حرص رئيس كتلة "الإصلاح" النيابية في البرلمان الأردني عبدالله العكايلة، في الجلسة التي عُقدت الثلاثاء الماضي قبل فض الدورة العادية للمجلس، على توجيه رسالة علنية للملك عبدالله الثاني عنوانها وضع جماعة "الإخوان المسلمين" في الأردن، دعا فيها إلى إزالة ما اعتبره ظلماً ومحاصرة تتعرض لها الجماعة.
هذه ليست الرسالة الأولى التي تبعث فيها الجماعة إلى الملك لإنهاء القطيعة التي تحكم العلاقة بين نظام الحكم والجماعة منذ الاحتجاجات الأردنية التي شهدتها البلاد مطلع العام 2011، متأثرة بموجة الانتفاضات العربية، وأدت فيها جماعة "الإخوان المسلمين" دوراً محورياً عوقبت عليه لاحقاً.
العكايلة، العضو السابق في جماعة "الإخوان"، والذي يتزعم كتلة نيابية محسوبة على الجماعة، استثمر في رسالته الأخيرة التسريبات التي تحدثت عن تقديم الملك الأردني نصيحة للرئيس الأميركي دونالد ترامب خلال زيارته واشنطن مطلع إبريل/نيسان الماضي، بعدم إدراج جماعة "الإخوان المسلمين" على لائحة المنظمات الإرهابية، كونها لا تعمل في الإرهاب. ثمّن العكايلة موقف الملك، وأعاد تذكيره بوسطية الجماعة واعتدالها وأنها "في مربع الملك"، وهو تذكير يلامس عمق الجهود التي تبذلها المملكة في محاربتها للإرهاب والفكر المتطرف من خلال التركيز على قيم الإسلام القائمة على التسامح والاعتدال.
موقف الملك من "الإخوان" في واشنطن الذي تؤكده قيادات في الجماعة الأردنية وترى فيه رسالة إيجابية يمكن البناء عليها، تتحفّظ عليه الجهات الرسمية فلا تنفيه ولا تؤكده، وهو تحفّظ يسهل تفهمه بالنظر إلى طبيعة العلاقة القائمة بين النظام والجماعة، وارتباط الأردن بتحالف عربي يصنّف الجماعة منظمة إرهابية.
اقــرأ أيضاً
الظلم والمحاصرة التي تتعرض لها الجماعة في الأردن، حسب ما تكرر قيادتها، يتمثّلان في تجريدها من مركزها القانوني كجماعة معترف بها لتصبح غير شرعية اعتباراً من مارس/آذار 2015 في أعقاب تسهيل السلطات لقادة مفصولين من الجماعة تسجيل جماعة وليدة حملت اسم "جمعية جماعة الإخوان المسلمين في الأردن". منذ ذلك التاريخ عكفت السلطات على منع نشاطات الجماعة التاريخية المؤسسة منذ عام 1945 وأغلقت كل مقارها وصادرت العديد من أملاكها، ودرجت على التعامل مع "جمعية الإخوان" غير المؤثرة، كممثل شرعي ووحيد لـ"إخوان" الأردن.
ومنذ ذلك التاريخ أيضاً توالت الرسائل الإيجابية التي أرسلتها الجماعة التاريخية للقصر، والتي تبدي فيها رغبتها بعودة المياه إلى مجاريها ما قبل مرحلة الاحتجاجات، فعدّلت نظامها الداخلي وألغت ارتباطها بالجماعة المصرية الذي كان منصوصاً عليه في النظام قبل التعديل. كما شاركت من خلال ذراعها السياسي، حزب "جبهة العمل الإسلامي"، في الانتخابات النيابية التي جرت في 20 سبتمبر/أيلول 2016، لتنهي مقاطعة استمرت دورتين انتخابيتين فشل خلالهما القصر في إقناعها بالمشاركة، على الرغم من حثّ رئيس المكتب السياسي لحركة "المقاومة الإسلامية" (حماس) خالد مشعل الجماعة على المشاركة في الانتخابات.
وتواصلت الرسائل الايجابية عندما انتهجت كتلة "الإصلاح" المحسوبة على الجماعة برئاسة العكايلة نهجاً "ناعماً" تحت قبة البرلمان، يلحظ المتابعون لعمل البرلمان تبايناً جوهرياً بينه وبين نهج الكتل الإخوانية في البرلمانات السابقة الذي كان يميل إلى الصلابة في المواقف والحدية في الطرح.
