مكانة خاصة، تلك التي تحتلها منطقة ميدان المساجد في الإسكندرية، في قلوب المصريين، لاسيما في شهر رمضان. ويحرص كثيرون على استشعار روحانيات الشهر الكريم في مساجدها العريقة والتاريخية التي اكتسبت شهرة واسعة. ولا تستقيم الأجواء الرمضانية في المدينة الساحلية من دون أداء صلاة التراويح والاعتكاف في العشر الأواخر في الميدان الذي يضمّ ثلاثة من أعرق وأشهر مساجد المدينة، وهي مسجد أبو العباس المرسي ومسجد الإمام البوصيري ومسجد ياقوت العرش التي تطلّ كلها على البحر الأبيض المتوسط.
يتوافد المؤمنون على الميدان الذي يقع في حيّ بحري، سواء من أبناء المدينة أو من المصطافين الآتين من كلّ حدب وصوب، للاستمتاع بحلاوة الأجواء الإيمانية وعبق الماضي، التي لا تتوفّر في أيّ مكان آخر في الإسكندرية. ثمّة رونق متميّز للمآذن الشامخة وطرز المساجد المعمارية.
هنا، لا يقتصر الأمر على الصلاة فحسب. فالميدان يشهد إقبال مريدي الموالد والأولياء على الطريقة الصوفية، إذ إنّ في المساجد الثلاثة أضرحة يزورونها في مواعيد ثابتة وفقاً للتقويم الهجري على مدار العام، وذلك لممارسة الطقوس التي اعتادوها.
أحمد سعدون من هؤلاء الذين يحرصون على التوجّه إلى ميدان المساجد طيلة شهر رمضان، "على الرغم من المشوار الذي أقطعه من مكان سكني في غرب المدينة، لأداء صلاة العشاء وبعدها التراويح في مسجد المرسي أبو العباس، أحد أشهر معالم محافظة الإسكندرية الدينية، لما فيه من سكينة وخشوع بالإضافة إلى قراءة إمامه المتميزة والخاشعة".
أمّا أحمد فتحي، فيرى أنّ "القرب من شاطئ البحر والطقس المنعش صيفاً، يجعلان للصلاة في ميدان المساجد نكهة خاصة، تشعرك بروحانيات الشهر الكريم، لا تجدها في أي مكان آخر بالإسكندرية". يضيف أنّ "هذا المسجد الأثري يضفي مع زخارفه روحاً خاصة وخشوعاً كبيراً، إلى جانب جمال معماره وحلاوة أصوات المؤذّنين وقارئي القرآن الكريم، بالإضافة إلى ما يوفّره لمرتاديه من أجواء إيمانية". ويشير فتحي إلى أنّه كان يشعر "بأحاسيس مماثلة في مسجد القائد إبراهيم في منطقة محطة الرمل وسط المدينة. لكنّ التضييق الأمني على المكان والإجراءات التي تفرضها السلطات تحسباً لأيّ تظاهرات مؤيدة للرئيس المعزول، محمد مرسي، في ساحته، حوّلته إلى مكان مقفر لا يصلّي فيه سوى مؤمنين يمكن عدّهم على أصابع اليدَين الاثنتَين في كلّ فرض".
من جهتها، ترتاد أم عمر الخمسينية، مسجد سيدي ياقوت العرش. تقول: "تعوّدت منذ طفولتي على ارتياد المسجد وأداء الصلاة وتلاوة القرآن والتصدّق فيه، مذ كان والدي يصطحبني وإخوتي في كلّ يوم جمعة. واليوم، أجدني أكرّر الأمر نفسه مع بناتي. وهذا من أكثر المساجد التي أشعر فيها بروحانيات الشهر الكريم". تضيف أنّ "حلاوة الأجواء الإيمانية في ميدان المساجد لا يشعر بها إلا من اعتاد عليها"، لكنها تبدي انزعاجاً كبيراً من "تحوّل ميدان المساجد إلى ساحة تضمّ مجموعة كبيرة من المتسولين بالإضافة إلى عاطلين من العمل وخارجين على القانون تؤويهم بعض المقاهي".
