وقال بن زيد: "بناءً على طلب دولة الكويت، إن على رؤساء البرلمانات العربية اتخاذ إجراءات، وليس مجرد أحاديث تُقال اليوم، وتطير غداً"، متابعاً "لن تكون لنا قائمة إذا ما تخلّينا عن دورنا في التضامن مع الشعب الفلسطيني، ودعمه حتى يتمكّن من الصمود أمام الاحتلال".
وأضاف بن زيد أن الدفاع عن القدس هو "حق على جميع العرب"، مشيراً إلى أهمية "عدم ترك أي وسيلة إلا وتجربتها، من الدخول في مفاوضات، إلى اللجوء للمحافل الدولية، مع ضرورة نبذ الخلافات بين العرب كدول وحكومات، وكذلك بين الفلسطينيين، بهدف تعزيز دعم الشعب الفلسطيني، ورفع الحصار عنه، حتى يتمكّن من إقامة دولته المشروعة".
وتابع "نقف أمام منعطف تاريخي للقضية الفلسطينية، في ظل ما نشهده اليوم، وما يعانيه أهلنا في فلسطين، على وقع نقل السفارة الأميركية إلى القدس، والحصار الظالم، وقانون اليهودية القومية المكرّس للعنصرية والتمييز".
ولفت رئيس مجلس الشورى القطري إلى تضمّن الوثيقة المرجعية الصادرة عن الاتحاد البرلماني العربي، إبان تولّي المغرب رئاسته، عدداً من القرارات الجوهرية والأساسية، التي غابت عن البيان الختامي للجلسة الطارئة في القاهرة، مثل التوأمة بين المدن العربية والقدس، وتحية صمود الشعب الفلسطيني، حتى لا يُفهم كتراجع عن الموقف العربي، الذي تم اتخاذه في المملكة المغربية في الاجتماع السابق.
من جهته، قال رئيس المجلس الوطني السوداني، إبراهيم أحمد عمر، إن السودان يعتزّ بدعمه للقضية الفلسطينية منذ قديم الأزل، من خلال مشاركته في حرب 1948، وإصداره قانوناً يجرّم أي تعامل مع الكيان الصهيوني في عام 1957، وصولاً إلى الرفض الكامل للقرار الأميركي الأخير بشأن نقل سفارة واشنطن من تل أبيب إلى القدس.
وأضاف عمر أن "قضية فلسطين ستظلّ قضية مركزية ومحورية للعرب جميعاً، في الوقت الذي يستمرّ فيه الكيان الصهيوني في ارتكاب جرائم القتل والاعتقال، وسط ردود أفعال عربية ليست على المستوى المطلوب، وذلك مع تدبير مؤامرة خطيرة تهدف إلى تراجع القضية الفلسطينية من صدارة الاهتمام من قبل العرب".
ولفت إلى أنه بالتوازي مع هذه التحركات، تحدّت الإدارة الأميركية بشكل سافر القانون والشرعية الدولية، من خلال قرارها الخاص بنقل سفارتها، مشيراً إلى أنها اختارت أن تكون جزءاً من المشكلة، وخسرت دور الوسيط "النزيه" في عمليه السلام، بعدما شرعت في ابتزاز مشاعر الملايين من المسلمين من خلال قرار يعدّ باطلاً شكلاً ومضموناً.
وأشار عمر إلى ضرورة استغلال العرب حالة الرفض الدولي الكبير للقرار الأميركي، والعمل على التصدي لدولة الاحتلال الإسرائيلي، وفضحها أمام العالم، منبّهاً إلى أن أميركا اعتمدت في قرارها الأخير على قانون صدر في عام 1995، ومن ثم على العرب العمل معاً من أجل الضغط على "الكونغرس" لإلغائه، وعدم الاكتفاء بإظهار الإدانات من دون خطة وبرنامج عمل ضدّ دولة الاحتلال.
