تعالت أصوات رجال الأعمال الجزائريين في وجه الحكومة، التي انتهجت سياسة التوسع الضريبي في الموازنة التكميلية للسنة الحالية، لامتصاص العجز الذي تسجله الخزينة العمومية.
وفي الوقت الذي ترى فيه الحكومة أن هذه الخطوة ستصب في صالح الاقتصاد، استقبل رجال الأعمال هذه القرارات الضريبية بكثير من الغضب، مؤكدين أن الحكومة تقسو على المستثمرين، وتجسد سياسة الهروب من مسؤولياتها وإنقاذها لنفسها ولخياراتها الخاطئة بالضغط على الشركات وخنق رجال الأعمال. ويرى رجل الأعمال، عبد القادر بوفادن، أن "هذه الضرائب هي القطرة التي ستفيض كأس صبر المستثمرين، لأنها لا معنى لها من حيث المبدأ، فكيف تسن ضرائب في وقت يعيش فيه الاقتصاد حالة ركود بسبب وباء كورونا؟".
وأضاف نفس المتحدث لـ"العربي الجديد": "أنا كمستثمر أدفع دوريا ما يعادل 60 ألف دولار سنويا كضرائب، منها الضريبة على الأرباح المقدرة بعشرين بالمائة، و10 آلاف دولار كضريبة على النشاط المهني لصندوق البلدية التي يوجد بها عنوان شركتي للمقاولات، دون احتساب اقتطاعات الضمان الصحي للعمال".
وتابع: "كنا ننتظر إعفاء رجال الأعمال من دفع الضرائب بسبب الحالة الصحية التي تعيشها البلاد، فإذا هم يفرضون ضرائب جديدة، منها الضريبة على الثروة التي تمس في الحقيقة 10 بالمائة من الجزائريين، ولا ندري هل يدفعها الأجانب أم لا".
واستبدلت موازنة 2020 التكميلية الضريبة على الأملاك المُطبقة منذ 2015 بالضريبة على الثروة، مع توسيع نطاق الخاضعين لها، والرفع من قيمتها وفق سلم تصاعدي بدل المعدل النسبي المحدد بـ0.1 بالمائة على كل الأملاك التي تفوق قيمتها 100 مليون دينار (790 ألف دولار).
ويبلغ معدل الضريبة 0.15 بالمائة بالنسبة للأملاك التي تتراوح قيمتها بين 100 و150 مليون دينار (1.3 مليون دولار)، و0.25 بالمائة بالنسبة للأملاك التي تتراوح بين 150 و250 مليون دينار (1.9 مليون دولار)، و0.35 بالمائة للأملاك بقيمة بين 250 و350 مليون دينار (2.7 مليون دولار)، و0.5 بالمائة إذا كانت قيمة الأملاك تتراوح بين 350 و450 مليون دينار (3.5 ملايين دولار).
كما أعادت الحكومة الجزائرية ترتيب وصياغة نظام الضريبة الجزافية بشكل تصاعدي، يرتفع مع زيادة الدخل السنوي لصاحب النشاط الصناعي والإنتاجي والخدماتي. وفي هذا السياق، قال رجل الأعمال وعضو الكونفيدرالية الجزائرية لأرباب العمل، عقبة ايبازتان، إن "هذا الإجراء سيجعل الكثير من المستثمرين ينفرون إلى السوق الموازية حفاظا على سرية ممتلكاتهم، كما ستشجع هذه الضريبة ظاهرة التعامل بالأموال نقدا خارج المجال البنكي، والأهم والأخطر من ذلك ستشجع على التصريح الكاذب بالممتلكات ورقم الأعمال".
وأضاف عقبة لـ"العربي الجديد" أن "الكونفيدرالية (ثاني تكتل لرجال الأعمال في الجزائر) دعمت برنامج عمل حكومة رئيس الوزراء أحمد جراد، إلا أنها تتحفظ على بعض النقاط، منها الضريبة على الثروة التي لن تفرق بين الأثرياء الذين كونوا ثروتهم بطرق ملتوية، وبين الأثرياء أصحاب الاستثمارات والمصانع الذين يجب دعمهم عوض الضغط عليهم".
كما يرى بعض رجال الأعمال أن إقرار توسع ضريبي "قاسٍ" سيترتب عنه نفس النتائج التي خلفها ارتفاع الضغط الضريبي في فرنسا، حين دفعت بالعديد من رؤوس الأموال لمغادرة البلاد نحو بلجيكا ولوكسمبورغ.
وإلى ذلك، قال رئيس منتدى رؤساء المؤسسات (أكبر تكتل لرجال الأعمال)، سامي أغلي، إن "المؤسسات ورجال الأعمال يجب أن يتحصلوا على مقابل ملموس لقاء الضرائب والرسوم التي تدفعها، لا سيما في مجال الخدمات والمنشآت، فمثلا يدفع المستثمرون ورؤساء المؤسسات الرسم على النشاط المهني الذي يمول البلديات، في حين أن العديد من المتعاملين يعانون من نقص التجهيزات الضرورية لمزاولة نشاطهم، خصوصا الطرقات والربط بشبكتي الغاز والماء". وأضاف نفس المتحدث لـ"العربي الجديد" أن "المنظومة الجبائية في البلاد لا تشجّع المؤسسات، نظرا لتفوق حجم الرسوم الضريبية على حجم أرباح الشركات، مما تسبب في نوع من الإحباط داخل أوساط الأعمال"، مؤكدا على ضرورة إصلاح العلاقة بين دافعي الضرائب والمصالح المعنية". وتابع: "كنا ننتظر إجراءات تساعد المؤسسات على النهوض من عثرة كورونا التي أضرت كثيرا بالاقتصاد الجزائري".