والإثنين أعلن حفتر إسقاط اتفاق الصخيرات السياسي وتنصيب نفسه حاكماً للبلاد، دون الاستناد إلى أي شرعية معترف بها داخلياً ودولياً.
وعقب ساعات من إعلان حفتر تواترت المواقف الدولية الرافضة والمنددة بـ"قرار أحادي الجانب" يزيد من وطأة الصراع الدامي في البلد الغني بالنفط.
والثلاثاء، أعلنت الأمم المتحدة أن اتفاق الصخيرات هو الإطار الدولي الوحيد للاعتراف بالوضع الليبي، في إشارة إلى حكومة "الوفاق الوطني" المعترف بها دولياً.
وأوضح المتحدث باسم الأمين العام ستيفان دوجاريك، في مؤتمر صحافي، الرفض الأممي لقرار حفتر بقوله: "أي تغيير سياسي في ليبيا يجب أن يتم عبر الوسائل الديمقراطية، وليس العسكرية". وتابع: "قلقون للغاية بشأن تلك التطورات (..) ونعتبر أن الاتفاق السياسي الليبي (الصخيرات) هو الإطار الدولي الوحيد الذي يعترف بالوضع الراهن في ليبيا".
وفي ديسمبر/ كانون الأول 2015، وقّعت الأطراف الليبية اتفاقاً سياسياً في مدينة الصخيرات المغربية، نتج عنه تشكيل مجلس رئاسي يقود حكومة الوفاق، إضافة إلى التمديد لمجلس النواب، وإنشاء مجلس أعلى للدولة، لكن حفتر سعى طوال سنوات إلى تعطيله وإسقاطه.
بدورها، شددت بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا، الثلاثاء، على أن أي تغيير سياسي بالبلاد ينبغي أن يتم عبر الوسائل الديمقراطية. ونقلت صفحة البعثة عبر فيسبوك، عن رئيستها ستيفاني وليامز، قولها إن "الاتفاق السياسي الليبي والمؤسسات المنبثقة عنه يبقيان الإطار الوحيد المعترف به دولياً للحوكمة في ليبيا".
Facebook Post |
وجددت وليامز دعوتها إلى "هدنة إنسانية فورية خلال شهر رمضان المبارك، ما يمهد الطريق أمام وقف دائم لإطلاق النار"، فيما وصف الاتحاد الأوروبي خطوة حفتر بأنها "انتهاك للاتفاق السياسي المبرم في 2015".
وقال المتحدث باسم المفوضية الأوروبية بيتر ستانو، في تصريح صحافي الثلاثاء، إن "استخدام العنف والحلول الفردية يضر بالعملية السياسية، وينتهك اتفاقية عام 2015". وأضاف أن الاتحاد يتابع عن كثب وقلق التطورات الأخيرة، داعياً الأطراف إلى إنهاء الصراع والعودة للعملية السياسية.
وعلى صعيد متصل، أعرب الممثل الأعلى للشؤون الخارجية والأمنية بالاتحاد الأوروبي جوزيف بوريل، عن الأسف لتصاعد القتال في ليبيا، على الرغم من الدعوات الدولية إلى هدنة إنسانية لاحتواء فيروس كورونا في البلاد.
وأدان بوريل، في بيان الثلاثاء، استخدام البنية التحتية المدنية لأغراض عسكرية، ودعا جميع الأطراف إلى احترام حقوق الإنسان والقانون الدولي. وقال إن "الظروف الصعبة الناجمة عن وباء كورونا تجعل الحاجة إلى وقف القتال في طرابلس وفي جميع أنحاء البلاد أكثر إلحاحاً. ونحن ندين بشدة أي هجوم على السكان المدنيين".
أما الولايات المتحدة فأعربت عن بالغ أسفها حيال إعلان حفتر، مؤكدة أن "التغييرات في الهيكل السياسي الليبي لا يمكن فرضها من خلال إعلان أحادي الجانب". وحثت السفارة الأميركية لدى طرابلس، في بيان، الإثنين، مليشيات حفتر على الانضمام إلى حكومة الوفاق الوطني، في إعلان وقف فوري للأعمال العدائية لدواعٍ إنسانية.
كذلك دعت إلى وقف فوري لإطلاق النار والأعمال العدائية على النحو المنصوص عليه في محادثات (5 + 5) التي يسّرتها البعثة الأممية للدعم بليبيا في 23 فبراير/ شباط الماضي في جنيف.
وطالبت وزارة الخارجية الروسية جميع أطراف النزاع بوقف القتال والأعمال العدائية فوراً، واستئناف الحوار تحت رعاية الأمم المتحدة. وقال وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، الثلاثاء: "نرفض إعلان تنصيب حفتر نفسه حاكماً على ليبيا".