اقــرأ أيضاً
محروس محمود من مرتادي ميدان المساجد أيضاً. يقول إنّ "مسجد أبي العباس المرسي ظلّ على مرّ السنين أبرز المظاهر الإسلامية في الإسكندرية. كان يقصده الأهالي لأداء الصلاة، خصوصاً في أيام الجمعة وليالي رمضان، فيما تتبارك العجائز بالجلوس في حضرته حتى ولو كان ذلك في ساحته الخارجية. وكثيرة هي الأجيال التي اعتادت اللعب في تلك الساحة التي كانت أشهر ساحات مساجد الإسكندرية قبل أن تتحوّل إلى مجمّع للمقاهي".
في هذا السياق، يطالب وكيل المشيخة العامة للطرق الصوفية في الإسكندرية جابر قاسم، "بضرورة الاهتمام بمنطقة ميدان المساجد التي تُعدّ من أشهر معالم الإسكندرية الدينية، إذ تضمّ ثلاثة من أعرق مساجد المدينة". ويشير إلى أنّ الميدان عرف مراحل بناء وتجديد وتطوير مختلفة، كان آخرها على يد، الملك فؤاد، الذي أمر بإنشاء ميدان فسيح يضمّ المساجد الثلاثة.
ويوضح قاسم أنّ "مسجد أبو العباس المرسي شُيّد في عام 706 هجري، على يد الشيخ زين الدين بن القبطان كبير تجّار الإسكندرية في ذلك الوقت. وقد بناه ووضع تصميمه وزخرفته على الشكل الحالي، المهندس الإيطالي، ماريو روسي، وهو معماري شهير شغف ببناء المساجد". يضيف: "إلى يمينه، شُيّد مسجدا الإمام البوصيري ومسجد ياقوت العرش".
إلى ذلك، يشير وكيل وزارة الأوقاف في الإسكندرية، عبدالناصر نسيم، إلى أنّ "شكاوى عدّة تلقتها المديرية تحذّر من الأزمات التي تحيط بمنطقة ميدان المساجد، الأمر الذي نقلته المديرية إلى الوزارة. وقد شكّلت لجنة بدورها لمناقشة الأمر ووضع مجموعة من الإجراءات لإنقاذ التراث المعماري الإسلامي للمساجد الثلاثة". يضيف: "طالبت مديرية الآثار في الإسكندرية بضمّ المساجد إلى مجلّد الآثار الإسلامية، للحفاظ عليها، خصوصاً أنّ أكثر من مائة عام مرّت عليها، وهو الشرط الذي يحدّد أحقيّة الضم من عدمه. لكنّ الأمر لم يُحسم بعد".
اقــرأ أيضاً
يتوافد المؤمنون على الميدان الذي يقع في حيّ بحري، سواء من أبناء المدينة أو من المصطافين الآتين من كلّ حدب وصوب، للاستمتاع بحلاوة الأجواء الإيمانية وعبق الماضي، التي لا تتوفّر في أيّ مكان آخر في الإسكندرية. ثمّة رونق متميّز للمآذن الشامخة وطرز المساجد المعمارية.
هنا، لا يقتصر الأمر على الصلاة فحسب. فالميدان يشهد إقبال مريدي الموالد والأولياء على الطريقة الصوفية، إذ إنّ في المساجد الثلاثة أضرحة يزورونها في مواعيد ثابتة وفقاً للتقويم الهجري على مدار العام، وذلك لممارسة الطقوس التي اعتادوها.
أحمد سعدون من هؤلاء الذين يحرصون على التوجّه إلى ميدان المساجد طيلة شهر رمضان، "على الرغم من المشوار الذي أقطعه من مكان سكني في غرب المدينة، لأداء صلاة العشاء وبعدها التراويح في مسجد المرسي أبو العباس، أحد أشهر معالم محافظة الإسكندرية الدينية، لما فيه من سكينة وخشوع بالإضافة إلى قراءة إمامه المتميزة والخاشعة".
