رفض الاحتلال التجديد لـ"البعثة الدولية" في الخليل: خطوة لمحاولة فرض السيادة الإسرائيلية
تنظر القيادة الفلسطينية بجدية بالغة لتهديدات رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو بعدم التجديد لبعثة التواجد الدولي المؤقت في الخليل، فيما هي مجرّدة من أي أوراق قوة تحول دون هذا التهديد الذي أصبح قابلاً للتنفيذ أكثر من أي وقت مضى، في ظل أمل ضعيف بأن يكون هذا التهديد بعدم تجديد مهمة البعثة مجرد مناورة انتخابية لا أكثر.
وبينما وقّعت منظمة التحرير قبل أيام على تجديد عمل البعثة، ما زالت تنتظر توقيع الحكومة الإسرائيلية على تجديد المهمة ستة أشهر أخرى، إذ يشترط التجديد توقيع الطرفين الفلسطيني والإسرائيلي، وهو انتظار يشوبه قلق شديد في ظل التصعيد الإسرائيلي المتزايد في الضفة الغربية المحتلة على صعيد الاستيطان والنشاطات العسكرية، من اقتحامات وعمليات عسكرية في مختلف أنحاء الضفة.
وقال عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير، أحمد مجدلاني، في تصريحات لـ"العربي الجديد"، إن "المنظمة وقّعت تجديد مهمة قوات التواجد الدولي، فيما لم توقّع حكومة الاحتلال الإسرائيلي حتى الآن". وتابع: "التوقيع يجب أن يتم مرتين في العام، ونحن وقّعنا، وننتظر توقيع حكومة الاحتلال حتى نهاية الشهر الحالي، أي 31 يناير/كانون الثاني".
ولفت مجدلاني إلى أن "حكومة الاحتلال سبق وقامت بالتمهيد (لإنهاء عمل البعثة) في السنوات الماضية عبر التحريض المباشر على البعثة ومهمتها، إذ يتهم الإعلام الإسرائيلي البعثة بمحاباة الفلسطينيين". وطالب مجدلاني "الدول الست المشاركة في البعثة، الدنمارك، وإيطاليا، والنرويج، والسويد، وسويسرا، وتركيا، برفض الإجراء الاحتلالي وعدم الرضوخ لإنهاء عمل البعثة، وخصوصاً أنها تتواجد في المناطق الساخنة، مثل: البلدة القديمة، وتل الرميدة، وطارق بن زياد، وجبل جوهر، التي تتعرض بشكل يومي لاعتداءات الاحتلال"، محذراً من استفراد الاحتلال بالمواطنين الفلسطينيين.
ويتم التجديد لبعثة التواجد الدولي المؤقت في الخليل خلال شهري يناير/كانون الثاني ويوليو/تموز من كل عام. وهي بعثة مراقبة مدنية، وتمت الدعوة إليها بعد المجزرة التي ارتكبها مستوطن إسرائيلي كان يعيش في مستوطنة "كريات أربع"، أقدم على فتح نيران رشاشه على المصلين العزل في الحرم الإبراهيمي في 25 فبراير/شباط 1994، واستشهد على أثرها 29 مصلياً، قبل تمكّن أحد المصلين من السيطرة على الإرهابي وقتله. واتخذ الاحتلال من المذبحة ذريعة لتقسيم الحرم الإبراهيمي بين المسلمين واليهود منذ ذلك الحين.
وطالبت منظمة التحرير الفلسطينية التي كانت في حينه في تونس، مجلس الأمن بتوفير حماية دولية لمدينة الخليل، الأمر الذي صدر عن مجلس الأمن في مايو/أيار 1994، ولاحقاً في اتفاقية الخليل التي أبرمتها السلطة الفلسطينية مع الاحتلال عام 1997 وتم تبنّي قرار مجلس الأمن.
وتتضمن البعثة مراقبين دوليين من الدول المشاركة فيها، وتحصل على التمويل المباشر من قبل هذه الدول أيضاً، حسب ما ذكر الموقع الإلكتروني الخاص بها. ويبلغ عدد عناصر البعثة نحو 60 عنصراً متواجدين في مدينة الخليل، فيما يتضارب الموقف حول وجود الدنمارك حالياً فيها، إذ قال رئيس لجنة إعمار الخليل، عماد حمدان، إن الدنمارك انسحبت قبل نحو عام من البعثة، من دون تأكيد رسمي لذلك.
