاص ذوي الإعاقة، كما يتضمن تشدداً قانونياً على "مدعي الإعاقة" ممن بقوا سنوات قبل إنشاء الهيئة يستفيدون من البيروقراطية الكبيرة لدى وزارات الدولة ويتمكنون من الحصول على مبالغ مادية كبيرة من دون استحقاقهم لها. وبدأت الهيئة فعلاً في مشروع إعادة فحص الملفات الخاصة بجميع الأشخاص ذوي الإعاقة المسجلين فيها، والذين يبلغ عددهم 50 ألفاً، وهو ما تسبب بارتباك كبير وتعطيل للمزايا المالية الممنوحة لآلاف الأشخاص ذوي الإعاقة، ممن تشك الهيئة في استحقاقهم لها، إذ تشترط لعودة المنح المالية لهم دخولهم إلى لجنة التقييم والفحص، التي غالباً ما تتأخر مواعيدها بسبب الضغط الحاصل عليها.
لكنّ الكثير من الأشخاص ذوي الإعاقة يقولون إنّ المعركة التي تخوضها الهيئة ضد مدعي الإعاقة الذين لا يتجاوز عددهم العشرات قد أضرت بالأشخاص ذوي الإعاقة ممن تحملوا عناء الوقوف أمام لجان إعادة التقييم التي شككت في إعاقتهم وعطلت منحهم المالية وأصابتهم بالقلق.
يقول محمد ظافر العجمي، وهو مواطن كويتي ذو إعاقة، وقعت إعاقته بفعل حادث سيارة أصيب به قبل سنوات، لـ"العربي الجديد"، إنّ هيئة الإعاقة تسببت بإجباره على الاقتراض بعدما أوقفت ملفه شهوراً عدة بحجة إعادة فحصه، بالرغم من أنّه يحتاج إلى الدفعات المالية التي تقدمها له الهيئة كي يدفع راتب السائق الخاص به والممرضة التي تتولى رعايته داخل المنزل، بالإضافة إلى تكاليف العلاج الطبيعي الذي يحصل عليه طوال العام. يضيف العجمي لـ"العربي الجديد": "فور دخولي إلى اللجنة، لم يتطلب الأمر أكثر من ثوانٍ معدودة للتأكد من إعاقتي، لكن من يدفع ثمن التأخير الذي عانيته والأموال التي خسرتها والقلق الذي عشته طوال شهور؟".
الوضع لم يكن كذلك بالنسبة لآخرين من الأشخاص ذوي الإعاقة، إذ يقول أحمد ناجي، وهو مواطن كويتي ذو إعاقة سمعية، إنّ الهيئة العامة لشؤون الأشخاص ذوي الإعاقة حذفت اسمه من كشوف الإعاقة، ثم استدعي إلى لجنة طبية حكمت في غضون دقائق قليلة بعدم وجود حتى إعاقة خفيفة في السمع، ولم تترك له فرصة للتظلم.
اقــرأ أيضاً
يتجه الأشخاص ذوو الإعاقة الذين حذفتهم الهيئة من كشوفها أو خفضت درجة إعاقتهم من شديدة إلى متوسطة أو ضعيفة، ما يعني تقليل المزايا المادية الممنوحة، إلى القضاء، إذ يطلب أكثر من 50 متضرراً الحصول على أحكام نهائية ضد هيئة الإعاقة بضرورة إعادة تسجيلهم في كشوفها وتمكينهم من الحصول على المنح المالية الخاصة بالأشخاص ذوي الإعاقة بأثر رجعي. ويقول المحامي سعود المطيري، الذي ترافع في قضيتين منفصلتين ضد الهيئة العامة للأشخاص ذوي الإعاقة، لـ"العربي الجديد": "ما تقوم به الهيئة منذ عام 2015 مجرد فرقعة إعلامية وحرب لا داعي لها، ففي نهاية الأمر اكتشفنا أنّ عدد مزوري الإعاقة الذين أحيلوا إلى النيابة وصدرت في حقهم أحكام نهائية أثبتت تزويرهم، لا يتجاوز 15 حالة فقط، من أصل 50 ألف حالة مسجلة لدى الهيئة". يتابع: "هل يعقل أن تتجمد مصالح 50 ألف شخص ذوي إعاقة من أجل كشف 15 شخصاً يدّعون الإعاقة؟ ألم يكن من الأولى محاسبة اللجان التي أعطتهم شهادات إثبات إعاقة منذ البداية؟".
