أولى رسائل التنظيم، في الشريط الذي تناهز مدته الـ37 دقيقة ويعدّ من أضخم إصدارات "ولاية سيناء" منذ تأسيسه، كانت الكشف عن الارتباط بمؤسس جماعة التوحيد والجهاد في سيناء، خالد مساعد. وهو ما يؤكد أن التنظيم الذي ظهر تحت اسم "أنصار بيت المقدس"، ثم غيّر اسمه إلى "ولاية سيناء" بعد مبايعة زعيم "داعش" أبو بكر البغدادي، تأسس على أنقاض تلك الجماعة القديمة. وعزز هذا الارتباط بثّه بعضاً من كلمات مساعد قبل وفاته في العام 2005. وكان التنظيم الخاص بمؤسس جماعة التوحيد والجهاد، المكنى "أبي صهيب المقدسي"، يقف وراء تفجيرات طابا وشرم الشيخ ودهب. وأكد التنظيم في الإصدار الجديد على أنّ "مساعد ترك رجالاً يستكملون رحلته في سيناء وخارجها".
رسالة أخرى وجّهها التنظيم المسلح، باعتباره أن سيناء تابعة إلى الشام وليس مصر، وهو تقسيم وضعه تنظيم "الدولة الإسلامية" مع بداية تمدّده في منطقة أفريقيا، وتحديداً في مصر. وهو ما يفسّر عدم إقدام التنظيم على تنفيذ عمليات خارج إطار سيناء، مثلما فعل قبل إعلان مبايعة تنظيم "الدولة"، وتركيز عملياته أخيراً على مواجهة قوات الجيش والشرطة في سيناء.
وشدد التنظيم في الإصدار على أنّ "سيناء هي بوابة بيت المقدس الجنوبية"، في إشارة إلى "مواصلة العمليات ضد الكيان الصهيوني، ثأراً لأهالي غزة". وفي بداية الشريط، أورد التنظيم لقطات ومقاطع عدة من توقيع اتفاقية السلام بين مصر وإسرائيل، ثم لقاءً جمع الرئيس المخلوع حسني مبارك ورئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو.
اقرأ أيضاً: مصر: "ولاية سيناء" يهاجم الإخوان والسلفيين لاختيارهم "الديمقراطية"
كذلك شنّ التنظيم هجوماً حاداً على جماعة الإخوان المسلمين والتيار السلفي في مصر، قائلاً إنه "حينما سقط الطاغية مبارك فُتح باب الديمقراطية على آخره، فانضم إليه أدعياء السلفية والإخوان المفلسين". وبثّ صوراً للقاءات جمعت القياديين في جماعة الإخوان المسلمين: محمد مرسي، عصام العريان وسعد الكتاتني، فضلاً عن صور لتصويت نائب رئيس الدعوة السلفية ياسر برهامي.
وأكد التنظيم على أنً "الدخول في هذا الباب أودى بجماعة الإخوان إلى غياهب السجون، بسبب موالاة الطواغيت والمنحرفين ووسم الجهاد بالعنف"، في رسالة أراد التنظيم إيصالها لأنصار الإخوان والسلفيين بأنه لا بديل عن العنف وحمل السلاح، والانضمام إلى تنظيم "ولاية سيناء"، للوقوف أمام النظام الحالي وأجهزته الأمنية.
وجاءت الانتقادات لجماعة الإخوان المسلمين لتشكل رداً واضحاً وصريحاً من قبل التنظيم يؤكد عدم وجود ارتباط مع جماعة الإخوان المسلمين ومؤيدي الرئيس المعزول محمد مرسي، كما يروج النظام الحالي وأذرعه الإعلامية.
ويحاول التنظيم استقطاب عدد من الشباب الذين ضاقت بهم الأوضاع وينتقدون الاستمرار في التحركات السلمية جراء ممارسات النظام الحالي القمعية وعمليات التصفية الجسدية.
في المقابل، توقف التنظيم عند عدد من العمليات ضد قوات الجيش والشرطة، منها استهداف موكب وزير الداخلية السابق اللواء محمد إبراهيم، وتفجير مديريات الأمن في القاهرة والدقهلية وجنوب سيناء، ثم كرم القواديس والكتيبة 101.
وذكر التنظيم بين ثنايا عملياته التي نفذها، الهجوم على كمين الفرافرة في رمضان قبل الماضي، وهو ما لم يصدر به بيان رسمي من قبل التنظيم حتى الآن.
وتسيطر حالة من الضبابية حول عملية الفرافرة المشار إليها، إذ يتردد أن منفذها هو هشام عشماوي، ضابط الصاعقة المصري الذي انشق عن التنظيم رفضاً لبيعة البغدادي، وأسس جماعة جديدة تتبع بولائها لزعيم تنظيم القاعدة أيمن الظواهري، تدعى "المرابطون".
كما توقف التنظيم عند تداعيات مبايعته لتنظيم "الدولة الإسلامية"، مشيراً إلى إقبال الوافدين عليه في سيناء للمشاركة في العمليات ضد الجيش والشرطة، وهو ما زاد من سيطرته على الأوضاع في سيناء.