اقــرأ أيضاً
ويرى مراقبون أن التحريض ضد البعثة لم ينقطع في السنوات الماضية، وقام المستوطنون الإرهابيون الذين يستعمرون قلب مدينة الخليل والمستعمرات المحيطة بها، بالاعتداء على أفراد من البعثة وضربهم أكثر من مرة، وبل وتوجيه اتهامات لهم أدت إلى ترحيل عدد منهم. ففي يوليو/تموز الماضي استدعت وزارة الخارجية الإسرائيلية، رئيس البعثة، ووجّهت تهمة إلى أحد أفرادها بأنه قام بإعطاب عجلة سيارة مستوطن في البلدة القديمة في الخليل، فيما تم توجيه اتهام لآخر بأنه قام بصفع إسرائيلي، ما أدى إلى ترحيل عنصرين من عناصر البعثة.
ويلفت مراقبون إلى أن الغضب الإسرائيلي وتحديداً المستوطنين ضد البعثة، تزايد بعد تسريب تقرير من البعثة حول عملها في العشرين عاماً الماضية في الخليل، ورصدها أكثر من 40 ألف اعتداء وانتهاك إسرائيلي بحق أهالي مدينة الخليل، وتم نشر التقرير المسرب قبل نحو شهرين في صحيفة "هآرتس" الإسرائيلية. وتُقدّم البعثة تقاريرها إلى الفلسطينيين والاحتلال الإسرائيلي، والدول الست التي تدعمها، ولا يتم تعميم أو نشر هذه التقارير في الإعلام.
وقال مصدر أمني فلسطيني لـ"العربي الجديد" إن "أخطر ما جاء في التقرير المسرب أن الحكومة وجيش الاحتلال يتكاملان مع المستوطنين في إجراءات التمييز العنصري ضد الفلسطينيين". وتابع المصدر: "يُظهر التقرير بأنه في عام 2003 أي في ذروة الانتفاضة والحواجز العسكرية الإسرائيلية، كان نحو 1600 فلسطيني يؤدون صلاة الجمعة في الحرم الإبراهيمي، لكن في 2018 انخفض العدد إلى 600 مصلّ، أي أن 60 في المائة من الفلسطينيين تركوا المكان أو لم يعودوا يترددون عليه، وهذا ما لا تريد إسرائيل الحديث عنه حالياً". ولفت المصدر إلى أن "نتنياهو واليمين الإسرائيلي، يدركان أن دور وشرعية ومستقبل وجود البعثة الدولية في الخليل كان مرتبطاً بالمفاوضات الإسرائيلية الفلسطينية، لكن الآن اختلف الأمر لأن مستقبل المفاوضات ذاهب باتجاه الحسم من قبل الاحتلال".
وفيما تأمل القيادة الفلسطينية أن يكون التسويف والتهديد بعدم تجديد مهمة البعثة مجرّد مناورة انتخابية يقوم بها نتنياهو لا أكثر، فإنها تعلّق آمالها على أن الأخير لن يقف ضد خمس دول أوروبية تتمتع بعلاقة إيجابية مع إسرائيل، وبالتالي سيوقّع نتنياهو على التجديد ولو في وقت لاحق أي بعد الانتخابات الإسرائيلية في إبريل/نيسان المقبل.
لكن التقديرات الميدانية لخبراء الشأن الإسرائيلي تشير إلى أن الأمر أعمق من مناورة انتخابية، الأمر الذي لا تريد القيادة الفلسطينية التصريح به. وبحسب هذه التقديرات، فإن "حملة اليمين الإسرائيلي على قوات التواجد الدولي مرتبطة برؤية سياسية للمشروع الصهيوني، إذ سيحسم الكنيست الجديد أمر السيادة على الخليل، وهناك إجماع من اليمين الإسرائيلي على أن الخليل كتلة استيطانية يجب ضمها وفرض السيادة عليها في أي تسوية مستقبلية، أي أن مكانة الخليل سياسياً باتت لا تقل عن مكانة يافا والنقب بالنسبة لإسرائيل".
وتفيد هذه التقديرات التي اطلع عليها الأمن الفلسطيني، بأن "إسرائيل لن تقبل أي وجود دولي مهما كان شكله في منطقة ذات سيادة إسرائيلية، فلم تعد مدينة الخليل وفق التعريف السياسي الإسرائيلي منطقة فلسطينية محتلة وهذا جوهر الموضوع، والكنيست المقبل سيكون كنيست الضم وفرض السيادة الإسرائيلية على أجزاء كبيرة من الضفة".
وتختم هذه المستويات قراءتها الميدانية، قائلة إن "التقارير الإسرائيلية تقول إن وجود هذه القوات في الخليل ساهم في طمأنة بعض الفلسطينيين لتثبيت وجودهم في المدينة، وهذا يتنافى مع المشروع الصهيوني تجاه مدينة الخليل". وحسب مصادر في منظمة التحرير، فقد قدّمت البعثة خلال سنوات عملها نحو 23 ألف تقرير.