في المقابل، قالت مديرة الهيئة العامة لشؤون الأشخاص ذوي الإعاقة، شفيقة العوضي، إنّ الهيئة كشفت 1000 حالة تزوير إعاقة، وأكثر من 2500 حالة جرى تخفيض الإعاقة فيها من شديدة إلى متوسطة، واسترجعت مبالغ وصلت إلى ملايين الدنانير من المئات من "مدعي الإعاقة" أخذوها طوال سنوات من دون وجه حق، وإنّ لجان إعادة التقييم تعقد بواسطة أطباء مشهود لهم بالكفاءة والنزاهة، وبتوقيع نهائي من عميد كلية الطب في جامعة "الكويت". وأكدت العوضي أنّ هناك من ينظر إلى الإعاقة كميزة للحصول على أكبر قدر من الفوائد، وهو أمر لا يمكن السماح به بتاتاً، لأنّه تضييع للأموال العامة.
وساهمت الخلافات حول إدارة ملف "مدعي الإعاقة" بإسقاط وزيرة الشؤون الاجتماعية والعمل، غدير أسيري، من منصبها بعد أقل من شهر على توليها المنصب الوزاري في منتصف شهر ديسمبر/ كانون الأول الماضي، وذلك عقب قيامها بتجميد صلاحيات مديرة الهيئة العامة لشؤون الأشخاص ذوي الإعاقة، شفيقة العوضي، بسبب ما وُصف بانتهاكات في التعامل مع ملفات الإعاقة، ووجود تشدد غير مبرر تجاه الأشخاص ذوي الإعاقة.
وقرر النواب الليبراليون الانتصار لمديرة الهيئة التي جمدت الوزيرة صلاحياتها، والوقوف مع الاستجواب الذي قدمه النائب الإسلامي المستقل عادل الدمخي، ما أدى في نهاية المطاف إلى استقالة الوزيرة بعد عدم تمكنها من تأمين أصوات كافية لتأييدها. وقال النائب يوسف الفضالة، إنّ وقف صلاحيات مديرة الهيئة شفيقة العوضي جاء كمحاولة من الوزيرة لشراء ولاء بعض النواب الذين تملك قواعدهم الانتخابية ملفات عالقة داخل الهيئة، وهو ما يستدعي تأييد استجوابها. وقرر وزير الشؤون الاجتماعية والعمل الجديد، وليد الجاسم، إعادة الصلاحيات كافة لمديرة الهيئة العامة لشؤون الأشخاص ذوي الإعاقة، بما فيها صلاحياتها في ملف "مدعي الإعاقة".
وجرى تأسيس الهيئة العامة لشؤون الأشخاص ذوي الإعاقة كهيئة مستقلة عن وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل وفقاً لقانون الأشخاص ذوي الإعاقة الذي صدر عام 2010، والذي يتضمن مميزات مادية للأشخاص ذوي الإعاقة، كما يتضمن تشدداً قانونياً على "مدعي الإعاقة" ممن بقوا سنوات قبل إنشاء الهيئة يستفيدون من البيروقراطية الكبيرة لدى وزارات الدولة ويتمكنون من الحصول على مبالغ مادية كبيرة من دون استحقاقهم لها. وبدأت الهيئة فعلاً في مشروع إعادة فحص الملفات الخاصة بجميع الأشخاص ذوي الإعاقة المسجلين فيها، والذين يبلغ عددهم 50 ألفاً، وهو ما تسبب بارتباك كبير وتعطيل للمزايا المالية الممنوحة لآلاف الأشخاص ذوي الإعاقة، ممن تشك الهيئة في استحقاقهم لها، إذ تشترط لعودة المنح المالية لهم دخولهم إلى لجنة التقييم والفحص، التي غالباً ما تتأخر مواعيدها بسبب الضغط الحاصل عليها.
