لن ينتهي أي كلامٍ عن علاقة السينما العربية بجائزة "أوسكار" أفضل فيلم أجنبي، قبل 23 يناير/ كانون الثاني 2018. خروج 7 أفلام عربية من لائحة التصفيات ما قبل النهائية سببٌ لنقاش مستمر، خصوصاً أن مخرج الفيلم العربيّ المختار، زياد دويري، مُثيرٌ لجدل صاخب، بسبب تصويره فيلمه السابق (الصدمة، 2012) في إسرائيل. في التاريخ المُحدَّد، تُعلن اللائحة القصيرة، التي تُمنح الأفلام المختارة فيها صفة "مُرشَّح رسميّ". أما الفيلم المختار، فهو "قضية رقم 23" لدويري، إلى جانب 8 أفلام أجنبية.
التفاوت السينمائي واضح بين الفيلم المُختار، وأفلام عربية أخرى، كـ"آخر واحد فينا" للتونسي علاء الدين سليم، و"واجب" للفلسطينية آن ـ ماري جاسر. تفاوتٌ يبدأ بالبناء الدرامي وجمالياته، وباللغة البصرية وبهاء ألوانها في مقاربة أحوالٍ قاسية، وانفعالاتٍ مرتبكة، وحالات مضطربة. التوغّل في التباس العلاقة بين أبٍ وابنه، في سيارة يجوبان بها شوارع الناصرة لتسليم بطاقات دعوة إلى عرس الابنة/ الشقيقة، رحلةٌ في مسالك وعلاقات ومناخ وتفاصيل خاصة بأبناء مدينة محاصرة بالاحتلال. لكن رحلة اليوم الواحد للأب وابنه مختلفةٌ عن رحلة مهاجر، يسعى إلى خلاصٍ من عنف بلده الأفريقي، وجوع ناسه، وخراب بيئته.
لن يكون "قضية رقم 23" أقل أهمية منهما، بذهابه إلى بعض الذاكرة اللبنانية، في علاقتها الملتبسة والمعطّلة بالفلسطينيين، قبل الحرب الأهلية (1975 ـ 1990) وأثناءها وبعدها. لكن الجماليات المعتمدة في "آخر واحد فينا"، المرتكزة على غيابٍ تام للحوار (الاشتغال الأساسي متأتٍ من براعة الأداء في قولٍ وتعبيرٍ وبوحٍ)، تبقى أهمّ بصرياً وأعمق إنسانياً وأمتن درامياً.
هذا حاصلٌ، بأشكالٍ أخرى، في "واجب"، الذي يُحوِّل الكلام بين الأب وابنه إلى كشفٍ عميق وقاسٍ لأمورٍ معلّقة بينهما أولاً، وبينهما وبين محيطهما ثانياً، إنْ يكن المحيط فلسطينياً أم إسرائيلياً.
وإذْ يبدو "آخر واحد فينا" أفضل الأفلام العربية، المُرسلة إلى "أكاديمية فنون الصورة المتحرّكة وعلومها"، سينمائياً وإنسانياً وأخلاقياً؛ فإن المواضيع المطروحة في أفلامٍ أخرى لن تكون أقلّ أهمية جمالية وحيوية أخلاقية، في نصوصٍ متعلّقة براهنٍ عربيّ مفتوح على مزيدٍ من القهر والتمزّق والمواجع. فـ "واجب" منخرطٌ في مسار سينمائيّ لمخرجته، يعكس واقع الخراب الذاتي في الفرد الفلسطيني، ويتناول بعض يومياته في مواجهة بيئته وثقافتها وتقاليدها وأحكامها، وقسوة الاحتلال الإسرائيلي؛ و"الشيخ جاكسون" (2017) للمصري عمرو سلامة يُعاين الارتباك الذاتي بين أحلام معطّلة وواقع متزمّت، في شخصية شاب يعاني خلل العلاقة السوية بوالده، وخلل العلاقة الواضحة بحاجاته وهواجسه ورغباته، وخلل العلاقة المتوازنة بمحيطه وبيئته وناسه.
