سائقو أجرة مصريّون منقسمون حول "مسرحية الرئاسة"

26 مايو 2014
شوارع مصر خلال الانتخابات (خالد دسوقي/فرانس برس/Getty)
+ الخط -

يُعتبر "مجتمع" سائقي الأجرة في مصر، مثلما هو الحال في الكثير من الأماكن، نموذجاً يختصر المجتمع الأكبر، على الصعيد السياسي. لذلك، يمكن لمن يريد أن يكوّن فكرة عن أجواء مصر ــ "الانتخابات"، أن يتنقل في تلك السيارات في يوم كهذا، ليكوّن فكرة عامة معبّرة عن الأجواء العامة السائدة في البلاد. 

لم تنطلِ "مسرحية الانتخابات" المصرية على الكثير من المصريين الذين قرروا المقاطعة وعدم الإدلاء بأصواتهم، فالمرشح الرئاسي، وزير الدفاع السابق عبد الفتاح السيسي، "ناجح ناجح... وإحنا شعبنا وحش ويستاهل"، كما يقول سائق الأجرة الحاج فوزي إبراهيم، الذي قرّر مقاطعة الانتخابات. من حوله، تتعالى نغمات أغنية "تسلم الأيادي"، و"بشرة خير" المؤيدة للسيسي من السيارات المجاورة له.

أحد الركاب معه يباغته بالقول إن "السيسي شعبيته كبيرة، وبالتأكيد كثيرون سيشاركون في الانتخابات"، بعفوية يرد الحاج فوزي "انتخابات إيه؟ وهو السيسي عمل إيه للبلد؟"، يضرب كفاً بكف ويقول "الناس اللي ماتت دي حرام ولا حلال؟".

ظلم وافتراء، هذا ما يشعر به الحاج فوزي في هذه الأيام، فبالرغم من أنه شارك في الانتخابات الرئاسية الماضية، واختار الفريق أحمد شفيق، المرشح الرئاسي حينها، إلا أن شعوره بعدم تعاون أجهزة الدولة مع الرئيس المعزول محمد مرسي، خلال العام الماضي الذي تولّى فيه الرئاسة، دفعه لتغيير موقفه.

"أنا دلوقتي مع الإخوان". لم يتطلّب منه الأمر كثيراً من التفكير قبل قول ذلك، لأن "الظلم والافتراء وحش" بحسب تعبيره. ويضيف السائق أن "بنات وشباب زي الفل مرميّين في السجون. وكل يوم شباب يموت في المظاهرات".

حتى الآن، وبعد مرور أكثر من تسعة أشهر على مجزرة فض اعتصام رابعة العدوية، لا يزال الحاج فوزي متأثراً بما سمع أو رآه في التلفاز. كل ذلك دفعه لاتخاذ قرار بالمشاركة في الفعاليات المناهضة للانقلاب، وكانت المسيرة الأولى التي شارك فيها يوم 6 أكتوبر/ تشرين الأول 2013، ولا يزال حتى الآن مستمراً في النزول حتى زوال الانقلاب.

محمد مدحت سائق أجرة آخر، لم يتجاوز الثلاثين من العمر، يعترف بأنه شارك في الانتخابات وأعطى صوته للسيسي لأنه "سيعيدنا لأيام (الرئيس المخلوع حسني) مبارك، وكنا حينها نجد لقمة العيش.. أعلم أن مرسي تكالب عليه البعض، وسعوا لإفشاله وإسقاطه، ولكن ما الحل الآن؟".

"الشعب فاهم كويس" كان رد سائق الأجرة سيد عبد الرحيم على أحد الركاب الذي سأله هل سيشارك في الانتخابات أم لا. يرى عبد الرحيم أن المصريين يعلمون أن هذه "مسرحية" لا انتخابات، ويعلمون ما يتعرّض له جزء كبير من الشعب من ظلم واعتقال وقتل بعد الانقلاب، وهو ما يجعله مقتنعاً بأنهم سيقاطعون الانتخابات.

صحيح أنه لا يريد عودة مرسي للرئاسة، ويرى أن جماعة "الإخوان المسلمين" وقعت في أخطاء، ولكنه كذلك "ضد الظلم"، ويقول إن "بلدنا عايزة حد قوي، بس عادل، ولو كان الإخوان أقوياء مكنش الحزب الوطني شالهم". لذلك، لا يعتبر سيد عبد الرحيم أن المرشح الرئاسي حمدين صباحي قادر على مواجهة فلول نظام حسني مبارك، ولا يقتنع بحل سوى "أن تتحد القوى التي شاركت في الثورة من جديد".