في آخر حلقة من برنامجه قبل تسريحه من القناة الفدرالية الروسية "أو أر تي" ("الأولى" حاليا) في سبتمبر/ أيلول 2000، وجه الإعلامي الروسي، سيرغي دورينكو، انتقادات لاذعة إلى الرئيس الروسي الجديد آنذاك، فلاديمير بوتين، على خلفية تعاطيه مع حادثة غواصة "كورسك" النووية المنكوبة في بحر بارنتس والتي راح ضحيتها 118 بحارا روسياً.
في تلك الحلقة، عرض دورينكو الذي غيّبه الموت أمس الخميس جراء إصابته بأزمة قلبية مفاجئة أثناء استقلاله دراجة نارية وسط موسكو، لقطات تظهر سوء الظروف المعيشية لبحارة أسطول الشمال الروسي، وأبرز التناقضات في تصريحات بوتين وسوء اطلاعه على ملابسات الفاجعة، خالصا في ختام برنامجه إلى أن "السلطة لا تحترمنا جميعا، ولذلك تكذب، والأهم هو أن السلطة تتعامل معنا بهذا الشكل، لمجرد أننا نسمح بذلك".
بعد رحيله عن الدنيا، اعتبره رئيس تحرير إذاعة "إيخو موسكفي" ("صدى موسكو") الليبرالية المعارضة، أليكسي فينيديكتوف، مؤسسا لنوع جديد من الصحافة، وهو "الاغتيال التلفزيوني"، في إشارة إلى حملاته للتهجم على عمدة موسكو آنذاك، يوري لوجكوف، ويفغيني بريماكوف، وهو واحد من آخر رؤساء الوزراء في عهد الرئيس الراحل بوريس يلتسين.
وبدوره، وصف أحد المسؤولين بقناة "أو أر تي" في نهاية التسعينيات، أندريه فاسيلييف، دورينكو، بأنه كان "شخصية بارزة في ذلك الزمن المنسي، حين كانت الصحافة سلطة رابعة".
لعب دورينكو دورا محوريا في الترويج لشخصية بوتين ورفع شعبيته تمهيدا لتوليه الرئاسة، قبل أن يختلف مع الكرملين في عام 2000. كما لم يسلم الإعلامي الراحل من انتقادات بسبب شنه هجوما على الجميع باستثناء الملياردير يهودي الأصل، بوريس بيريزوفسكي، الذي كان يملك نحو 50 في المائة من أسهم "أو أر تي" الهادفة في ذلك الوقت، لتقديم التغطية الإعلامية والدعائية لبوتين المدعوم من يلتسين.
دورينكو هو من مواليد مدينة كيرتش الواقعة في شبه جزيرة القرم عام 1959، وتخرج في جامعة الصداقة بين الشعوب بموسكو عام 1982، قبل أن يبدأ مسيرته في الصحافة التلفزيونية. وبعد تسريحه من "أو أر تي"، انتقل دورينكو إلى الصحافة المسموعة، إلى أن تولى منذ عام 2014 رئاسة تحرير إذاعة "غوفوريت موسكفا" ("موسكو تتحدث") البالغ عدد جمهورها اليومي أكثر من 360 ألفا.