وأفاد رئيس الهيئة ونقيب الصحافيين ضياء رشوان بأن "الزيارة تمت بالتعاون بين الهيئة ووزارة الداخلية، لتعريف المراسلين الأجانب والصحافيين المصريين بأوضاع السجون، ومعاملة المحتجزين داخلها"، مشيراً إلى أن مجمع سجون طرة هو الأكبر في مصر، وسيُسمح للمراسلين والصحافيين بالمرور على جميع السجون التي يريدونها، بذريعة أن "وزارة الداخلية ليس لديها ما تخفيه".
وتهكّم المدير التنفيذي للشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان جمال عيد، قائلاً "هايجيبوا المسجونين بيأكلوا سيمون فيميه وكاتشب ومايونيز، وبعدين صورة لبعض الحقوقيين الملاكي (الموالين) وهم مبهورين بالأكل... وده هايبقى فيلم البريء بس نسخة 2019"، في إشارة إلى مشهد شهير من الفيلم الذي أخرجه الراحل عاطف الطيب، ويتناول ظاهرة تعذيب المعارضين في السجون.
بدوره، قال مدير المكتب المصري لمركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان محمد زارع: "الدولة منظمة رحلة لوكالات أنباء دولية لزيارة سجون طرة، وطبعاً السجن هايكون في مستوى فنادق الخمسة نجوم... وده رد على بيان الأمم المتحدة بخصوص ظروف احتجاز ووفاة الرئيس الراحل محمد مرسي، واستباقاً للاستعراض الدوري لحالة حقوق الإنسان في مصر بالأمم المتحدة".
وأضاف زارع في تغريدة على "تويتر": "الوكالات الأجنبية لا تعمل بجهاز سامسونغ (مصطلح يُشار به إلى تعليمات الأجهزة الأمنية للإعلام المحلي)، فالموضوع هايعك (يسوء) على دماغ (رأس) النظام المصري في النهاية".
وقالت الناشطة الحقوقية منى سيف: "ليست لديّ فكرة عن هوية الصحافيين المشاركين في الزيارة، بس يا ريت يروحوا سجن شديد الحراسة 2 عشان يقابلوا علاء عبد الفتاح، ومحمد الباقر، لأنهما قدما أكثر من شكوى رسمية عن سوء المعاملة... ويروحوا كمان شديد الحراسة 1 (سجن العقرب) عشان يشوفوا الناس اللي صحتهم بتنهار بسبب الحبس والعزلة لسنوات طويلة!".
وزعم رئيس الهيئة العامة للاستعلامات، في تصريحات أدلى بها لقنوات موالية للنظام المصري، أن "وزارة الداخلية أخذت نهجاً جديداً بفتح المجال أمام وسائل الإعلام بشكل أكبر"، مبيناً أنه سيُسمح للصحافيين الأجانب بأخذ لقطات فيديو أو صور فوتوغرافية للمحادثات مع السجناء من دون قيد.
وأضاف: "الوفد المصري سيرد على الاتهامات الموجهة إلى الدولة (النظام) في الأمم المتحدة، وهناك تقارير طبية تثبت حالة وفاة مرسي رداً على ما يُثار بشأن ظروف احتجازه"، مستطرداً "مش هانجيب حد من الخارج عشان يتابع الحالة الحقوقية، وإحنا اللي هانعرض ورقنا... وهيئة الاستعلامات مستعدة للتعاون مع أي جهات في الدولة، مع الأخذ في الاعتبار أن مصر ليست مجتمعا مثاليا شأن أي مجتمع آخر".
وكان وفد من أعضاء نيابة أمن الدولة العليا قد استبق الزيارة بتفقد أوضاع "مجمع سجون طرة" أمس الأحد، بدعوى متابعة أوضاع السجناء وأحوالهم المعيشية، والاطلاع على الإجراءات القانونية داخل السجن، في الوقت الذي بثت فيه قنوات موالية مقطعي فيديو لكل من أستاذ قسم التكنولوجيا بجامعة القاهرة د. حازم عبد العظيم، والقيادي السابق في الجماعة الإسلامية صفوت عبد الغني.
