وكانت قوات النظام، مدعومة بغطاءٍ جوي روسي، وبمليشيات إيرانية على الأرض، قد بدأت منتصف شهر أكتوبر/ تشرين الأول الماضي هجوماً ضد قرى وبلدات ريف حلب الجنوبي، والتي تُعدّ الأكثر فقراً في سورية.
وتسعى قوات النظام إلى استرجاع السيطرة على هذا الريف، في طريقها لفكّ الحصار عن مطار كويرس العسكري، ولفتح طريق إمداد إلى داخل مدينة حلب، والوصول إلى بلدتي كفريا والفوعة المحاصرتين، من قبل قوات المعارضة السورية، بالقرب من مدينة إدلب، شمالي سورية.
في هذا السياق، يشير العقيد الطيار قاسم سعد الدين، إلى أن "قوات النظام تحاول تأمين (معامل الدفاع) بالقرب من مدينة السفيرة". ويؤكد في حديثٍ لـ"العربي الجديد" أن "هذه المعامل تحوي أهم مستودعات الأسلحة والذخيرة التابعة للنظام"، من دون أن يستبعد سعد الدين وجود معامل لتصنيع أسلحة كيماوية داخلها.
ويُبدي اعتقاده بأن "قوات النظام غير قادرة على استعادة مناطق خسرتها جنوبي حلب، كما أنها غير قادرة على الوصول إلى مطار كويرس المحاصر من قبل تنظيم الدولة الإسلامية (داعش) منذ أكثر من عامين". وقد تسبب قصف الطيران الروسي بالصواريخ الفراغية، والقنابل العنقودية، بالإضافة لقذائف المدفعية والبراميل المتفجرة من طيران النظام على أغلب القرى، بمقتل عشرات النساء، والأطفال، وكبار السنّ، وتشريد أكثر من 120 ألف مدني، وفق منظمات أممية، حملوا ما استطاعوا من بيوتهم من فرش وأغطية وبدأوا رحلة البحث عن سماء لا تمطر عليهم البراميل والصواريخ الفراغية الموجهة.
اقرأ أيضاً: الغارات الروسيّة تحصد أرواح المدنيين السوريين
وتقوم مؤسسات عاملة في الحقل الإغاثي والإنساني بتوثيق مأساة ريف حلب الجنوبي، والتي لم تنته فصولها بعد، بسبب احتدام معارك الكرّ والفرّ، نظراً لحساسية والأهمية الاستراتيجية للمنطقة لكلا الطرفين؛ النظام، والمعارضة. ويُعدّ ريف حلب الجنوبي مفتاح مدينة حلب، ثاني أهم المدن السورية بعد العاصمة دمشق.
وتفيد هذه المؤسسات بأن "قصف الطيران الروسي أدى إلى موجة نزوح كبيرة بين المدنيين من الريف الجنوبي إلى مناطق الريف الغربي لمدينة حلب، وإلى ريف إدلب الشمالي. كذلك نزح آلاف آخرون إلى أماكن بعيدة عن خط المواجهات بين قوات النظام والجيش الحرّ في الريف الجنوبي. وافترشوا الأرض بين الأشجار، وسط ظروف إنسانية تقترب من حدود الكارثة".
وتذكر المؤسسات أسماء البلدات والقرى التي نزح منها سكانها، وهي: بلاس، ومريمين، والحاضر، وتل باجر، والعيس، وبانص، والسابقية، والوضيحي، وخلصة، والزربة، والبرقوم، والهضبة، وخان طومان، والحميرة، وكفرعبيد، وشغيدليه، والعزيزية، بالإضافة لقرى أخرى.
وقد اتجه نحو 50 ألف نازح إلى مناطق في ريف حلب الغربي، وخصوصاً إلى: كفرناها، ومزارع كفرناها، وجمعية الكهرباء، وطريق الشام، وريف المهندسين الأول وريف المهندسين الثاني، ومدينة الأتارب، والأبزمو، والجينة، وباتبو، وتقاد، وشاميكو، والقناطر، وكفر حلب، والشيخ علي، وأورم الكبرى، وعويجل، وأبين، وكفرناصح، وبشقاتين، وعنجارة، ومعراته، وكفرنوران، ودارة عزة، وكفركرمين، والتوامة، وكفرعمه، وتديل، وبابكة، وميزناز.
واحتضن ريف إدلب نحو 20 ألف نازح، انتشروا في: سراقب، ومعرمصرين، وسلقيين، وحارم، وكللي، وسرمدا، والدانا، وحزانو، وحربنوش، ومخيمات قاح، ومخيمات صلوة. كذلك نزح نحو 30 ألف مدني إلى مدن وبلدات في ريف حلب الشمالي، منها: عندان، وحريتان، ومعارة الارتيق، وكفر حمرة، وبيانون، وحيان، والجمعيات السكنية في الريف الشمالي. واختار آخرون النزوح داخل ريف حلب الجنوبي إلى قرى آمنة، وهي: جزرايا، وكوسناية، وتل باجر، والواسطة، وزمار، وجديدة، وطلافح، وتل حدية، والبوابية، والكسبيبة، وبردة، وعرادة، والعامرية، وهوبر، والبطرانة، وأم الكراميل. وقد أطلقت الحكومة السورية المؤقتة، وناشطون في الحقل الإغاثي نداءات لمساعدة هؤلاء النازحين، مع اقتراب فصل الشتاء، وخصوصاً أن الشتاء الماضي شهد حالات وفاة بين قاطني المخيمات المتهالكة، وبينهم أطفال بسبب البرد، وقلة الرعاية الطبية.
اقرأ أيضاً: النظام السوري والطيران الروسي: مجازر مشتركة في حلب وإدلب