أمام هذه الرسائل، يواصل النظام في الأردن سياسة إدارة الظهر للجماعة، وعدم العودة للاستثمار في العلاقة معها، بل يحرص على تقريب مناوئين لها من مختلف التوجّهات السياسية، وهو الموقف المدفوع برغبة النظام في الإمعان بمعاقبة الجماعة على دورها في مرحلة الاحتجاجات الشعبية، والحرص على عدم خسارة أو إغضاب حلفائه العرب، خصوصاً الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي، الذي تقول التقارير إنه حرّض الرئيس الأميركي على إدراج الجماعة على لائحة الإرهاب.
لكن في الوقت نفسه يواصل النظام إدارة القطيعة مع الجماعة وفق محددات دقيقة، فهو على الرغم من عدم اعترافه بشرعية وقانونية الجماعة التاريخية، يتلافى مطاردة أعضائها الذين يواصلون نشاطهم المعلن، مدركاً أن الانتقال في العلاقة من القطيعة إلى إطباق الخناق سيجعل مجموعات من أعضائها يفقدون اعتدالهم.
اقــرأ أيضاً
هذه ليست الرسالة الأولى التي تبعث فيها الجماعة إلى الملك لإنهاء القطيعة التي تحكم العلاقة بين نظام الحكم والجماعة منذ الاحتجاجات الأردنية التي شهدتها البلاد مطلع العام 2011، متأثرة بموجة الانتفاضات العربية، وأدت فيها جماعة "الإخوان المسلمين" دوراً محورياً عوقبت عليه لاحقاً.
موقف الملك من "الإخوان" في واشنطن الذي تؤكده قيادات في الجماعة الأردنية وترى فيه رسالة إيجابية يمكن البناء عليها، تتحفّظ عليه الجهات الرسمية فلا تنفيه ولا تؤكده، وهو تحفّظ يسهل تفهمه بالنظر إلى طبيعة العلاقة القائمة بين النظام والجماعة، وارتباط الأردن بتحالف عربي يصنّف الجماعة منظمة إرهابية.
الظلم والمحاصرة التي تتعرض لها الجماعة في الأردن، حسب ما تكرر قيادتها، يتمثّلان في تجريدها من مركزها القانوني كجماعة معترف بها لتصبح غير شرعية اعتباراً من مارس/آذار 2015 في أعقاب تسهيل السلطات لقادة مفصولين من الجماعة تسجيل جماعة وليدة حملت اسم "جمعية جماعة الإخوان المسلمين في الأردن". منذ ذلك التاريخ عكفت السلطات على منع نشاطات الجماعة التاريخية المؤسسة منذ عام 1945 وأغلقت كل مقارها وصادرت العديد من أملاكها، ودرجت على التعامل مع "جمعية الإخوان" غير المؤثرة، كممثل شرعي ووحيد لـ"إخوان" الأردن.
ومنذ ذلك التاريخ أيضاً توالت الرسائل الإيجابية التي أرسلتها الجماعة التاريخية للقصر، والتي تبدي فيها رغبتها بعودة المياه إلى مجاريها ما قبل مرحلة الاحتجاجات، فعدّلت نظامها الداخلي وألغت ارتباطها بالجماعة المصرية الذي كان منصوصاً عليه في النظام قبل التعديل. كما شاركت من خلال ذراعها السياسي، حزب "جبهة العمل الإسلامي"، في الانتخابات النيابية التي جرت في 20 سبتمبر/أيلول 2016، لتنهي مقاطعة استمرت دورتين انتخابيتين فشل خلالهما القصر في إقناعها بالمشاركة، على الرغم من حثّ رئيس المكتب السياسي لحركة "المقاومة الإسلامية" (حماس) خالد مشعل الجماعة على المشاركة في الانتخابات.
وتواصلت الرسائل الايجابية عندما انتهجت كتلة "الإصلاح" المحسوبة على الجماعة برئاسة العكايلة نهجاً "ناعماً" تحت قبة البرلمان، يلحظ المتابعون لعمل البرلمان تبايناً جوهرياً بينه وبين نهج الكتل الإخوانية في البرلمانات السابقة الذي كان يميل إلى الصلابة في المواقف والحدية في الطرح.
لكن في الوقت نفسه يواصل النظام إدارة القطيعة مع الجماعة وفق محددات دقيقة، فهو على الرغم من عدم اعترافه بشرعية وقانونية الجماعة التاريخية، يتلافى مطاردة أعضائها الذين يواصلون نشاطهم المعلن، مدركاً أن الانتقال في العلاقة من القطيعة إلى إطباق الخناق سيجعل مجموعات من أعضائها يفقدون اعتدالهم.