وقال عبد العظيم، الذي اعتقل في مايو/أيار 2018 بتهمة "نشر أخبار كاذبة على مواقع التواصل الاجتماعي"، ولا يزال محبوساً احتياطياً على ذمة التحقيقات، إنه "وجد أن وضع السجن أفضل بكثير مما تخيل، ويحصل على الزيارات المقررة وفق القانون مع أسرته بانتظام"، حسب قوله.
وأضاف عبد العظيم في الفيديو: "التهوية جيدة بالعنبر المزود بشفاط كبير، و6 شبابيك موزعة به... ولكنني أنام على مرتبة على الأرض، وده صعب عليا شوية، لأني أعاني من آلام حادة في المفصل، وأحتاج لطريقة نوم معينة... والسجن سمح لي بكرسي أضع عليه الطعام لعدم قدرتي على الحركة، وعنبر المعيشة به لمبتين نيون للإضاءة، ولكننا طلبنا تزويدنا بلمبة ثالثة".
وانتقد المعتقل السياسي ظاهرة الانقطاع المتكرر للمياه بالسجن، ليجيب ضابط من إدارة السجن على فريق النيابة العامة بأن المشكلة تتبع حي طرة. وعن أماكن التريض، قال عبد العظيم: "السجن به ملعبين، أحدهما به طفح مجاري، لكن في العموم نلجأ إلى الملعب الآخر... لأن الرياضة مهمة جداً بالنسبة لنا، ونحصل على ساعة التريض من دون انقطاع".
وتطرق عبد العظيم إلى الوجبات المقدمة له في السجن، بالقول: "ممتازة، فنحن نأكل لحوماً مرتين في الأسبوع، بخلاف الوجبات اليومية الأساسية مثل الجبن والألبان والعسل"، منوهاً إلى أنه خضع للعلاج بمستشفى السجن، لأنه في حاجة إلى إجراء جراحة تغيير مفصل، لذا يطلب من وفد النيابة السماح له بإجرائها داخل مستشفى خاص على نفقته.
بدوره، قال صفوت عبد الغني إنه "يتلقى الرعاية الصحية اللازمة له في مستشفى السجن، نظراً لمعاناته من تضخم في الكبد، وأمراض الضغط والسكري"، مضيفاً "أتلقى جلسات للعلاج الطبيعي في المستشفى نتيجة تآكل عظام الفقرات الأولى للظهر، والرعاية الطبية هنا على مدار 24 ساعة"، على حد ادعائه.
تجدر الإشارة إلى استباق حكومة الرئيس عبد الفتاح السيسي عرض تقرير مصر عن ملف حقوق الإنسان أمام المجلس الدولي لحقوق الإنسان، بشن حملة اعتقالات وتضييق واسعة على الناشطين في مجال حقوق الإنسان، لاسيما من المنتمين إلى منظمات حقوقية شاركت في إعداد تقرير يُدين السلطة إزاء الانتهاكات المتواصلة بحق المعارضين السياسيين.
وأرسلت مجموعة "العمل المصرية من أجل حقوق الإنسان" المكونة من 11 منظمة حقوقية، تقريراً إلى مجلس حقوق الإنسان في الأمم المتحدة، حول الانتهاكات الخطيرة للسلطات المصرية خلال السنوات الخمس الماضية، على الرغم من التعهدات التي أطلقتها بشأن احترام حقوق الإنسان أمام المجلس في جلسة الاستعراض عام 2014.
وحسب التقرير، فإن "مصر شهدت ارتفاعا ملحوظاً في حالات القتل خارج نطاق القانون، خصوصاً بعد كل عملية إرهابية، فضلاً عن الإفراط في إصدار وتنفيذ أحكام الإعدام، والقتل العمد للمساجين السياسيين من خلال الإهمال الطبي والصحي العمدي لهم أثناء الاحتجاز، إلى جانب التنكيل بالأحزاب السياسية، وحجب المواقع الإعلامية، وحبس الصحافيين والحقوقيين".