ولاحقاً، أضافت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الروسية ماريا زاخاروفا، في بيان: "نحن على يقين بأن استمرار الصراع بين الإخوة محفوف بعواقب وخيمة على ليبيا وشعبها الذي طالت معاناته". وطالبت زاخاروفا "جميع أطراف النزاع بالتحلي بالمسؤولية تجاه مصير وطنهم، وأن يتوقفوا عن الأعمال العدائية فورا".
ورغم إعلان القيادة السياسية في مصر مراراً دعم حفتر، غير أنها أعلنت في بيان لوزارة خارجيتها الثلاثاء تمسكها بالحل السياسي، ما يعني رفضها إلغاء الاتفاق السياسي، وهو ما يضع حفتر في عزلة دولية.
من جهتها، أعربت دولة قطر عن رفضها إعلان اللواء المتقاعد خليفة حفتر حصوله على "تفويض شعبي" يسمح له بقيادة ليبيا واعتبرت ذلك تأكيداً جديداً على إمعانه في الانقلاب على الشرعية الدولية والتوافق الوطني الليبي واستهتاراً واضحاً بالمجتمع الدولي "الذي وقف طويلاً دون أن يحرك ساكناً تجاه الجرائم المرتكبة في حق الشعب الليبي الشقيق منذ البدء بالاعتداء على طرابلس العام الماضي".
وأكدت وزارة الخارجية، في بيان اليوم، أن اللواء المتقاعد خليفة حفتر ساق ذريعة واهية في إعلانه تعكس مدى استخفافه بحرمة الدم الليبي وبعقول من يستمعون إليه، مشيرة إلى أن حفتر يستمر في عسكرة المشهد السياسي والانقضاض على المدنيين وعلى المسار السياسي دون أدنى اعتبار لمأساة الشعب الليبي بأطفاله ونسائه وشيوخه ونازحيه ومهجّريه.
وطالب البيان المجتمع الدولي والفاعلين في المشهد الليبي بالوقوف على مسؤوليتهم الإنسانية والتاريخية وكفّ يدّ حفتر ومليشياته عن الإيغال في سفك دماء الأبرياء وتمزيق أوصال الوطن الليبي.
كذلك أعربت جامعة الدول العربية، في بيان الأربعاء، عن بالغ انزعاجها حيال التصعيد السياسي والعسكري في ليبيا، داعية أطراف النزاع إلى الالتزام بالمسار السياسي الذي ترعاه الأمم المتحدة والمجتمع الدولي.
وأكدت الجامعة العربية "رفض اللجوء للخيار العسكري، والالتزام بالحوار السياسي بصفته السبيل الوحيد لتسوية الأزمة الليبية". وجددت مناشدة أطراف النزاع "حقن الدماء والالتزام بهدنة إنسانية خلال شهر رمضان"، بحسب البيان ذاته.
محلياً، اعتبر المجلس الأعلى للدولة الليبي، والمجلس الرئاسي لحكومة الوفاق، إعلان حفتر "انقلاباً على المسار الديمقراطي" في البلاد.
وتنازع مليشيات حفتر حكومة الوفاق على الشرعية والسلطة، وتواصل هجوماً بدأته في 4 إبريل/ نيسان 2019، للسيطرة على العاصمة طرابلس، مقر الحكومة.
تركيا تتعهد بالدفاع عن طرابلس
بدورها، اتهمت تركيا الأربعاء حفتر بالسعي إلى "إنشاء ديكتاتورية عسكرية" وتعهدت "بالدفاع" عن حكومة الوفاق الوطني الليبية في طرابلس التي تعترف بها الأمم المتحدة. ونددت وزارة الخارجية التركية بتصريحات حفتر. وقالت في بيان "بهذا الإعلان أظهر مرة أخرى أن حفتر لا يسعى لحل سياسي للأزمة في ليبيا ولا يدعم الجهود الدولية في هذا الصدد. ويهدف إلى خلق ديكتاتورية عسكرية في البلاد".
ودعت الوزارة المجتمع الدولي إلى "الردّ دون مزيد من التأخير على هذا الشخص الذي كشف بلا شك عن نيته إقامة نظام طغمة عسكرية في ليبيا".
قتيل بقصف مليشيا حفتر مقراً صحياً في طرابلس
وفي تصريح لوكالة "الأناضول"، قال أمين الهاشمي، المستشار الإعلامي لوزارة الصحة التابعة لحكومة الوفاق، إن "موظفاً بوزارة الصحة قُتل وأُصيب 6 آخرون جراء قصف لمليشيات حفتر استهدف مقر إدارة جهاز الطب العسكري (تابع للوزارة)". وأضاف الهاشمي أن القصف تسبب في أضرار مادية بمقر جهاز الطب العسكري، دون تفاصيل أكثر.
وتنازع مليشيا حفتر حكومة الوفاق المعترف بها دولياً على الشرعية والسلطة في البلد الغني بالنفط، وتواصل هجوماً بدأته في 4 إبريل/ نيسان 2019، للسيطرة على العاصمة طرابلس، مقر الحكومة.
(الأناضول, فرانس برس)