تشير معلومات واستنتاجات متقاطعة إلى أن الغارة الأميركية التي استهدفت مدينة صبراتة الليبية، يوم الجمعة الماضي (19 فبراير/شباط)، يمكن أن تغير من المشهد داخل ليبيا المنقسمة وفي محيطها العربي والأفريقي أيضاً. ويتعزز هذا الاعتقاد نظراً لأن الغارة نجحت في تحقيق نتائج استراتيجية عدة إن لجهة التمهيد للتدخل العسكري المنتظر في ليبيا أو لجهة إيصال رسائل محددة إلى الداخل والخارج الليبي.
ومن غير المستبعد أن تكون الرسالة الداخلية موجهة للمجتمعين في مجلس نواب طبرق للمصادقة على الحكومة ولا سيما أنّ القصف الأميركي أتى عشية الموعد الذي كان مقرراً لتقديم رئيس حكومة الوفاق الوطني فائز السراج حكومته إلى برلمان طبرق، إلا أن ارتدادات الرسالة وصلت أيضاً إلى العاصمتين الرافضتين لخيار التدخل العسكري في ليبيا، أي تونس والجزائر، حيث غاب أي تعليق مباشر منهما على الضربات.
اقرأ أيضاً رئيس المجلس الرئاسي الليبي:الحكومة قد تعمل من أي مكان
ولعل الصمت التونسي، تحديداً، يعكس حالة من الرضا بعدما أفضت الضربة إلى مقتل عشرات العناصر الذين كانوا يتدربون في صبراتة ويشكلون تهديداً واضحا لها. وفي السياق، أكد رئيس المجلس البلدي لصبراتة حسين الدوادي، أمس الإثنين، أن عدد قتلى الضربات الأميركية ارتفع إلى 50، موضحاً بأنه حسب التحقيقات الأولية فانّ "جميع الجثث لتونسيين، باستثناء جثتين تعودان لموظفين صربيين تم اختطافهما من سفارتهما في وقت سابق".
ومن المرجح أن يكون انطلاق العمليات الأميركية في ليبيا بهذا الهدف تحديداً قد جاء بهدف تطمين تونس المنزعجة جداً والمتخوفة من تداعيات الحرب في ليبيا عليها، وبهدف إقناعها بأن أي ضربات مقبلة في ليبيا يمكن أن تكون لصالحها على الرغم من التداعيات الجانبية (الاقتصادية والأمنية) المقدور عليها.
وقد ساهم توالي الزيارات الدولية إلى تونس خلال الأسبوعين الماضيين في التقليص من حدة مخاوفها، لكنه لم يكن هناك أي معلومات تؤكد بشكل قاطع أن تونس قد وُضعت في صورة موعد بدء الضربات بشكل مسبق، بدليل البيان الذي أصدرته وزارة الخارجية التونسية بعد الغارة. ومما جاء فيه أنه "بعد التثبّت، تبيّن أنّ هذه العمليّة محدودة وتندرج في سياق الجهود الدّوليّة لمكافحة الإرهاب وتمدّد التّنظيم الإرهابي داعش في ليبيا".
وإذا لم تكن تونس قد وضعت في الصورة بشكل مسبق، فإن المتحدث باسم وزارة الدفاع الأميركية، بيتر كوك، قد أوضح أن "وزارة الدفاع الأميركية راقبت المعقل المستهدف لأسابيع عدة"، مشيراً بحسب تصريحات نقلتها وكالة "فرانس برس" إلى أن الهجوم نُفذ "بعلم السلطات الليبية"، لكنه رفض الكشف عن الجهة الليبية المقصودة.