تصعيد غير مسبوق
من جهته، قال أمين سر المجلس الوطني الفلسطيني، محمد صبيح، إن الشعب الفلسطيني يتعرّض لحرب شرسة ومفتوحة، خصوصاً بعد قرار الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، بنقل سفارة بلاده إلى القدس، الأمر الذي يشكّل عقبة أمام مساعي السلام، وإصرار نحو اتخاذ خطوات تصعيد غير مسبوقة ضد الشعب الفلسطيني، بالضغط على دول العالم لنقل سفاراتها هي الأخرى للقدس.
وأضاف صبيح أن "الاستجابة لدعوات ترامب كانت محدودة جداً، وهو ما دفع إسرائيل لشن حرب تطهير عرقية ضد الفلسطينيين، خاصة بمنطقة الخان الأحمر الفلسطينية، شرقي القدس، مستغلة القرار الأميركي"، متابعاً "القدس تتعرّض لاعتداءات صارخة يومية بحماية قوات الأمن الإسرائيلي، وللأسف يتم ذلك بشكل وحشي أمام مسمع ومرأى العالم".
وأشار كذلك إلى أن "الكنيست الإسرائيلي يدعم هذه الحرب بسن تشريعات مخالفة للقوانين، والاتفاقيات الدولية، وكان آخرها قانون الدولة القومية اليهودية، الذي يصف البلاد بأنها دولة يهودية بشكل رئيسي، وهو ما يُمهد لحرب دينية"، مشدداً على أن القيادة الفلسطينية تبذل أقصى ما يمكن لإنجاح المصالحة الفلسطينية.
صفقة القرن
ولفت صبيح إلى أن فلسطين ترفض أي صفقات تكون بعيدة عن إنشاء دولة فلسطين، إذ إن فكرة إنشاء دولة في غزة بجزء من سيناء كلها مخططات هدفها التفرقة بين العرب، مختتماً بالقول إنه "يشعر بالفخر والإعزاز من خلال الوجود داخل البرلمان المصري، بالتزامن مع ذكرى ثورة (حركة) 23 يوليو/ تموز 1952، التي كانت أحد أركان طرد الاستعمار"، على حد قوله.
بدوره، قال عضو البرلمان اللبناني، ميشال موسى، إن المبادرة لعقد الاجتماع الطارئ - حتى ولو جاءت متأخرة - فإنها ضرورة لترتيب الأولويات، وعدم تقديم أية ملفات على القدس والقضية الفلسطينية، مشيراً إلى أن أي حل للواقع المتأزم في الشرق الأوسط سيكون مستحيلاً، إذا لم يتعلق بالحل الشامل والعادل للقضية الفلسطينية، وتحرير الأراضي العربية المحتلة.
ودعا موسى إلى انعقاد مفتوح للاتحاد البرلماني العربي لمتابعة التطورات في فلسطين، وجولات المبعوثين الذين يجوبون المنطقة لإرساء "صفقة القرن"، منتقداً التأخر في الموقف العربي إزاء القرار الأميركي بنقل سفارة الولايات المتحدة إلى القدس، على اعتبار أنه يعد تخلياً عن عملية السلام الشامل، والإيذان بتنفيذ الصفقة التي يرعاها ترامب.
وأضاف "تأخرنا كعرب برد الفعل عن الفعل، في وقت تواصل فيه إسرائيل مناوراتها في هضبة الجولان، وتستعد لإشعال الشرق الأوسط، علاوة على تصويت الكنيست الإسرائيلي على قانون الدولة القومية اليهودية، الذي يمثل إعلاناً للحرب على كل مكونات الشعب الفلسطيني".
كذلك لفت النائب اللبناني إلى أن "الانتهاكات الإسرائيلية الممنهجة وصلت إلى 124 عدواناً هذا العام، حتى شهر مايو/أيار الماضي، إلى جانب صياغة الكنيست لعدد من التشريعات، من أبرزها منع تصوير جنود الاحتلال أثناء اقتحام الأقصى، وتسريع هدم البيوت، وإخضاع الضفة للسيادة الإسرائيلية"، محذراً من أن إسرائيل لن تتوانى في لحظة ما عن تفجير المسجد الأقصى، إذا ما اقتصرت ردود الفعل على "الإدانة".
