جلستُ أمام المرآة أراقب تفاصيلي لساعة، حتى أصبح وجهي غريباً. أتجاهل الضجّة التي تحدثها قطتي في الغرفة. تحاول جذب انتباهي إليها بعد يوم طويل لي خارج المنزل، لكني لم ألتفت. فهدأت، وجلست أسفل قدميّ تتأملني. حملتها وسألتها عدّة مرات: "بتحبّيني؟". لم تجب. قضمت يدي واستطاعت أن تفلت جسدها من بين يديّ، فانفجرت أنا بالبكاء.
سألتُه بالأمس: "بتحبّني؟"، فلم يجب. قال إن السؤال اعتباطيّ. عاودت السؤال: "بتحبّني؟". أجاب أنه الأجدر بالسؤال أن يكون: "هل تريد أن تحبني؟"، ثم قال إنه لا يريد أن يحبّ أحداً الآن.
أول مرّة شعرتُ فيها أنني مغرمة به، كنت جالسة بعد منتصف ليل، وبعد لقاء معه، أستمع إلى ريما خشيش تغنّي "إمتى ح تعرف إمتى". في الأغنية مقطع منفرد للساكسوفون، كلّما نفخ العازف في الآلة انقطعت أنفاسي معه. أوقفت الأغنية قبل أن ينتهي المقطع وقبل أن أختنق من كثرة الحب. لم تكن تلك المرة الأولى التي أقع فيها في الحب. لكنها كانت الأولى التي أشعر فيها أن الحبّ سيقتلني. الغريب أن هذا الشعور بالاختناق، يعود إليّ الآن، وأنا أفقد ما اعتبرته "حبّ حياتي". ينتهي كما ابتدأ، بنوبات هلع واختناق.
أرمي بجسدي إلى جانب القطة على الأرض، أحاول لفّ ذراعي حولها لمعانقتها دون إخافتها، فهي لا تحب أن يحملها أحد. أتفهمها. أتخيّل نفسي صغيرة إلى هذا الحدّ ويأتي كائن عملاق يجهش بالبكاء محاولاً أن يحملني. حتى لو كان يطعمني، سأهرب. سأهرب ولن أعود.
تقترب القطة مني، وتبدأ بلعق أنفي المالح، فلا أمانع محاولتها مسح دموعي. تنتهي مني وتبدأ بتنظيف وبرها، ثم تكوّر جسمها بين رقبتي وصدري، وتنام. أسحب الغطاء عن سريري، أغطينا، وأنام على الأرض.
استيقظت فجراً مع وجع لا يحتمل في رقبتي. تقول صديقتي إن وجع رقبتي المزمن يأتي من عدم قدرتي على المسامحة، لكني أظن أنه يأتي من وضعياتي السيئة في النوم. سمعتُ هاكو – القطة، تحدث ضجّة في الحمّام. ذهبت لأرى ما ارتكبت، وإذ بها تمزّق ملصقاً نزعته عن الباب، الملصق نفسه الذي يذكرني به. نزعته وحوّلته إلى أوراق صغيرة. تركتها تلهو به، ولجأت إلى السرير مقتنعة بأنها نزعته لتساعدني على التخلّص من ذكراه في المنزل.
في الصباح كانت هاكو نائمة عليّ. أيقظتها وأنا أحاول الانسحاب من تحتها حتى أذهب إلى العمل. نظرت إليّ بانزعاج، ثم عادت إلى النوم. عدت أنا إلى المرآة، أقف أمام وجهي الذي قبّله، للمرّة الأخيرة ربما، قبل أن يذهب. لا أمنع نفسي من البكاء مجدداً. ولا أحاول محاربة الألم من الانتشار من قلبي، إلى عنقي، فمعدتي. فليكن. أنا مرهقة ولا أستطيع خوض حروب. سأستسلم للحزن اليوم، وسأكون غداً بطلة.
اقــرأ أيضاً
سألتُه بالأمس: "بتحبّني؟"، فلم يجب. قال إن السؤال اعتباطيّ. عاودت السؤال: "بتحبّني؟". أجاب أنه الأجدر بالسؤال أن يكون: "هل تريد أن تحبني؟"، ثم قال إنه لا يريد أن يحبّ أحداً الآن.
أول مرّة شعرتُ فيها أنني مغرمة به، كنت جالسة بعد منتصف ليل، وبعد لقاء معه، أستمع إلى ريما خشيش تغنّي "إمتى ح تعرف إمتى". في الأغنية مقطع منفرد للساكسوفون، كلّما نفخ العازف في الآلة انقطعت أنفاسي معه. أوقفت الأغنية قبل أن ينتهي المقطع وقبل أن أختنق من كثرة الحب. لم تكن تلك المرة الأولى التي أقع فيها في الحب. لكنها كانت الأولى التي أشعر فيها أن الحبّ سيقتلني. الغريب أن هذا الشعور بالاختناق، يعود إليّ الآن، وأنا أفقد ما اعتبرته "حبّ حياتي". ينتهي كما ابتدأ، بنوبات هلع واختناق.
أرمي بجسدي إلى جانب القطة على الأرض، أحاول لفّ ذراعي حولها لمعانقتها دون إخافتها، فهي لا تحب أن يحملها أحد. أتفهمها. أتخيّل نفسي صغيرة إلى هذا الحدّ ويأتي كائن عملاق يجهش بالبكاء محاولاً أن يحملني. حتى لو كان يطعمني، سأهرب. سأهرب ولن أعود.
تقترب القطة مني، وتبدأ بلعق أنفي المالح، فلا أمانع محاولتها مسح دموعي. تنتهي مني وتبدأ بتنظيف وبرها، ثم تكوّر جسمها بين رقبتي وصدري، وتنام. أسحب الغطاء عن سريري، أغطينا، وأنام على الأرض.
استيقظت فجراً مع وجع لا يحتمل في رقبتي. تقول صديقتي إن وجع رقبتي المزمن يأتي من عدم قدرتي على المسامحة، لكني أظن أنه يأتي من وضعياتي السيئة في النوم. سمعتُ هاكو – القطة، تحدث ضجّة في الحمّام. ذهبت لأرى ما ارتكبت، وإذ بها تمزّق ملصقاً نزعته عن الباب، الملصق نفسه الذي يذكرني به. نزعته وحوّلته إلى أوراق صغيرة. تركتها تلهو به، ولجأت إلى السرير مقتنعة بأنها نزعته لتساعدني على التخلّص من ذكراه في المنزل.
في الصباح كانت هاكو نائمة عليّ. أيقظتها وأنا أحاول الانسحاب من تحتها حتى أذهب إلى العمل. نظرت إليّ بانزعاج، ثم عادت إلى النوم. عدت أنا إلى المرآة، أقف أمام وجهي الذي قبّله، للمرّة الأخيرة ربما، قبل أن يذهب. لا أمنع نفسي من البكاء مجدداً. ولا أحاول محاربة الألم من الانتشار من قلبي، إلى عنقي، فمعدتي. فليكن. أنا مرهقة ولا أستطيع خوض حروب. سأستسلم للحزن اليوم، وسأكون غداً بطلة.