يفصل الأحزاب والتيارات الإيرانية أكثر من عام عن الانتخابات التشريعية، غير أن سباق التحضيرات لها قد بدأ بالفعل؛ فبعد تشكيل المعتدلين لجبهة خاصة بهم، وسعي الإصلاحيين للتوحد تحت راية حزب واحد وتجاوز الخلافات والعودة إلى الساحة بعد غياب دام لأكثر من خمس سنوات إثر أزمة الاحتجاجات التي أعقبت الانتخابات الرئاسية عام 2009، يسير المحافظون على الخطى نفسها.
واجتمع رموز التيار المحافظ في مؤتمرهم الخامس الذي عُقد صباح أمس الخميس، وحضرته أبرز الشخصيات المتواجدة في عدد من مراكز صنع القرار الإيراني، وكان أبرزهم رئيس البرلمان السابق والعضو الحالي فيه غلام علي حداد عادل، وعضو لجنة الأمن القومي اسماعيل كوثري، فضلاً عن أعضاء من مجلس الخبراء وتكتلات محافظة أخرى.
وأجمع كل الحاضرين في كلماتهم على ضرورة التقدّم للسباق الانتخابي تحت راية التيار المحافظ، وليس الدخول إلى السباق كأعضاء عن التكتلات المحافظة المتعددة، وهو ما حدث في الانتخابات التشريعية الأخيرة قبل ثلاثة أعوام تقريباً، حين تنافس المحافظون في ما بينهم في ظل غياب الإصلاحيين وضعف حضور المستقلين، لكن المعطيات المرحلية تفرض عليهم الدخول بتشكيل محافظ واحد.
وطالب نائب رئيس مجلس الشورى الإسلامي والأمين العام لحزب أتباع خط الإمام والمرشد، محمد رضا باهنر، بضرورة الابتعاد عن التصريحات التي تزيد المسافة بين المحافظين أنفسهم، بحسب ما نقلت عنه وكالة "فارس" للأنباء. فيما اعتبر رجل الدين وعضو مجلس الخبراء أحمد علم الهدى أن الوحدة بين المحافظين ليست ضرورة وحسب، وإنما باتت أمراً ملزماً.
ويدرك محافظو إيران وجود خلافات بين جناحي المعتدلين والمتشددين، بخصوص العديد من القضايا، وهو ما يمكن أن يقلل من فرص فوزهم بالانتخابات المقبلة إن دخلوا السباق متفرقين؛ فالرئيس المعتدل حسن روحاني، على سبيل المثال، له قاعدة شعبية واسعة، وهو ما يدركه المحافظون ويتخوفون من تبعاته على السباق الانتخابي المقبل.
وترتبط إحدى القضايا الخلافية للمحافظين بجبهة "الثبات"، والتي يعدّ أعضاؤها من المقرّبين للرئيس المحافظ السابق محمود أحمدي نجاد. ورغم أن هذه الجبهة كانت من أقوى الجبهات المحافظة قبل عدة سنوات، فإن الخطاب "النجادي"، خلال الأعوام الأخيرة من حكم الرئيس الحالي أثار حفيظة باقي المحافظين، خصوصاً بعد تبنّيه لدعم فكرة إيران القومية على حساب إيران الإسلامية، ودعمه لصهره ومدير مكتبه أسفنديار رحيم مشائي، الذي اتبع سياسات نالت انتقادات المحافظين والمتشدّدين منهم.
إضافة إلى ذلك، هناك الخلاف على سياسات الرجل المدعومة التي لقيت مساندة من هذه الجبهة في البرلمان؛ فعلى سبيل المثال، أقرّ نجاد العديد من الخطط الاقتصادية، ومنها خطة رفع الدعم الحكومي عن بعض السلع الاستراتيجية والتي طبقت بسرعة، وهو ما أدى إلى انتقادها. وزاد الطين بلة في بلد كان يخضع لعقوبات اقتصادية غربية مشدّدة آنذاك. كما يؤخذ على جبهة "الثبات" القضايا المرتبطة بالكشف عن الفساد الذي يتحمل مسؤوليته مقربون من نجاد.
وبعد اجتماع يوم أمس، ُسئل حداد عادل عما إذا كان سيقبل من يدعون إلى وحدة المحافظين بنجاد وتياره كجزء لا يتجزأ منهم؟ ولاسيما أن الأنباء التي نشرت أخيراً على المواقع الإيرانية تنقل تحضير نجاد لتقديم حليفه رئيس مجلس الأمن القومي السابق والمرشح الرئاسي المتشدد سعيد جليلي لينافس رئيس البرلمان الحالي علي لاريجاني العام المقبل.