اقرأ أيضاً: النظام المصري يمنح "قبلة الحياة" للتنظيمات "الجهادية"
وفي السياق الميداني أيضاً، أظهرت اللقطات التي تضمنها الشريط عدم دقة إعلان المتحدث العسكري المصري، العميد محمد سمير، عن سيطرة قوات الجيش على الأوضاع في سيناء، إذ بثّ التنظيم لقطات من هجماته في شهر يوليو/ تموز، على كميني أبو رفاعي والصدرة، في اشتباكات استمرت نحو 10 ساعات متواصلة، وشملت أجزاء متفرقة من منطقة الشيخ زويد.
وفي الهجمات المشار إليها، خرجت بعض التحليلات من خبراء عسكريين حول رغبة التنظيم في احتلال الشيخ زويد والسيطرة عليها، وهو ما لم يكن واضحاً خلال لقطات "ولاية سيناء".
وتركزت الاشتباكات في الوقائع المشار إليها، على استهداف كميني أبو رفاعي والصدرة بسيارتين مفخختين، ثم بدأت اشتباكات لساعات عدة.
كما أن اللقطات تظهر نسف الكمينين تماماً بعد السيطرة عليهما، لتظهر بعدها الطائرات الحربية في سماء سيناء.
وتظهر اللقطات أن مهاجمة الكمائن لساعات باستخدام كافة أنواع الأسلحة، تمت دون أي عوائق أو إرسال دعم لقوات الكمائن، فضلاً عن بث مشاهد من أجزاء قالوا إنها لطائرة أباتشي.
وحاول التنظيم تأكيد سيطرته على الأوضاع وتنفيذ عملياته بحرية شديدة، من خلال صور للاشتباكات مع قوات الجيش، والتركيز على هروب قوات الجيش خلال الاشتباكات.
واستعرض التنظيم عملياته على دبابات ومدرعات الجيش والجرافات التي تستخدم في هدم المنازل ضمن خطة التهجير القسري لأهالي سيناء، باستخدام العبوات الناسفة في طريق تلك القوات.
وفي تحدٍ واضح للجيش، أكد التنظيم على استمرار استهداف إمدادات الجيش وقطعها سواء من الناحية العسكرية أو حرق السيارات التي تحمل المياه والمواد الغذائية إلى الكمائن والكتائب المختلفة.
وأفرد الشريط المصور وقتاً طويلاً لعمليات القنص التي نفذها التنظيم ضد قوات الجيش، داخل وحدات عسكرية وفي الكمائن وعلى المدرعات والدبابات، بالإضافة إلى التصفيات الجسدية لضباط وأفراد في الشرطة المصرية في مدينة العريش، فضلاً عن تصفية بعض القضاة.
وأظهر "ولاية سيناء" التطور الذي طرأ على عملياته، من خلال وجود وحدات الرصد في مختلف ربوع سيناء وتحديداً خلال العمليات الكبرى، من خلال التواصل في ما بينهم بأجهزة لاسلكية.
ويعمد التنظيم في كل عملياته إلى اغتنام الأسلحة والذخيرة من قوات الجيش بعد قتل العناصر أو فرار بعضهم. كما استعرض التنظيم عمليات عدة نفذها باستخدام صواريخ "كورنيت" الحرارية الموجهة، إذ استهدف مدرعات ودبابات بإصابات مباشرة، على الرغم من الابتعاد عنها مسافات طويلة.
واستخدم نوع الصواريخ نفسه في تدمير "بارجة" حربية مصرية في سيناء، وهو ما نفاه في حينه المتحدث العسكري المصري، واكتفى بالقول إنه تم اعتراض "لانش" وإعطابه، في حين يظهر الشريط المصور للتنظيم تدمير البارجة تماماً واندلاع النيران فيها كاملة.
ومن الرسائل الإضافية التي أراد إيصالها التنظيم عبر الشريط المصور، وجود تأييد للتنظيم من قبل أهالي سيناء، إذ بثّ عمليات للتلويح وإظهار التأييد من بعض المارة لعناصر التنظيم خلال عرض عسكري نفذه. كما أن العرض العسكري يدّعي تزايد أعداد المنضمين إلى التنظيم خلال الأشهر القليلة الماضية، والقدرات التي بات يتمتع بها. ويعزز ذلك طبيعة العمليات التي باتت تميل إلى استخدام تكتيكات عالية، وهو ما يعني وجود عناصر لها خبرات انضمت إلى التنظيم من العراق وسورية الذين يُعرفون بـ"القادة "الميدانيين" الذين يتولّون تحريك العناصر خلال المعارك، فضلاً عن وجود صانع متفجرات على درجة كبيرة من الخبرة لتصنيع كميات كبيرة من المتفجرات.
اقرأ أيضاً ضربات "داعش" في القاهرة: كارثة مُحدقة وفشل أمني