مع اقتراب حلول شهر رمضان وبهدف دعم القدرات الشرائيّة للمواطنين والمقيمين وكذلك تفعيل مبدأ المسؤوليّة الاجتماعيّة لدى التجار، بادرت وزارة الاقتصاد والتجارة في قطر إلى تخفيض سعر أربعمئة سلعة غذائيّة وفرضت رقابة مشدّدة على الأسواق، بعد أن شهدت الأخيرة ارتفاعاً كبيراً في الأسعار بخاصة تلك المرتبطة بسلع شهر رمضان بنحو ثلاثين في المئة.
وتشمل مبادرة الوزارة أيضاً دعم اللحوم العربيّة بمبلغ 12 مليون ريال قطري، بهدف توفيرها بسعر مخفض للمستهلكين وحتى يتسنّى لكل مواطن في قطر شراء خروفَين طيلة الشهر بالسعر المدعوم. ويستطيع المواطن الحصول على هذه الخراف بواسطة البطاقة القطريّة الشخصيّة والحصول على "الكوبونات" المعدّة لهذا الغرض من مقاصب بيع الخراف المختلفة.
وفي هذا الإطار أيضاً، أعلنت إحدى الشركات القطريّة الخاصة عن طرح ألف منتج استهلاكي بسعر التكلفة، بهدف تحقيق التوازن في الأسعار والحدّ من ارتفاعها.
إلى ذلك، تتميّز المائدة الرمضانيّة في قطر عن غيرها من الموائد إذ يوليها العديد من المواطنين والمقيمين اهتماماً خاصاً. فيشترون كميات كبيرة من الأطعمة، بخاصة اللحوم والمكسرات والبقوليات والفاكهة المجففة، بالإضافة إلى الحلويات بمختلف أنواعها. لذا يعدّ شهر رمضان من أكثر الأشهر التي تستنزف دخل الأسر من المواطنين والمقيمين الذين ينفقون في خلاله أضعاف ما ينفقونه في أي من أشهر السنة الأخرى.
وتجدر الإشارة هنا إلى أنه وبحسب إحصاءات وزارة التخطيط التنموي في قطر، يبلغ متوسط دخل الأسرة القطريّة 88.2 ألف ريال شهرياً في حين يبلغ متوسط الدخل الشهري للأسرة غير القطريّة 24.4 ألف ريال تقريباً. ويبلغ متوسط إنفاق الأسرة القطريّة الشهري 49.6 ألف ريال قطري، في مقابل 18 ألف ريال للأسر غير القطريّة. أما متوسط إنفاق الأسر بشكل إجمالي فيبلغ 26.5 ألف ريال.
موائد إفطار جماعي
وفي خلال الأيام الأخيرة، تسابقت الجمعيات الخيريّة في قطر للإعلان عن أماكن إقامة موائد الإفطار الجماعي التي تنتشر في العاصمة الدوحة وفي العديد من المدن القطريّة الأخرى، ينافسها في ذلك عدد من المحسنين ورجال الأعمال الذين يرصدون سنوياً مبالغ ماليّة لإقامة موائد الإفطار الرمضانيّة التي تمتلئ بالصائمين، خصوصاً من العمال الوافدين العزّاب الذين يجدون في تلك الموائد تعويضاً لهم عن دفء الأسرة في الشهر الفضيل.
وتعدّ نسبة الوافدين إلى دولة قطر، الأعلى في العالم بحسب تقرير الأمم المتحدة للتنمية البشريّة، إذ وصلت إلى 82 بالمئة من سكان البلد البالغ تعدداهم نحو مليونَين ومئتَي ألف نسمة. ويزيد عدد الذكور على الإناث أربعة أضعاف، وتأتي العمالة الوافدة بخاصة الآسيويّة منها كأحد أبرز أسباب زيادة نسبة الذكور مقارنة بالإناث.
مدفع رمضان
يعدّ مدفع رمضان علامة مميّزة أخرى للشهر الفضيل، إذ تتسابق عشرات الأسر القطريّة والمقيمة على مدى أيام الشهر وخلال فترتَي السحور والإفطار، على مشاهدة الإطلاق اليومي للمدفع على كورنيش الدوحة وبعض المدن القطريّة الأخرى. وتقوم قوى الأمن الداخلي "لخويا" سنوياً بتوزيع زجاجات الماء البارد والتمر على الصائمين، بخاصة الأطفال منهم الذين يستغلون فترة ما قبل إطلاق المدفع باللعب حوله.
ويسجّل صندوق الزكاة القطري، طيلة أيام الشهر نشاطاً كبيراً إذ يخصّص خطوطاً ساخنة لتلقي اتصالات المواطنين الراغبين في دفع زكاة أموالهم. ويفضّل العديد من المواطنين والمقيمين في قطر تخصيص شهر رمضان لإخراج زكاة أموالهم السنويّة.
"قرنقعوه"
يتميّز شهر رمضان في قطر ودول الخليج العربيّة الأخرى، بالاحتفال بليلة "قرنقعوه" التي تحمل أسماء مختلفة في بلدان أخرى. وهي ليلة تراثيّة يجري الاحتفال بها في منتصف شهر رمضان، فيطوف الأطفال وقد ارتدوا أزياءً خاصة شوارع المدن القطريّة بعد صلاة المغرب، ويطرقون أبواب الجيران في الحي حاملين في أيديهم أكياساً فارغة من القماش منشدين نشيداً خاصاً بالمناسبة "عطونا الله يعطيكم.. بيت مكة يوديكم. يا مكة يا المعمورة. يا أمّ السلاسل والذهب يا نورة"... ليعودوا إلى منازلهم وقد جمعوا مختلف أنواع المكسرات والحلوى فيها.