في بهو أحد مكاتب الزواج في تونس العاصمة، تجلس مفيدة بن كريم، وهي امرأة في الأربعين من العمر، تنتظر دورها للدخول إلى غرفة المدير. تقول بخجل إنها أرملة من ولاية بن عروس (شمال) جاءت إلى المكتب للبحث عن شريك لها. وتضيف: "لا أرى مانعا في اللجوء إلى هذه المكاتب طالما أنّها تقدم خدمة اجتماعية لا ضرر فيها. إنّما هي تساعد البعض ممن قد تخذلهم حياتهم العامة في العثور على زوج".
هي ليست إلا واحدة من تونسيين كثر يبحثون عن شريك. وللدخول إلى أحد هذه المكاتب في العاصمة لا بد من تجهيز بطاقة الهوية وشهادة الميلاد وصورة شمسية ورسم التسجيل. لا يتطلب الأمر في البداية سوى لقاء أولي مع صاحب المكتب، وتعبئة استمارة تتضمن كل المعلومات الشخصية، وصفات الشريك المطلوب، ليتكفل المكتب بعدها بالبحث عن الشخص المناسب.
بدأت هذه المكاتب عملها في تونس عام 2001. ويقول الأستاذ في علم الاجتماع طارق بلحاج لـ "العربي الجديد" عن ذلك: "مع المضي قدما في سياسة التحديث في تونس، تغيرت مقاييس وإجراءات وأشكال اختيار القرين. فبعد سيادة زواج الأقارب لمدة قرون، ساد بصفة تدريجية بعد الاستقلال (1956) الزواج المختلط الذي يعتمد على معايير الذوق والاختيار الشخصي ومفردات التكافؤ الاجتماعي والعلمي والاقتصادي. وبالتالي تعقدت مسألة الزواج وأصبحت تمثل مشكلة حقيقية للبعض من النساء والرجال، لأنّ الحياة بدورها باتت أكثر تعقيدا".
من جهة أخرى، يشير بلحاج إلى أنّ "تراجع مكانة الزواج التقليدية في مسار الحياة أفرز طرقا جديدة للبحث عن قرين. فبعد الخاطبة وزواج القرابة تغير الوسطاء. وكانت البداية بالإعلانات في الجرائد ثم تطور الأمر لتظهر مكاتب تهتم بهذه الوساطة. إلى أن وصلت الأمور إلى وجود مواقع على الإنترنت وأخيرا صفحات على مواقع التواصل الاجتماعي، وهي كلها رغم اختلاف شكلها ومضامينها تستجيب لحاجة اجتماعية حقيقية وملحّة".
تعتبر ريم الورتاني صاحبة أقدم مكتب زواج في تونس تم افتتاحه عام 2001. وتقول إنّ "تأسيس مكتب يقدم خدمة اجتماعية ليس بالأمر السهل. لكن استمراري لأكثر من 10 سنوات يعتبر دليلاً على نجاح ما قدّمته لفئة هامة من الناس". وتشير إلى أنّها كانت تستقبل ما بين 20 و30 شخصا شهرياً، ليتطور العدد في ما بعد ليصل إلى 50 شخصاً بعد اقتناع كثيرين بمفهوم مكتب الزواج والخدمات الهامة التي يقدمها للبعض.
منيرة (38 عاماً) من منطقة سيدي حسين في العاصمة. تقول: "لا أرى أيّ مشكلة في الذهاب إلى أحد مكاتب الزواج. فمشاغل الحياة اليومية صعّبت التعارف نوعا ما بسبب طول ساعات العمل. في المقابل، قد يجد بعض الشباب ممن يلقى صعوبة في التعرف إلى الطرف الآخر الحل في هذه المكاتب".