من جهته، قال رئيس لجنة إعمار الخليل، عماد حمدان، لـ"العربي الجديد"، إن "أهالي الخليل كانوا يتوقعون في البداية أن تمنع البعثة اعتداءات الاحتلال عليهم، لكنهم مع السنوات اعتادوا على أن وجود هذه العناصر هو لرصد الانتهاكات، لذلك في فترات التصعيد تنشط الرسوم الكاريكاتورية الناقدة، مثل رسم يُظهر تعرض فلسطيني لإطلاق النار أو الضرب بينما يقوم أحد أفراد البعثة بمراقبة الأمر وكتابة تقرير". وأضاف: "على الرغم من ذلك فإن وجود البعثة إيجابي، لأنها طرف محايد وتقوم برصد اعتداءات الاحتلال، وتُعتبر تقاريرها ذات مصداقية في دول العالم، وكل من يزور الخليل من وفود أجنبية أو قناصل يستمدون معلوماتهم من البعثة، وهذا إيجابي للفلسطينيين".
اقــرأ أيضاً
ولفت مجدلاني إلى أن "حكومة الاحتلال سبق وقامت بالتمهيد (لإنهاء عمل البعثة) في السنوات الماضية عبر التحريض المباشر على البعثة ومهمتها، إذ يتهم الإعلام الإسرائيلي البعثة بمحاباة الفلسطينيين". وطالب مجدلاني "الدول الست المشاركة في البعثة، الدنمارك، وإيطاليا، والنرويج، والسويد، وسويسرا، وتركيا، برفض الإجراء الاحتلالي وعدم الرضوخ لإنهاء عمل البعثة، وخصوصاً أنها تتواجد في المناطق الساخنة، مثل: البلدة القديمة، وتل الرميدة، وطارق بن زياد، وجبل جوهر، التي تتعرض بشكل يومي لاعتداءات الاحتلال"، محذراً من استفراد الاحتلال بالمواطنين الفلسطينيين.
ويتم التجديد لبعثة التواجد الدولي المؤقت في الخليل خلال شهري يناير/كانون الثاني ويوليو/تموز من كل عام. وهي بعثة مراقبة مدنية، وتمت الدعوة إليها بعد المجزرة التي ارتكبها مستوطن إسرائيلي كان يعيش في مستوطنة "كريات أربع"، أقدم على فتح نيران رشاشه على المصلين العزل في الحرم الإبراهيمي في 25 فبراير/شباط 1994، واستشهد على أثرها 29 مصلياً، قبل تمكّن أحد المصلين من السيطرة على الإرهابي وقتله. واتخذ الاحتلال من المذبحة ذريعة لتقسيم الحرم الإبراهيمي بين المسلمين واليهود منذ ذلك الحين.
وطالبت منظمة التحرير الفلسطينية التي كانت في حينه في تونس، مجلس الأمن بتوفير حماية دولية لمدينة الخليل، الأمر الذي صدر عن مجلس الأمن في مايو/أيار 1994، ولاحقاً في اتفاقية الخليل التي أبرمتها السلطة الفلسطينية مع الاحتلال عام 1997 وتم تبنّي قرار مجلس الأمن.
وتتضمن البعثة مراقبين دوليين من الدول المشاركة فيها، وتحصل على التمويل المباشر من قبل هذه الدول أيضاً، حسب ما ذكر الموقع الإلكتروني الخاص بها. ويبلغ عدد عناصر البعثة نحو 60 عنصراً متواجدين في مدينة الخليل، فيما يتضارب الموقف حول وجود الدنمارك حالياً فيها، إذ قال رئيس لجنة إعمار الخليل، عماد حمدان، إن الدنمارك انسحبت قبل نحو عام من البعثة، من دون تأكيد رسمي لذلك.
ويرى مراقبون أن التحريض ضد البعثة لم ينقطع في السنوات الماضية، وقام المستوطنون الإرهابيون الذين يستعمرون قلب مدينة الخليل والمستعمرات المحيطة بها، بالاعتداء على أفراد من البعثة وضربهم أكثر من مرة، وبل وتوجيه اتهامات لهم أدت إلى ترحيل عدد منهم. ففي يوليو/تموز الماضي استدعت وزارة الخارجية الإسرائيلية، رئيس البعثة، ووجّهت تهمة إلى أحد أفرادها بأنه قام بإعطاب عجلة سيارة مستوطن في البلدة القديمة في الخليل، فيما تم توجيه اتهام لآخر بأنه قام بصفع إسرائيلي، ما أدى إلى ترحيل عنصرين من عناصر البعثة.
