كشفت نتائج عينات حيوية لستة آلاف متطوع في قطر شاركوا في المرحلة التجريبية من مشروع "قطر بيوبنك" للطب الحيوي، حقائق ملفتة عن صحة المجتمع القطري، بيّنت ارتفاع مستوى الوزن الزائد والسمنة في البلاد، وإصابة 17 في المائة من المشاركين بداء السكري.
ويسعى "قطر بيوبنك" الذي دُشن عام 2012 إلى الانتقال من المنهج التقليدي للطب، الذي يقدّم حلا موحدا لكافة المصابين بمرض ما، نحو تبني نموذج متطور يعتمد وسائل العلاج الدقيق للتصدي للأمراض القابلة للعلاج والوقاية، وتحسين صحة فئات المجتمع، عبر حملات جمع العينات والبيانات الحيوية المتعلقة بالصحة وأسلوب الحياة في أوساط المجتمع القطري.
وتأسس "قطر بيوبنك"، عضو مؤسسة قطر للتربية والعلوم وتنمية المجتمع، وأحد مراكز الأبحاث التابعة لمعهد قطر لبحوث الطب الحيوي في مؤسسة قطر، بمبادرة مشتركة مع المجلس الأعلى للصحة، ومؤسسة حمد الطبية، ودعم من علماء كلية "إمبريال كوليدج" في لندن.
ويهدف إلى جمع المعلومات الصحية والنمطية، للاستفادة منها في البحوث حول أسباب المشاكل الصحية الأكثر انتشاراً في قطر خاصة، والأمراض المتوطنة في المنطقة عموماً، إلى جانب العمل على تطوير وتحسين سُبُل العلاج والوقاية، بما يتلاءم مع طبيعة المنطقة وسكانها.
وأوضحت نائبة رئيس مجلس أمناء قطر بيوبنك، الدكتورة أسماء آل ثاني أن "العينات المتوفرة حالياً لدى "قطر بيوبنك" تمنح العلماء نظرة مفصلة حول الأسباب الكامنة وراء عدد من الأمراض والمشاكل الصحية، كما تمكن العاملين في قطاع الرعاية الصحية في قطر والمنطقة من تحسين سبل الوقاية وتطوير العلاج الشخصي، بما يتماشى مع الشفرة الوراثية لكل فرد على حدة".
وأشارت إلى أن العينات التي قدمها المتطوعون شكلت موردًا بحثيًا شاملًا ومهمًا لعلماء الوراثة وخبراء الطب الحيوي، وغيرهم من الباحثين الطبيين.
وتلعب "البيانات الحيوية" دورا في تطوير سبل التصدي والتشخيص والعلاج على نطاق واسع لعدد كبير من الأمراض، مثل أمراض القلب والشرايين، والسمنة، والسرطان، والسكري، وغيرها من الأمراض الخطيرة.
ويعكف "قطر بيوبنك" حاليا على إجراء دراسات حول العينات المتوفرة لمعرفة الأسباب الكامنة وراء قابلية بعض شرائح المجتمع القطري دون غيرها للإصابة ببعض الأمراض. كما تسهم نتائج هذه الدراسات في تطوير العلاج المناسب لكل من تلك الأمراض على حدة، بما يستجيب للاحتياجات الفريدة والتاريخ الصحي والتركيبة الوراثية لكل مصاب.
وتُعَد مبادرة "قطر بيوبنك" سبيلاً للتعاون الاجتماعي نحو ضمان تحسين صحة السكان، إذ تزداد نتائج الدراسات دقة كلما زاد عدد العينات. وتهدف المبادرة إلى إشراك فئات المجتمع في بحوث الطب الحيوي، ومنح المواطنين دورًا فعالًا في تطوير البحوث الطبية عبر إسهاماتهم الشخصية، وبناء مستقبل صحي لكافة المواطنين والأجيال القادمة.
وظلت سبل العلاج في قطر حتى سنوات قليلة تعتمد على دراسات طبية من المجتمعات الغربية، في ظل عدم توافر أبحاث واسعة النطاق تتناول المجتمعات الإقليمية والمحلية، إلا أن "قطر بيوبنك" تمكن بعد تأسيسه من قطع شوط كبير في مجال البحوث الحيوية، وبات على مقربة من تطوير نظام صحي كفيل بخفض أعداد المواطنين المصابين بالأمراض القابلة للوقاية، وضمان معدلات مرتفعة للعلاج والوقاية من تلك الأمراض.
ويستضيف "قطر بيوبنك "مؤتمر قطر الثاني للبنوك الحيوية يومي 14 و15 مارس/آذار المقبل، الذي يتناول مبادرات العلاج الدقيق في قطر وحول العالم، تحت عنوان "تأثير البنوك الحيوية على مبادرات العلاج الدقيق". ويشارك في المؤتمر نخبة من الخبراء العالميين في قطاع البنوك الحيوية وعلوم الجينوم والعلاج الدقيق، مع التركيز على كيفية توظيف العلاج الدقيق من أجل تحقيق مخرجات صحية أفضل.