من جهته، يشير حسان بن عبد العزيز (37 عاماً) إلى أنّه تزوج عن طريق أحد المكاتب في العاصمة، وذلك بسبب عمله في الخارج ورغبته في الارتباط بتونسية، وقد سهل المكتب الأمر عليه. ويضيف أنّه رغم تعدد وسائل التواصل الاجتماعي ومواقعه على الإنترنت إلا أنّه من الأفضل أن يكون التعارف الحقيقي يكون على أرض الواقع.
تقول الورتاني إنّ عدد النساء والرجال المقبلين على الشركة متقارب، لكن يختلف الأمر باختلاف المواسم، إذ تشهد أكثر إقبال في فصل الصيف، في حين يقل شتاء. كما يشهد المكتب إقبال جميع الفئات العمرية خصوصا ما بين 27 عاماً و55. أما الكلفة فتتراوح ما بين 300 دينار تونسي (180 دولاراً أميركياً)، و500 دينار (280 دولاراً) بحسب المدة التي يتطلبها إيجاد الشريك المناسب.
في المقابل، تواجه هذه المكاتب العديد من الانتقادات. ويعتبر البعض أنّ هدفها محصور بالربح المادي. ويقول بلحاج إنّ "الزواج كمفهوم تغير. ففي المجتمعات التقليدية كان يعتبر من أهم مشاريع الحياة. لكن اليوم، وفي مجتمع يعيش على إيقاع العصر وتراجع قيم القرابة والقيم التقليدية الجامعة، وطغيان قيم الفردانية، أصبح الزواج مجرد محطة في الحياة. وتحولنا من مفهوم الزواج كرابطة إلى مفهوم الزواج كمؤسسة وكعقد اجتماعي وقانوني. وهذه الرؤية الجديدة تتطلب وسيطاً جديداً أخذ شكل مكاتب خدمات تسهل هذه العملية بأكثر ضمانات ممكنة. ويلتجئ طالبو الزواج إلى تلك المكاتب التي تؤمن فرص الالتقاء بين الجنسين في إطار منظم وبمقابل مادي. وتتحول العلاقات بهذا الشكل إلى علاقة ما بين منتسبين ومؤسسة".
إلى ذلك، تشير الأرقام الأخيرة إلى ارتفاع نسبة العنوسة لدى الإناث في تونس إلى 60%، بعد أن كانت 50% عام 2008.
إقرأ أيضاً: مكاتب الزواج هرباً من شبح العنوسة في البحرين
هي ليست إلا واحدة من تونسيين كثر يبحثون عن شريك. وللدخول إلى أحد هذه المكاتب في العاصمة لا بد من تجهيز بطاقة الهوية وشهادة الميلاد وصورة شمسية ورسم التسجيل. لا يتطلب الأمر في البداية سوى لقاء أولي مع صاحب المكتب، وتعبئة استمارة تتضمن كل المعلومات الشخصية، وصفات الشريك المطلوب، ليتكفل المكتب بعدها بالبحث عن الشخص المناسب.
بدأت هذه المكاتب عملها في تونس عام 2001. ويقول الأستاذ في علم الاجتماع طارق بلحاج لـ "العربي الجديد" عن ذلك: "مع المضي قدما في سياسة التحديث في تونس، تغيرت مقاييس وإجراءات وأشكال اختيار القرين. فبعد سيادة زواج الأقارب لمدة قرون، ساد بصفة تدريجية بعد الاستقلال (1956) الزواج المختلط الذي يعتمد على معايير الذوق والاختيار الشخصي ومفردات التكافؤ الاجتماعي والعلمي والاقتصادي. وبالتالي تعقدت مسألة الزواج وأصبحت تمثل مشكلة حقيقية للبعض من النساء والرجال، لأنّ الحياة بدورها باتت أكثر تعقيدا".