ويلفت مراقبون إلى أن الغضب الإسرائيلي وتحديداً المستوطنين ضد البعثة، تزايد بعد تسريب تقرير من البعثة حول عملها في العشرين عاماً الماضية في الخليل، ورصدها أكثر من 40 ألف اعتداء وانتهاك إسرائيلي بحق أهالي مدينة الخليل، وتم نشر التقرير المسرب قبل نحو شهرين في صحيفة "هآرتس" الإسرائيلية. وتُقدّم البعثة تقاريرها إلى الفلسطينيين والاحتلال الإسرائيلي، والدول الست التي تدعمها، ولا يتم تعميم أو نشر هذه التقارير في الإعلام.
وقال مصدر أمني فلسطيني لـ"العربي الجديد" إن "أخطر ما جاء في التقرير المسرب أن الحكومة وجيش الاحتلال يتكاملان مع المستوطنين في إجراءات التمييز العنصري ضد الفلسطينيين". وتابع المصدر: "يُظهر التقرير بأنه في عام 2003 أي في ذروة الانتفاضة والحواجز العسكرية الإسرائيلية، كان نحو 1600 فلسطيني يؤدون صلاة الجمعة في الحرم الإبراهيمي، لكن في 2018 انخفض العدد إلى 600 مصلّ، أي أن 60 في المائة من الفلسطينيين تركوا المكان أو لم يعودوا يترددون عليه، وهذا ما لا تريد إسرائيل الحديث عنه حالياً". ولفت المصدر إلى أن "نتنياهو واليمين الإسرائيلي، يدركان أن دور وشرعية ومستقبل وجود البعثة الدولية في الخليل كان مرتبطاً بالمفاوضات الإسرائيلية الفلسطينية، لكن الآن اختلف الأمر لأن مستقبل المفاوضات ذاهب باتجاه الحسم من قبل الاحتلال".
وفيما تأمل القيادة الفلسطينية أن يكون التسويف والتهديد بعدم تجديد مهمة البعثة مجرّد مناورة انتخابية يقوم بها نتنياهو لا أكثر، فإنها تعلّق آمالها على أن الأخير لن يقف ضد خمس دول أوروبية تتمتع بعلاقة إيجابية مع إسرائيل، وبالتالي سيوقّع نتنياهو على التجديد ولو في وقت لاحق أي بعد الانتخابات الإسرائيلية في إبريل/نيسان المقبل.
لكن التقديرات الميدانية لخبراء الشأن الإسرائيلي تشير إلى أن الأمر أعمق من مناورة انتخابية، الأمر الذي لا تريد القيادة الفلسطينية التصريح به. وبحسب هذه التقديرات، فإن "حملة اليمين الإسرائيلي على قوات التواجد الدولي مرتبطة برؤية سياسية للمشروع الصهيوني، إذ سيحسم الكنيست الجديد أمر السيادة على الخليل، وهناك إجماع من اليمين الإسرائيلي على أن الخليل كتلة استيطانية يجب ضمها وفرض السيادة عليها في أي تسوية مستقبلية، أي أن مكانة الخليل سياسياً باتت لا تقل عن مكانة يافا والنقب بالنسبة لإسرائيل".
وتختم هذه المستويات قراءتها الميدانية، قائلة إن "التقارير الإسرائيلية تقول إن وجود هذه القوات في الخليل ساهم في طمأنة بعض الفلسطينيين لتثبيت وجودهم في المدينة، وهذا يتنافى مع المشروع الصهيوني تجاه مدينة الخليل". وحسب مصادر في منظمة التحرير، فقد قدّمت البعثة خلال سنوات عملها نحو 23 ألف تقرير.
من جهته، قال رئيس لجنة إعمار الخليل، عماد حمدان، لـ"العربي الجديد"، إن "أهالي الخليل كانوا يتوقعون في البداية أن تمنع البعثة اعتداءات الاحتلال عليهم، لكنهم مع السنوات اعتادوا على أن وجود هذه العناصر هو لرصد الانتهاكات، لذلك في فترات التصعيد تنشط الرسوم الكاريكاتورية الناقدة، مثل رسم يُظهر تعرض فلسطيني لإطلاق النار أو الضرب بينما يقوم أحد أفراد البعثة بمراقبة الأمر وكتابة تقرير". وأضاف: "على الرغم من ذلك فإن وجود البعثة إيجابي، لأنها طرف محايد وتقوم برصد اعتداءات الاحتلال، وتُعتبر تقاريرها ذات مصداقية في دول العالم، وكل من يزور الخليل من وفود أجنبية أو قناصل يستمدون معلوماتهم من البعثة، وهذا إيجابي للفلسطينيين".