أمّا أحمد فتحي، فيرى أنّ "القرب من شاطئ البحر والطقس المنعش صيفاً، يجعلان للصلاة في ميدان المساجد نكهة خاصة، تشعرك بروحانيات الشهر الكريم، لا تجدها في أي مكان آخر بالإسكندرية". يضيف أنّ "هذا المسجد الأثري يضفي مع زخارفه روحاً خاصة وخشوعاً كبيراً، إلى جانب جمال معماره وحلاوة أصوات المؤذّنين وقارئي القرآن الكريم، بالإضافة إلى ما يوفّره لمرتاديه من أجواء إيمانية". ويشير فتحي إلى أنّه كان يشعر "بأحاسيس مماثلة في مسجد القائد إبراهيم في منطقة محطة الرمل وسط المدينة. لكنّ التضييق الأمني على المكان والإجراءات التي تفرضها السلطات تحسباً لأيّ تظاهرات مؤيدة للرئيس المعزول، محمد مرسي، في ساحته، حوّلته إلى مكان مقفر لا يصلّي فيه سوى مؤمنين يمكن عدّهم على أصابع اليدَين الاثنتَين في كلّ فرض".
من جهتها، ترتاد أم عمر الخمسينية، مسجد سيدي ياقوت العرش. تقول: "تعوّدت منذ طفولتي على ارتياد المسجد وأداء الصلاة وتلاوة القرآن والتصدّق فيه، مذ كان والدي يصطحبني وإخوتي في كلّ يوم جمعة. واليوم، أجدني أكرّر الأمر نفسه مع بناتي. وهذا من أكثر المساجد التي أشعر فيها بروحانيات الشهر الكريم". تضيف أنّ "حلاوة الأجواء الإيمانية في ميدان المساجد لا يشعر بها إلا من اعتاد عليها"، لكنها تبدي انزعاجاً كبيراً من "تحوّل ميدان المساجد إلى ساحة تضمّ مجموعة كبيرة من المتسولين بالإضافة إلى عاطلين من العمل وخارجين على القانون تؤويهم بعض المقاهي".
محروس محمود من مرتادي ميدان المساجد أيضاً. يقول إنّ "مسجد أبي العباس المرسي ظلّ على مرّ السنين أبرز المظاهر الإسلامية في الإسكندرية. كان يقصده الأهالي لأداء الصلاة، خصوصاً في أيام الجمعة وليالي رمضان، فيما تتبارك العجائز بالجلوس في حضرته حتى ولو كان ذلك في ساحته الخارجية. وكثيرة هي الأجيال التي اعتادت اللعب في تلك الساحة التي كانت أشهر ساحات مساجد الإسكندرية قبل أن تتحوّل إلى مجمّع للمقاهي".
في هذا السياق، يطالب وكيل المشيخة العامة للطرق الصوفية في الإسكندرية جابر قاسم، "بضرورة الاهتمام بمنطقة ميدان المساجد التي تُعدّ من أشهر معالم الإسكندرية الدينية، إذ تضمّ ثلاثة من أعرق مساجد المدينة". ويشير إلى أنّ الميدان عرف مراحل بناء وتجديد وتطوير مختلفة، كان آخرها على يد، الملك فؤاد، الذي أمر بإنشاء ميدان فسيح يضمّ المساجد الثلاثة.
ويوضح قاسم أنّ "مسجد أبو العباس المرسي شُيّد في عام 706 هجري، على يد الشيخ زين الدين بن القبطان كبير تجّار الإسكندرية في ذلك الوقت. وقد بناه ووضع تصميمه وزخرفته على الشكل الحالي، المهندس الإيطالي، ماريو روسي، وهو معماري شهير شغف ببناء المساجد". يضيف: "إلى يمينه، شُيّد مسجدا الإمام البوصيري ومسجد ياقوت العرش".
إلى ذلك، يشير وكيل وزارة الأوقاف في الإسكندرية، عبدالناصر نسيم، إلى أنّ "شكاوى عدّة تلقتها المديرية تحذّر من الأزمات التي تحيط بمنطقة ميدان المساجد، الأمر الذي نقلته المديرية إلى الوزارة. وقد شكّلت لجنة بدورها لمناقشة الأمر ووضع مجموعة من الإجراءات لإنقاذ التراث المعماري الإسلامي للمساجد الثلاثة". يضيف: "طالبت مديرية الآثار في الإسكندرية بضمّ المساجد إلى مجلّد الآثار الإسلامية، للحفاظ عليها، خصوصاً أنّ أكثر من مائة عام مرّت عليها، وهو الشرط الذي يحدّد أحقيّة الضم من عدمه. لكنّ الأمر لم يُحسم بعد".