ويكرر ريفلين الادّعاء بأن حكومة الاحتلال اعتذرت عن المجزرة الرهيبة، وأن القضاء الإسرائيلي قال كلمته وعاقب المجرمين الذين نفذوا أوامر غير قانونية، علماً بأن منفذي المذبحة حازوا عفوا عاما، وكانت الغرامة الأكبر التي فُرضت على من أصدر الأوامر العقيد يسخار شدمي، دفع قرش واحد عن 49 شهيداً سقطوا في كفر قاسم.
واكتفى ريفلين بالقول إنّ "جريمة خطيرة وقعت هنا"، مضيفاً أنّ "مجزرة كفر قاسم لم تكن على فظاعتها سوى فصل شاذ وقاتم في تاريخ العلاقات بين اليهود والعرب الذين يعيشون هنا".
وحاول ريفلين خلال كلمته في كفر قاسم، الترويج لأكذوبة العيش المشترك في إسرائيل، بصفتها الوطن القومي للشعب اليهودي الذي عاد إلى وطنه بعد ألفي عام، واصفاً الفلسطينيين في الداخل بأنهم عرب أرض إسرائيل.
ولم يتردّد ريفلين، المعروف بتعصّبه وتطرّفه اليميني ودعمه لأرض إسرائيل الكبرى والاستيطان الصهيوني، في استغلال المنبر الذي وفّرته له بلدية كفر قاسم وقد رُفع على يمينه ويساره العلم الإسرائيلي، مع وضع لافتة بالعبرية عن الذكرى السنوية الـ58 للمذبحة، ليعظ الفلسطينيين في الداخل، ويدعو قادة الأحزاب السياسيّة لاستنكار ما وصفه بالعنف والإرهاب، معلناً أنّه أتى إلى كفر قاسم بفعل عملية القدس التي جرت قبل أيام، مدّعياً أنّ "إسرائيل ستبقى بيتاً يتسع للسكان العرب، ولن ندفع أحداً خارجها".
ولم يتوقّف ريفلين هنا. بل واصل تحريضه من متحف الشهداء في كفر قاسم، ضدّ الحركة الوطنيّة في الداخل الفلسطيني، عندما قال إنّ "هناك جزءاً لا يُستهان به من الجمهور العربي غير مستعد لتقبّل فكرة أن إسرائيل هي دولة الشعب اليهودي"، ومعرباً عن أسفه "لأنه ما زال هناك من يختار من مواطني إسرائيل العرب، الذي داسوا على مواطنتهم ويواصلون الارتباط بأعداء الدولة، التحريض ضدها وتقويض كل محاولة لبناء الثقة بين الطرفين". وحوّل ريفلين الصراع الإسرائيلي الفلسطيني وجرائم الاحتلال، إلى مأساة مشتركة لليهود والعرب من مسلسل دموي.
وفي وقت لم تتأخّر فيه مختلف الحركات والأحزاب الوطنية في الداخل عن مقاطعة الزيارة، شارك رئيس "الحركة الإسلامية الجنوبية"، الشيخ عبد الله نمر درويش، وعضو الكنيست عن حزب "ميرتس" الصهيوني، عيساوي فريج، في مراسم استقبال ريفلين. والأسوأ من ذلك أنّ الشيخ درويش، أعاد على مسامع ريفلين، دعوته لدولتين للشعبين الإسرائيلي والفلسطيني، مع بقاء القدس المحتلّة عاصمة موحّدة للدولتين.
أما رئيس بلدية كفر قاسم عادل بدير، فهلّل لزيارة ريفلين للمدينة، وأطلق عليه وسام "داعية التعايش" بين اليهود والعرب، مناشداً إياه أن تعترف إسرائيل بأن ضحايا كفر قاسم هم "ضحايا عمليات إرهابيّة وعدائية وليسوا ضحايا حوادث عاديّة".
وعلى الرغم من أن بلدية كفر قاسم وأقطاب "الحركة الإسلاميّة الجنوبيّة"، سعوا إلى إنجاح الزيارة والتهليل لها، إلا أنه لم يشارك في استقبال ريفلين، إلا العشرات من أهالي مدينة كفر قاسم، فيما رُفعت الرايات السوداء في أرجاء المدينة.