ما يعرف بالحكومة الليبية المؤقتة "طبرق" أكدت في بيان لها أن الغارة جاءت "بدون أي تنسيق أو مشورة" معها، وأنّ "أي تدخل على غرار ما حدث في صبراتة يعتبر انتهاكاً صريحاً وصارخاً لسيادة الدولة الليبية والمواثيق الدولية". في المقابل، لم يصدر أي موقف من حكومة الإنقاذ الوطني في طرابلس. لكن تؤكد مصادر قريبة جداً من حكومة طرابلس لـ"العربي الجديد" أن أخباراً كثيرة يتم تداولها في طرابلس ترجّح أن الحكومة كانت على علم بالعملية، وهو ما يمكن، إن تأكد، أن يشكل تحولاً نوعياً في نظرة الدول الكبرى للعاصمة، فيما كان لافتاً، أمس الإثنين، تأكيد وزير الخارجية التركي، مولود جاويش أوغلو، أن بلاده تسعى، مع إيطاليا، إلى تحقيق الاستقرار في ليبيا ونقل مقر حكومة الوفاق الوطني إلى طرابلس.
وتشير المصادر المقربة من حكومة طرابلس إلى أن زيارة وفد بريطاني أخيراً إلى طرابلس ولقاء أعضائه برئيس حكومة الإنقاذ خليفة الغويل، وحضورهم احتفالات الثورة قد غيّرت في الصورة كثيراً. وتعتبر المصادر أن تزامن زيارة الوفد البريطاني والضربة الأميركية في بريطانيا وبداية حشد العاصمة ضد تنظيم "داعش" لا يمكن أن يكون بمحض الصدفة. لكن بينما قال موقع حكومة الإنقاذ إن الوفد البريطاني كان مكوناً من خبراء أمنيين ومسؤولي مؤسسات برلمانية بريطانية، فإن السفارة البريطانية في ليبيا (مكتب تونس)، أكدت عبر صفحتها الرسمية على موقع فايسبوك أنها "تنفي صحة الأخبار المتداولة حول زيارة وفد برلماني بريطاني لطرابلس وتوضح بأن الأفراد الذين ظهروا في تلك التقارير الإعلامية هم من منظمة غير حكومية ولا يمثلون الحكومة البريطانية بل يمثلون أنفسهم فقط". وهو ما أكده السفير البريطاني لدى ليبيا بيتير ميليت في تغريدة عبر حسابه على موقع "تويتر".
وتحاول طرابلس كما طبرق، وفي جوّ تنافسي واضح، أن تقود راية "مقاومة داعش على الأرض" مستفيدة من الضربات الغربية الجوّية. وتلفت المصادر إلى أن طرابلس تشهد في هذه الفترة حشداً عسكرياً كبيراً في هذا الاتجاه، غير أنه لا يخفي بعض الانقسام، اذ تدعو بعض الأصوات داخل العاصمة إلى تجميع قوى الجيش النظامي، وأكثرها موجود في طرابلس، عكس ما تدعيه قوى خلفية حفتر (المحسوبة على معسكر طبرق)، في حين ترفض الكتائب المسلحة الموجودة في الغرب ذلك، وهي قوة عسكرية هائلة لا يمكن تجاوزها. ولكن إذا ما تم تجاوز هذه الخلافات، تحت وطأة الضغط الدولي، فإن العاصمة ستستعيد دورها المركزي، وستكون بالنسبة للمجتمع الدولي، الرقم الذي لا يمكن تجاوزه.
وكان الغويل بصفته رئيساً لحكومة طرابلس ووزيراً للدفاع، قد كلّف رئيس الأركان العامة للجيش الليبي، عبد السلام جاد الله العبيدي، بإصدار "الأوامر الفورية لكل الوحدات العسكرية التابعة لها بالتحرك فوراً الى مدينة سرت وتحريرها من سيطرة داعش".
ودعا الغويل، في كلمة ألقاها قبل أيام في الاحتفال الذي أقيم بمقر وزارة الدفاع احياء للذكرى الخامسة لثورة 17 فبراير/شباط، "الثوار بالمدن الليبية كافة للتوجه لمدينة سرت، والانضمام إلى غرفة العمليات العسكرية التي أنشئت لقيادة العمليات العسكرية ضد ما يسمى "تنظيم الدولة" ومكافحة الإرهاب والتطرف بجميع أشكاله". وفي السياق، أفاد مصدر تابع لغرفة عمليات الكلية الجوية مصراتة، التابعة لرئاسة الأركان العامة، في تصريح صحافي، بأن طائرات تابعة للغرفة نفذت طلعات جوية عدة أول من أمس (الأحد) على مدينة سرت تخللتها غارات جوية استهدفت مواقع تابعة لـ "داعش".