هذه نماذج. لكن السؤال مُعلَّقٌ لغاية الآن: هل لـ"قضية رقم 23" حظ الربح، في منافسة لن تكون سهلة أبداً مع أفلامٍ أجنبية، بعضها أجمل منه، بمقاييس سينمائية عديدة؟
اقــرأ أيضاً
التفاوت السينمائي واضح بين الفيلم المُختار، وأفلام عربية أخرى، كـ"آخر واحد فينا" للتونسي علاء الدين سليم، و"واجب" للفلسطينية آن ـ ماري جاسر. تفاوتٌ يبدأ بالبناء الدرامي وجمالياته، وباللغة البصرية وبهاء ألوانها في مقاربة أحوالٍ قاسية، وانفعالاتٍ مرتبكة، وحالات مضطربة. التوغّل في التباس العلاقة بين أبٍ وابنه، في سيارة يجوبان بها شوارع الناصرة لتسليم بطاقات دعوة إلى عرس الابنة/ الشقيقة، رحلةٌ في مسالك وعلاقات ومناخ وتفاصيل خاصة بأبناء مدينة محاصرة بالاحتلال. لكن رحلة اليوم الواحد للأب وابنه مختلفةٌ عن رحلة مهاجر، يسعى إلى خلاصٍ من عنف بلده الأفريقي، وجوع ناسه، وخراب بيئته.
لن يكون "قضية رقم 23" أقل أهمية منهما، بذهابه إلى بعض الذاكرة اللبنانية، في علاقتها الملتبسة والمعطّلة بالفلسطينيين، قبل الحرب الأهلية (1975 ـ 1990) وأثناءها وبعدها. لكن الجماليات المعتمدة في "آخر واحد فينا"، المرتكزة على غيابٍ تام للحوار (الاشتغال الأساسي متأتٍ من براعة الأداء في قولٍ وتعبيرٍ وبوحٍ)، تبقى أهمّ بصرياً وأعمق إنسانياً وأمتن درامياً.
هذا حاصلٌ، بأشكالٍ أخرى، في "واجب"، الذي يُحوِّل الكلام بين الأب وابنه إلى كشفٍ عميق وقاسٍ لأمورٍ معلّقة بينهما أولاً، وبينهما وبين محيطهما ثانياً، إنْ يكن المحيط فلسطينياً أم إسرائيلياً.
وإذْ يبدو "آخر واحد فينا" أفضل الأفلام العربية، المُرسلة إلى "أكاديمية فنون الصورة المتحرّكة وعلومها"، سينمائياً وإنسانياً وأخلاقياً؛ فإن المواضيع المطروحة في أفلامٍ أخرى لن تكون أقلّ أهمية جمالية وحيوية أخلاقية، في نصوصٍ متعلّقة براهنٍ عربيّ مفتوح على مزيدٍ من القهر والتمزّق والمواجع. فـ "واجب" منخرطٌ في مسار سينمائيّ لمخرجته، يعكس واقع الخراب الذاتي في الفرد الفلسطيني، ويتناول بعض يومياته في مواجهة بيئته وثقافتها وتقاليدها وأحكامها، وقسوة الاحتلال الإسرائيلي؛ و"الشيخ جاكسون" (2017) للمصري عمرو سلامة يُعاين الارتباك الذاتي بين أحلام معطّلة وواقع متزمّت، في شخصية شاب يعاني خلل العلاقة السوية بوالده، وخلل العلاقة الواضحة بحاجاته وهواجسه ورغباته، وخلل العلاقة المتوازنة بمحيطه وبيئته وناسه.
هذه نماذج. لكن السؤال مُعلَّقٌ لغاية الآن: هل لـ"قضية رقم 23" حظ الربح، في منافسة لن تكون سهلة أبداً مع أفلامٍ أجنبية، بعضها أجمل منه، بمقاييس سينمائية عديدة؟