من جهة أخرى، يشير بلحاج إلى أنّ "تراجع مكانة الزواج التقليدية في مسار الحياة أفرز طرقا جديدة للبحث عن قرين. فبعد الخاطبة وزواج القرابة تغير الوسطاء. وكانت البداية بالإعلانات في الجرائد ثم تطور الأمر لتظهر مكاتب تهتم بهذه الوساطة. إلى أن وصلت الأمور إلى وجود مواقع على الإنترنت وأخيرا صفحات على مواقع التواصل الاجتماعي، وهي كلها رغم اختلاف شكلها ومضامينها تستجيب لحاجة اجتماعية حقيقية وملحّة".
تعتبر ريم الورتاني صاحبة أقدم مكتب زواج في تونس تم افتتاحه عام 2001. وتقول إنّ "تأسيس مكتب يقدم خدمة اجتماعية ليس بالأمر السهل. لكن استمراري لأكثر من 10 سنوات يعتبر دليلاً على نجاح ما قدّمته لفئة هامة من الناس". وتشير إلى أنّها كانت تستقبل ما بين 20 و30 شخصا شهرياً، ليتطور العدد في ما بعد ليصل إلى 50 شخصاً بعد اقتناع كثيرين بمفهوم مكتب الزواج والخدمات الهامة التي يقدمها للبعض.
منيرة (38 عاماً) من منطقة سيدي حسين في العاصمة. تقول: "لا أرى أيّ مشكلة في الذهاب إلى أحد مكاتب الزواج. فمشاغل الحياة اليومية صعّبت التعارف نوعا ما بسبب طول ساعات العمل. في المقابل، قد يجد بعض الشباب ممن يلقى صعوبة في التعرف إلى الطرف الآخر الحل في هذه المكاتب".
من جهته، يشير حسان بن عبد العزيز (37 عاماً) إلى أنّه تزوج عن طريق أحد المكاتب في العاصمة، وذلك بسبب عمله في الخارج ورغبته في الارتباط بتونسية، وقد سهل المكتب الأمر عليه. ويضيف أنّه رغم تعدد وسائل التواصل الاجتماعي ومواقعه على الإنترنت إلا أنّه من الأفضل أن يكون التعارف الحقيقي يكون على أرض الواقع.
تقول الورتاني إنّ عدد النساء والرجال المقبلين على الشركة متقارب، لكن يختلف الأمر باختلاف المواسم، إذ تشهد أكثر إقبال في فصل الصيف، في حين يقل شتاء. كما يشهد المكتب إقبال جميع الفئات العمرية خصوصا ما بين 27 عاماً و55. أما الكلفة فتتراوح ما بين 300 دينار تونسي (180 دولاراً أميركياً)، و500 دينار (280 دولاراً) بحسب المدة التي يتطلبها إيجاد الشريك المناسب.
في المقابل، تواجه هذه المكاتب العديد من الانتقادات. ويعتبر البعض أنّ هدفها محصور بالربح المادي. ويقول بلحاج إنّ "الزواج كمفهوم تغير. ففي المجتمعات التقليدية كان يعتبر من أهم مشاريع الحياة. لكن اليوم، وفي مجتمع يعيش على إيقاع العصر وتراجع قيم القرابة والقيم التقليدية الجامعة، وطغيان قيم الفردانية، أصبح الزواج مجرد محطة في الحياة. وتحولنا من مفهوم الزواج كرابطة إلى مفهوم الزواج كمؤسسة وكعقد اجتماعي وقانوني. وهذه الرؤية الجديدة تتطلب وسيطاً جديداً أخذ شكل مكاتب خدمات تسهل هذه العملية بأكثر ضمانات ممكنة. ويلتجئ طالبو الزواج إلى تلك المكاتب التي تؤمن فرص الالتقاء بين الجنسين في إطار منظم وبمقابل مادي. وتتحول العلاقات بهذا الشكل إلى علاقة ما بين منتسبين ومؤسسة".
إلى ذلك، تشير الأرقام الأخيرة إلى ارتفاع نسبة العنوسة لدى الإناث في تونس إلى 60%، بعد أن كانت 50% عام 2008.
إقرأ أيضاً: مكاتب الزواج هرباً من شبح العنوسة في البحرين