وتتزامن هذه التحركات مع مخاوف غربية من تمدد تنظيم "داعش" في أفريقيا وقيامه بحملة لتجنيد مقاتلين. ضمن هذا السياق جاءت تصريحات رئيس الحكومة الفرنسي، مانويل فالس، خلال الجولة التي قام بها برفقة وزير دفاعه جان ايف لودريان، إلى كل من بوركنا فاسو ومالي. ووصف فالس، من مالي، عمليات مكافحة المتشددين في مالي بـ"المعركة ضد الهمجية". واعتبر أنّ واجب بلاده "الدفاع عن الحرية وأن فرنسا ملتزمة بذلك بصورة كاملة باعتبارها معركة أساسية تخوضها البشرية ضد الهمجية". كما أشار إلى أن المعركة مستمرة من خلال "عملية برخان" في إشارة إلى عملية مكافحة المتشددين التي حلت محل عملية سرفال منذ آب/أغسطس 2014 وتشمل كل منطقة الساحل والصحراء.
اقرأ أيضاً: استنفار أمني وعسكري على الجنوب التونسي لحماية الحدود
ومن غير المستبعد أن تكون الرسالة الداخلية موجهة للمجتمعين في مجلس نواب طبرق للمصادقة على الحكومة ولا سيما أنّ القصف الأميركي أتى عشية الموعد الذي كان مقرراً لتقديم رئيس حكومة الوفاق الوطني فائز السراج حكومته إلى برلمان طبرق، إلا أن ارتدادات الرسالة وصلت أيضاً إلى العاصمتين الرافضتين لخيار التدخل العسكري في ليبيا، أي تونس والجزائر، حيث غاب أي تعليق مباشر منهما على الضربات.
اقرأ أيضاً رئيس المجلس الرئاسي الليبي:الحكومة قد تعمل من أي مكان
ومن المرجح أن يكون انطلاق العمليات الأميركية في ليبيا بهذا الهدف تحديداً قد جاء بهدف تطمين تونس المنزعجة جداً والمتخوفة من تداعيات الحرب في ليبيا عليها، وبهدف إقناعها بأن أي ضربات مقبلة في ليبيا يمكن أن تكون لصالحها على الرغم من التداعيات الجانبية (الاقتصادية والأمنية) المقدور عليها.
وقد ساهم توالي الزيارات الدولية إلى تونس خلال الأسبوعين الماضيين في التقليص من حدة مخاوفها، لكنه لم يكن هناك أي معلومات تؤكد بشكل قاطع أن تونس قد وُضعت في صورة موعد بدء الضربات بشكل مسبق، بدليل البيان الذي أصدرته وزارة الخارجية التونسية بعد الغارة. ومما جاء فيه أنه "بعد التثبّت، تبيّن أنّ هذه العمليّة محدودة وتندرج في سياق الجهود الدّوليّة لمكافحة الإرهاب وتمدّد التّنظيم الإرهابي داعش في ليبيا".
وإذا لم تكن تونس قد وضعت في الصورة بشكل مسبق، فإن المتحدث باسم وزارة الدفاع الأميركية، بيتر كوك، قد أوضح أن "وزارة الدفاع الأميركية راقبت المعقل المستهدف لأسابيع عدة"، مشيراً بحسب تصريحات نقلتها وكالة "فرانس برس" إلى أن الهجوم نُفذ "بعلم السلطات الليبية"، لكنه رفض الكشف عن الجهة الليبية المقصودة.