جاء جواب عادل بسؤال جديد، هل يعد نجاد محافظاً؟ وهل قال أساساً إنه من الأصوليين؟ ثم أكد على أن الجبهات المحافظة وقفت كثيراً مع نجاد ودعمته في السابق، معتبراً أيضاً أنه اتخذ في المقابل العديد من القرارات التي تخالف هذا التيار.
غير أنّ نائب رئيس البرلمان محمد رضا باهنر قال صراحة إن جبهة "الثبات" جزء من التيار المحافظ ويجب تقبلها تحت رايته، مشيراً إلى أن النقاش يدور حالياً حول هذا الأمر. لكن هذه النقاشات تبيّن أنّ الانشقاقات لا تزالت مستمرة داخل بيت المحافظين ورأب الصدع سيكون صعباً رغم ضرورته.
ويدرك رموز التيار أن التوافق في ما بينهم على قضايا محورية قد يساعدهم بطرح خطابهم بشكل أقوى خلال السباق المقبل، ويلعب هؤلاء على وتر الخلاف مع داعمي مَن باتوا يسمون بمثيري الفتنة في البلاد، وهم من يتحملون مسؤولية تأجيج احتجاجات الحركة الخضراء عام 2009 احتجاجاً على فوز الرئيس نجاد بدورة رئاسية ثانية؛ ففي الشارع الإيراني شريحة لا يستهان بها رفضت هذه الاحتجاجات في وقت لاحق.
وقد حذّر في هذا السياق، عضو مجلس الخبراء أحمد علم الهدى، من دعم حكومة الرئيس الحالي حسن روحاني لبعض هؤلاء الأشخاص ومحاولة إعادتهم للساحة السياسية.
إضافة إلى ذلك، فأنّ المحادثات النووية تعتبر ملفاً آخر يركّز عليه المحافظون، وقد وجهوا بين طيات تصريحاتهم انتقادات للرئيس روحاني ولوفده المفاوض، فقد ذكر حداد عادل أنه يوجد في البلاد حالياً تياران: أحدهما لا يرى ضيراً في التنازل في عالم يحكمه نظام دولي تسيّّره الولايات المتحدة، والثاني يصرّ على الاستقلالية والحفاظ على مبادئ إيران الإسلامية.
ويقول إن على بلاده الاحتفاظ بحق التخصيب وبعدد أجهزة الطرد المركزي، معتبراً أن هذا حق أساسي وجزء من المبادئ، منتقداً بذلك تصريحات روحاني الأخيرة.
وهكذا، لا يوجد أمام محافظي إيران إلا خيار رص الصفوف، فضلاً عن البحث عن انتقادات قد تضعف الجبهات الأخرى، وهذا ما قد يساعدهم على الوصول لما يسعون إليه، وهو برلمان جديد محافظ بامتياز.
واجتمع رموز التيار المحافظ في مؤتمرهم الخامس الذي عُقد صباح أمس الخميس، وحضرته أبرز الشخصيات المتواجدة في عدد من مراكز صنع القرار الإيراني، وكان أبرزهم رئيس البرلمان السابق والعضو الحالي فيه غلام علي حداد عادل، وعضو لجنة الأمن القومي اسماعيل كوثري، فضلاً عن أعضاء من مجلس الخبراء وتكتلات محافظة أخرى.
وأجمع كل الحاضرين في كلماتهم على ضرورة التقدّم للسباق الانتخابي تحت راية التيار المحافظ، وليس الدخول إلى السباق كأعضاء عن التكتلات المحافظة المتعددة، وهو ما حدث في الانتخابات التشريعية الأخيرة قبل ثلاثة أعوام تقريباً، حين تنافس المحافظون في ما بينهم في ظل غياب الإصلاحيين وضعف حضور المستقلين، لكن المعطيات المرحلية تفرض عليهم الدخول بتشكيل محافظ واحد.
وطالب نائب رئيس مجلس الشورى الإسلامي والأمين العام لحزب أتباع خط الإمام والمرشد، محمد رضا باهنر، بضرورة الابتعاد عن التصريحات التي تزيد المسافة بين المحافظين أنفسهم، بحسب ما نقلت عنه وكالة "فارس" للأنباء. فيما اعتبر رجل الدين وعضو مجلس الخبراء أحمد علم الهدى أن الوحدة بين المحافظين ليست ضرورة وحسب، وإنما باتت أمراً ملزماً.
ويدرك محافظو إيران وجود خلافات بين جناحي المعتدلين والمتشددين، بخصوص العديد من القضايا، وهو ما يمكن أن يقلل من فرص فوزهم بالانتخابات المقبلة إن دخلوا السباق متفرقين؛ فالرئيس المعتدل حسن روحاني، على سبيل المثال، له قاعدة شعبية واسعة، وهو ما يدركه المحافظون ويتخوفون من تبعاته على السباق الانتخابي المقبل.