لكنّ الكثير من الأشخاص ذوي الإعاقة يقولون إنّ المعركة التي تخوضها الهيئة ضد مدعي الإعاقة الذين لا يتجاوز عددهم العشرات قد أضرت بالأشخاص ذوي الإعاقة ممن تحملوا عناء الوقوف أمام لجان إعادة التقييم التي شككت في إعاقتهم وعطلت منحهم المالية وأصابتهم بالقلق.
يقول محمد ظافر العجمي، وهو مواطن كويتي ذو إعاقة، وقعت إعاقته بفعل حادث سيارة أصيب به قبل سنوات، لـ"العربي الجديد"، إنّ هيئة الإعاقة تسببت بإجباره على الاقتراض بعدما أوقفت ملفه شهوراً عدة بحجة إعادة فحصه، بالرغم من أنّه يحتاج إلى الدفعات المالية التي تقدمها له الهيئة كي يدفع راتب السائق الخاص به والممرضة التي تتولى رعايته داخل المنزل، بالإضافة إلى تكاليف العلاج الطبيعي الذي يحصل عليه طوال العام. يضيف العجمي لـ"العربي الجديد": "فور دخولي إلى اللجنة، لم يتطلب الأمر أكثر من ثوانٍ معدودة للتأكد من إعاقتي، لكن من يدفع ثمن التأخير الذي عانيته والأموال التي خسرتها والقلق الذي عشته طوال شهور؟".
الوضع لم يكن كذلك بالنسبة لآخرين من الأشخاص ذوي الإعاقة، إذ يقول أحمد ناجي، وهو مواطن كويتي ذو إعاقة سمعية، إنّ الهيئة العامة لشؤون الأشخاص ذوي الإعاقة حذفت اسمه من كشوف الإعاقة، ثم استدعي إلى لجنة طبية حكمت في غضون دقائق قليلة بعدم وجود حتى إعاقة خفيفة في السمع، ولم تترك له فرصة للتظلم.
يتجه الأشخاص ذوو الإعاقة الذين حذفتهم الهيئة من كشوفها أو خفضت درجة إعاقتهم من شديدة إلى متوسطة أو ضعيفة، ما يعني تقليل المزايا المادية الممنوحة، إلى القضاء، إذ يطلب أكثر من 50 متضرراً الحصول على أحكام نهائية ضد هيئة الإعاقة بضرورة إعادة تسجيلهم في كشوفها وتمكينهم من الحصول على المنح المالية الخاصة بالأشخاص ذوي الإعاقة بأثر رجعي. ويقول المحامي سعود المطيري، الذي ترافع في قضيتين منفصلتين ضد الهيئة العامة للأشخاص ذوي الإعاقة، لـ"العربي الجديد": "ما تقوم به الهيئة منذ عام 2015 مجرد فرقعة إعلامية وحرب لا داعي لها، ففي نهاية الأمر اكتشفنا أنّ عدد مزوري الإعاقة الذين أحيلوا إلى النيابة وصدرت في حقهم أحكام نهائية أثبتت تزويرهم، لا يتجاوز 15 حالة فقط، من أصل 50 ألف حالة مسجلة لدى الهيئة". يتابع: "هل يعقل أن تتجمد مصالح 50 ألف شخص ذوي إعاقة من أجل كشف 15 شخصاً يدّعون الإعاقة؟ ألم يكن من الأولى محاسبة اللجان التي أعطتهم شهادات إثبات إعاقة منذ البداية؟".
في المقابل، قالت مديرة الهيئة العامة لشؤون الأشخاص ذوي الإعاقة، شفيقة العوضي، إنّ الهيئة كشفت 1000 حالة تزوير إعاقة، وأكثر من 2500 حالة جرى تخفيض الإعاقة فيها من شديدة إلى متوسطة، واسترجعت مبالغ وصلت إلى ملايين الدنانير من المئات من "مدعي الإعاقة" أخذوها طوال سنوات من دون وجه حق، وإنّ لجان إعادة التقييم تعقد بواسطة أطباء مشهود لهم بالكفاءة والنزاهة، وبتوقيع نهائي من عميد كلية الطب في جامعة "الكويت". وأكدت العوضي أنّ هناك من ينظر إلى الإعاقة كميزة للحصول على أكبر قدر من الفوائد، وهو أمر لا يمكن السماح به بتاتاً، لأنّه تضييع للأموال العامة.