ما يعرف بالحكومة الليبية المؤقتة "طبرق" أكدت في بيان لها أن الغارة جاءت "بدون أي تنسيق أو مشورة" معها، وأنّ "أي تدخل على غرار ما حدث في صبراتة يعتبر انتهاكاً صريحاً وصارخاً لسيادة الدولة الليبية والمواثيق الدولية". في المقابل، لم يصدر أي موقف من حكومة الإنقاذ الوطني في طرابلس. لكن تؤكد مصادر قريبة جداً من حكومة طرابلس لـ"العربي الجديد" أن أخباراً كثيرة يتم تداولها في طرابلس ترجّح أن الحكومة كانت على علم بالعملية، وهو ما يمكن، إن تأكد، أن يشكل تحولاً نوعياً في نظرة الدول الكبرى للعاصمة، فيما كان لافتاً، أمس الإثنين، تأكيد وزير الخارجية التركي، مولود جاويش أوغلو، أن بلاده تسعى، مع إيطاليا، إلى تحقيق الاستقرار في ليبيا ونقل مقر حكومة الوفاق الوطني إلى طرابلس.
وتحاول طرابلس كما طبرق، وفي جوّ تنافسي واضح، أن تقود راية "مقاومة داعش على الأرض" مستفيدة من الضربات الغربية الجوّية. وتلفت المصادر إلى أن طرابلس تشهد في هذه الفترة حشداً عسكرياً كبيراً في هذا الاتجاه، غير أنه لا يخفي بعض الانقسام، اذ تدعو بعض الأصوات داخل العاصمة إلى تجميع قوى الجيش النظامي، وأكثرها موجود في طرابلس، عكس ما تدعيه قوى خلفية حفتر (المحسوبة على معسكر طبرق)، في حين ترفض الكتائب المسلحة الموجودة في الغرب ذلك، وهي قوة عسكرية هائلة لا يمكن تجاوزها. ولكن إذا ما تم تجاوز هذه الخلافات، تحت وطأة الضغط الدولي، فإن العاصمة ستستعيد دورها المركزي، وستكون بالنسبة للمجتمع الدولي، الرقم الذي لا يمكن تجاوزه.
ودعا الغويل، في كلمة ألقاها قبل أيام في الاحتفال الذي أقيم بمقر وزارة الدفاع احياء للذكرى الخامسة لثورة 17 فبراير/شباط، "الثوار بالمدن الليبية كافة للتوجه لمدينة سرت، والانضمام إلى غرفة العمليات العسكرية التي أنشئت لقيادة العمليات العسكرية ضد ما يسمى "تنظيم الدولة" ومكافحة الإرهاب والتطرف بجميع أشكاله". وفي السياق، أفاد مصدر تابع لغرفة عمليات الكلية الجوية مصراتة، التابعة لرئاسة الأركان العامة، في تصريح صحافي، بأن طائرات تابعة للغرفة نفذت طلعات جوية عدة أول من أمس (الأحد) على مدينة سرت تخللتها غارات جوية استهدفت مواقع تابعة لـ "داعش".
وتتزامن هذه التحركات مع مخاوف غربية من تمدد تنظيم "داعش" في أفريقيا وقيامه بحملة لتجنيد مقاتلين. ضمن هذا السياق جاءت تصريحات رئيس الحكومة الفرنسي، مانويل فالس، خلال الجولة التي قام بها برفقة وزير دفاعه جان ايف لودريان، إلى كل من بوركنا فاسو ومالي. ووصف فالس، من مالي، عمليات مكافحة المتشددين في مالي بـ"المعركة ضد الهمجية". واعتبر أنّ واجب بلاده "الدفاع عن الحرية وأن فرنسا ملتزمة بذلك بصورة كاملة باعتبارها معركة أساسية تخوضها البشرية ضد الهمجية". كما أشار إلى أن المعركة مستمرة من خلال "عملية برخان" في إشارة إلى عملية مكافحة المتشددين التي حلت محل عملية سرفال منذ آب/أغسطس 2014 وتشمل كل منطقة الساحل والصحراء.
اقرأ أيضاً: استنفار أمني وعسكري على الجنوب التونسي لحماية الحدود