وترتبط إحدى القضايا الخلافية للمحافظين بجبهة "الثبات"، والتي يعدّ أعضاؤها من المقرّبين للرئيس المحافظ السابق محمود أحمدي نجاد. ورغم أن هذه الجبهة كانت من أقوى الجبهات المحافظة قبل عدة سنوات، فإن الخطاب "النجادي"، خلال الأعوام الأخيرة من حكم الرئيس الحالي أثار حفيظة باقي المحافظين، خصوصاً بعد تبنّيه لدعم فكرة إيران القومية على حساب إيران الإسلامية، ودعمه لصهره ومدير مكتبه أسفنديار رحيم مشائي، الذي اتبع سياسات نالت انتقادات المحافظين والمتشدّدين منهم.
إضافة إلى ذلك، هناك الخلاف على سياسات الرجل المدعومة التي لقيت مساندة من هذه الجبهة في البرلمان؛ فعلى سبيل المثال، أقرّ نجاد العديد من الخطط الاقتصادية، ومنها خطة رفع الدعم الحكومي عن بعض السلع الاستراتيجية والتي طبقت بسرعة، وهو ما أدى إلى انتقادها. وزاد الطين بلة في بلد كان يخضع لعقوبات اقتصادية غربية مشدّدة آنذاك. كما يؤخذ على جبهة "الثبات" القضايا المرتبطة بالكشف عن الفساد الذي يتحمل مسؤوليته مقربون من نجاد.
وبعد اجتماع يوم أمس، ُسئل حداد عادل عما إذا كان سيقبل من يدعون إلى وحدة المحافظين بنجاد وتياره كجزء لا يتجزأ منهم؟ ولاسيما أن الأنباء التي نشرت أخيراً على المواقع الإيرانية تنقل تحضير نجاد لتقديم حليفه رئيس مجلس الأمن القومي السابق والمرشح الرئاسي المتشدد سعيد جليلي لينافس رئيس البرلمان الحالي علي لاريجاني العام المقبل.
جاء جواب عادل بسؤال جديد، هل يعد نجاد محافظاً؟ وهل قال أساساً إنه من الأصوليين؟ ثم أكد على أن الجبهات المحافظة وقفت كثيراً مع نجاد ودعمته في السابق، معتبراً أيضاً أنه اتخذ في المقابل العديد من القرارات التي تخالف هذا التيار.
غير أنّ نائب رئيس البرلمان محمد رضا باهنر قال صراحة إن جبهة "الثبات" جزء من التيار المحافظ ويجب تقبلها تحت رايته، مشيراً إلى أن النقاش يدور حالياً حول هذا الأمر. لكن هذه النقاشات تبيّن أنّ الانشقاقات لا تزالت مستمرة داخل بيت المحافظين ورأب الصدع سيكون صعباً رغم ضرورته.
ويدرك رموز التيار أن التوافق في ما بينهم على قضايا محورية قد يساعدهم بطرح خطابهم بشكل أقوى خلال السباق المقبل، ويلعب هؤلاء على وتر الخلاف مع داعمي مَن باتوا يسمون بمثيري الفتنة في البلاد، وهم من يتحملون مسؤولية تأجيج احتجاجات الحركة الخضراء عام 2009 احتجاجاً على فوز الرئيس نجاد بدورة رئاسية ثانية؛ ففي الشارع الإيراني شريحة لا يستهان بها رفضت هذه الاحتجاجات في وقت لاحق.
وقد حذّر في هذا السياق، عضو مجلس الخبراء أحمد علم الهدى، من دعم حكومة الرئيس الحالي حسن روحاني لبعض هؤلاء الأشخاص ومحاولة إعادتهم للساحة السياسية.
إضافة إلى ذلك، فأنّ المحادثات النووية تعتبر ملفاً آخر يركّز عليه المحافظون، وقد وجهوا بين طيات تصريحاتهم انتقادات للرئيس روحاني ولوفده المفاوض، فقد ذكر حداد عادل أنه يوجد في البلاد حالياً تياران: أحدهما لا يرى ضيراً في التنازل في عالم يحكمه نظام دولي تسيّّره الولايات المتحدة، والثاني يصرّ على الاستقلالية والحفاظ على مبادئ إيران الإسلامية.
ويقول إن على بلاده الاحتفاظ بحق التخصيب وبعدد أجهزة الطرد المركزي، معتبراً أن هذا حق أساسي وجزء من المبادئ، منتقداً بذلك تصريحات روحاني الأخيرة.
وهكذا، لا يوجد أمام محافظي إيران إلا خيار رص الصفوف، فضلاً عن البحث عن انتقادات قد تضعف الجبهات الأخرى، وهذا ما قد يساعدهم على الوصول لما يسعون إليه، وهو برلمان جديد محافظ بامتياز.