ودعا كذلك إلى عدم خضوع موقف الاتحاد البرلمان العربي إلى ضرورات الحكومات، وتبني تعليق كافة العلاقات العربية الرسمية مع إسرائيل، ومقاطعة بضائع الدول التي تقبل على نقل سفاراتها إلى القدس، ودعم كافة أنماط السلطات العربية والمنظمات التي تحمل اسم القدس، وسحب الاعتراف العربي بإسرائيل، ووقف جميع مظاهر التطبيع، وإنشاء صندوق برلماني برقم حساب معروف يخصص لدعم المؤسسات البرلمانية الفلسطينية.
موقف المتفرج
إلى ذلك، أعلن رئيس الوفد الصومالي، سعيد محمد محمود، دعم بلاده لجميع القرارات الداعمة للقضية الفلسطينية، والرامية إلى رفع معاناة الشعب الفلسطيني، وفك الحصار عنه، واسترداد أرضه، وحقوقه المشروعة.
وحذّر نائب رئيس مجلس النواب المغربي، محمد والزين، من وقوف المجتمع العربي موقف المتفرج على جرائم الاحتلال التي ترتكب بحق الفلسطينيين، وما تضمنته من اعتداءات وحشية، ومجازر بحق الشعب الفلسطيني الأعزل، مشدداً على ضرورة وجود تحرّك برلماني، وفق برنامج متفق عليه، في مواجهة سلطة الاحتلال، والقرار الأحادي الخاص بنقل السفارة الأميركية من تل أبيب إلى القدس.
وأفاد والزين بأن قضية القدس ستظلّ قضية الوطن التي تتطلّب التعبئة من الجميع، وعدم القبول بالاندفاع الأهوج من جانب الاحتلال الإسرائيلي تجاه الشعب الفلسطيني، وهو ما يتطلّب تحركاً لنصرة القضية الفلسطينية، والحفاظ على الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني.
البيان الختامي
وشدّد البيان الختامي للاجتماع على رفض قرار الإدارة الأميركية بنقل سفارتها إلى القدس، معتبراً أن الولايات المتحدة لم تعد طرفاً راعياً حيادياً لعملية السلام، بل طرفاً منحازاً فقد المصداقية والشفافية في دوره كوسيط فيها، داعياً في الوقت ذاته الشعوب العربية إلى نبذ الخلافات، وزيادة الدعم المقدم للشعب الفلسطيني، والحيلولة دون أية تدخلات أجنبية تعوق محاولات بناء الوحدة العربية.
ودان البيان الختامي لرؤساء البرلمانات العربية الممارسات الإسرائيلية ضد الشعب الفلسطيني من هدم واعتقالات من دون حق، باعتبار أنها ممارسات تُهدد عملية السلام، مستنكراً سياسة الاعتداء على الأراضي الفلسطينية من قبل الإسرائيليين، واستمرار عمليات التهجير القسري، التي تضرب بالاتفاقيات والقوانين الدولية عرض الحائط، في إطار سياسة توسعية ممنهجة.
وأعرب الاتحاد البرلماني العربي عن قلقه إزاء اكتفاء المجتمع الدولي بالتنديد، الذي لم يُغير شيئاً على أرض الواقع تجاه حقوق الشعب الفلسطيني، مستنكراً استخدام الإدارة الأميركية حق الفيتو في مجلس الأمن. وطالب الاتحاد بوقف قرار الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل، معلناً تمسكه برعاية المبادئ الأساسية لحقوق الإنسان، وإيجاد حل سلمي للقضية الفلسطينية.
وأشاد الاتحاد بالمنظمات الداعمة للقضية الفلسطينية، ودور مصر في تقديم الدعم الكامل للقضية الفلسطينية، من خلال فتح معبر رفح مع قطاع غزة، موجهاً الشكر أيضاً إلى السعودية على دعمها المالي والمعنوي للقضية الفلسطينية. في حين ثمّن الاتحاد دور الأردن في رعاية المقدسات بالقدس، مشدداً على أهمية إدراج القضية الفلسطينية على جدول أعمال جميع اجتماعات البرلمان العربي كبند رئيسي.