26 سبتمبر 2018
رمضان وواقع أمر من العلقم
هبة كريزم (فلسطين)
تجلس في المطبخ بعد العصر، لتمسك بيدها بعض من الخضروات التي تغسلها لتحضير السلطة، مطبخها لا يتعدّى بعض السنتميترات، وما يوجد بداخله غير مرتب، كأن حرباً ضروساً دارت بداخله جرّاء تحضير فطور اليوم الأول من رمضان لعام 2016.
سماح، الأم لخمسة من الأبناء، تقطن وزوجها، والدة زوجها في كرفان ضيق المساحة جنوب قطاع غزة، حيث يوجد، للعام الثاني على التوالي، أصحاب البيوت المدمرة جرّاء عدوان عام 2014، أوضاعهم صعبة جدا، يعانون من ضيق الحال، والحرارة العالية للصفيح الذي يأويهم.
على قارعة الطريق، تجلس مسنة في مساحةٍ لا تتعدّى المترين، هرباً من الأفران الحرارية، لعلها تجد نسمة هواء تهوّن عليها حر الصيف في شهر رمضان، تراقب بأعين دامعة حالها، وحال كثيرين من جيرانها، فبعضهم خرج للتخلص من حرارة الأجواء قليلا، ويفترش آخرون الكرفان، يجهز طعام الإفطار، متغاضياً عن الأوضاع المأساوية المحيطة به.
توصف الحياة وسط الكرفانات بالبساطة والبدائية؛ قطع قماشية استخدمت أبواباً لها، وهناك سيدات يجلسن أمام منازلهن المعدنية بجوار أطفالهن، يرقبون كل شخص غريب بينهم.
التجول داخل الكرفان يجعلك تشعر بمدى الظلم الواقع على ساكنيه، فكثيراً ما تشدّهم الذكريات إلى الماضي، وتنبش ذاكرتهم لحظات الإفطار والسحور التي كانت تجمع العائلة الواحدة، ليتبادلوا أطراف الأحاديث فيما بينهم، يعيشون داخل ذكرياتهم بضع لحظات، ترتسم على وجوههم بعض الابتسامات والتعبيرات الجميلة، وفجأة وبدون سابق إنذار يعودون إلى واقعٍ أمرّ من العلقم، وتبدأ تفاصيل الحياة الأليمة بنحت أثارها على وجوههم، لتذكّر أقارب رحلوا، وتشتت العائلة في أكثر من مكان.
"فقاسات للبيض"، هذا اللقب رافق الكرفان منذ السكن فيه، فسكانه يقولون إن هذه المنازل لا تصلح للشتاء أو الصيف، فكل شيء مفقود بداخله، لا يوجد راحة أو أمان أبدا، بل وصل الأمر إلى حد المقارنة مع الحيوانات، إذ يعلقون: "حتى الحيوانات تعيش في ظروف معيشية أفضل منا جميعا".
رمضان أتى للعام الجديد، ولم يحدث أي تغيير، بل تراجعت الاوضاع وساءت، فعمّ يمكننا الحديث؟ عن عجوز تسرع هربا من نار الكرفان، أم عن سيدة تحاول التأقلم لأجل أطفالها؟
سماح، الأم لخمسة من الأبناء، تقطن وزوجها، والدة زوجها في كرفان ضيق المساحة جنوب قطاع غزة، حيث يوجد، للعام الثاني على التوالي، أصحاب البيوت المدمرة جرّاء عدوان عام 2014، أوضاعهم صعبة جدا، يعانون من ضيق الحال، والحرارة العالية للصفيح الذي يأويهم.
على قارعة الطريق، تجلس مسنة في مساحةٍ لا تتعدّى المترين، هرباً من الأفران الحرارية، لعلها تجد نسمة هواء تهوّن عليها حر الصيف في شهر رمضان، تراقب بأعين دامعة حالها، وحال كثيرين من جيرانها، فبعضهم خرج للتخلص من حرارة الأجواء قليلا، ويفترش آخرون الكرفان، يجهز طعام الإفطار، متغاضياً عن الأوضاع المأساوية المحيطة به.
توصف الحياة وسط الكرفانات بالبساطة والبدائية؛ قطع قماشية استخدمت أبواباً لها، وهناك سيدات يجلسن أمام منازلهن المعدنية بجوار أطفالهن، يرقبون كل شخص غريب بينهم.
التجول داخل الكرفان يجعلك تشعر بمدى الظلم الواقع على ساكنيه، فكثيراً ما تشدّهم الذكريات إلى الماضي، وتنبش ذاكرتهم لحظات الإفطار والسحور التي كانت تجمع العائلة الواحدة، ليتبادلوا أطراف الأحاديث فيما بينهم، يعيشون داخل ذكرياتهم بضع لحظات، ترتسم على وجوههم بعض الابتسامات والتعبيرات الجميلة، وفجأة وبدون سابق إنذار يعودون إلى واقعٍ أمرّ من العلقم، وتبدأ تفاصيل الحياة الأليمة بنحت أثارها على وجوههم، لتذكّر أقارب رحلوا، وتشتت العائلة في أكثر من مكان.
"فقاسات للبيض"، هذا اللقب رافق الكرفان منذ السكن فيه، فسكانه يقولون إن هذه المنازل لا تصلح للشتاء أو الصيف، فكل شيء مفقود بداخله، لا يوجد راحة أو أمان أبدا، بل وصل الأمر إلى حد المقارنة مع الحيوانات، إذ يعلقون: "حتى الحيوانات تعيش في ظروف معيشية أفضل منا جميعا".
رمضان أتى للعام الجديد، ولم يحدث أي تغيير، بل تراجعت الاوضاع وساءت، فعمّ يمكننا الحديث؟ عن عجوز تسرع هربا من نار الكرفان، أم عن سيدة تحاول التأقلم لأجل أطفالها؟
مقالات أخرى
21 يناير 2018
16 نوفمبر 2016
14 اغسطس 2016