أصدرت دار الخدمات النقابية والعمالية – منظمة مجتمع مدني مصرية - تقريراً حول انتهاكات الحريات النقابية في النصف الأول من العام الحالي، حمل عنوان "في النفق المعتم"، أكدت فيه أن "الستة أشهر الأولى من العام مرت بينما زادت أوضاع الحريات العامة في مصر تعقيداً".
وقال التقرير الصادر الثلاثاء، إنه ما عاد هناك متسع لممارسة الحقوق والحريات، بل إن ممارسات السلطة الهادفة لإسكات كل الأصوات التي تشذ عن أصوات النظام مستمرة، في ظل أوضاع سياسية واجتماعية مأزومة ووضع اقتصادي متردٍ.
وأضاف التقرير "لا تعرف السلطة الحاكمة في مصر سوى التضييق على الحريات كحل للمشكلات والمعوقات التي تظهر في المجال السياسي والعمالي، وبدلاً من فرض لغة الحوار للوصول إلى حلول ناجعة، نراها تستخدم المحاكمات العسكرية ضد المدنيين، وتأمر بالحبس الاحتياطي الذي يمتد في بعض الأحيان لشهور وسنوات، رغم أن الأصل فيه أنه إجراء احترازي لكنه صار عقوبة تطاول غير المرضي عنهم، هذا بخلاف القيود المفروضة على حرية الرأي والتعبير والإعلام، وقمع حريات التجمّع والتظاهر، وممارسة الحق في الإضراب وكافة الحقوق التي يكفلها الدستور والاتفاقيات الدولية".
وأكد التقرير أن "الإضرابات العمالية يتكرر قمعها، والقيادات العمالية تحال إلى التحقيق والمحاكمة كما لم يحدث من قبل، والحق فى الإضراب يحاصر بحملة مضادة تجعل منه مرادفاً للفوضى وعدم الاستقرار، وها هو الحق في تكوين النقابات المستقلة تتم مصادرته من جديد".
وتابع: "السلطة الحاكمة تمضي في طريقها في عناد وصلف بلا رؤية كالقاطرة تجر خلفها الأحزاب والقوى السياسية الفاعلة والنقابات ومنظمات المجتمع المدني وغالبية شرائح المجتمع وتدخل بهم في نفق معتم لا سبيل للخروج منه".
وتناول القسم الأول من التقرير مشروعي قانوني "العمل والنقابات". فعن مشروع العمل، أكد التقرير أن المشروع يحتاج لـ"ضبط بعض الصيغ وعلى الأخص التعريفات"، ضاربا المثل بـ"تعريف الإضراب"، فضلا عن غياب آليات الحوار الاجتماعي والمفاوضة الجماعية وإبرام اتفاقيات العمل الجماعية في القانون الجديد.
وبحسب التقرير، فلم يتصدَ مشروع القانون لقضايا ومشكلات العمالة غير المنتظمة والعمالة في القطاعات غير الرسمية، مكتفياً بتكوين صندوق لرعايتها، فيما ينبغي أن يتضمن القانون الأحكام التي تكفل حماية هؤلاء العاملين وحقوقهم.
تناقض وغموض
أما عن مشروع قانون التنظيمات النقابية، فقد أكد التقرير أن "تناقضًا كبيرًا يحيط بمناقشة القانون داخل أروقة مجلس النواب المصري سينعكس على القانون"، مفسرًا "تدور في أروقة البرلمان وداخل لجنة القوى العاملة بمجلس النواب، برئاسة رئيس اللجنة الإدارية النائب جبالي المراغي، والتي تدير شؤون الاتحاد العام لنقابات عمال مصر "المناهض للحريات النقابية"، وفي حضور ممثلي وزارة القوى العاملة، والتي لا تعترف إلا بالاتحاد العام اتحادًا رسميًا، محاولات لتمرير مشروع قانون المنظمات النقابية العمالية، داخل البرلمان، على اعتباره قانونًا يكفل الحرية والتعددية النقابية".
ولفت التقرير إلى أن القانون الجديد "یقصر الاتحاد النقابي على الاتحاد الذي یتم تكوینه على مستوى الدولة، منكراً الاتحادات النقابیة النوعیة والجغرافیة المتعارف علیها فى التجارب النقابیة بكافة بلدان العالم".
أما بشأن ما اعتبره التقرير "قرارات معادية للحريات"، فأكد أنه "ما زالت الإدارات الحكومية تتدخل مباشرة ضد النقابات المستقلة وتمارس ضغوطها على العمال للانسحاب منها والانضمام إلى الاتحاد العام لنقابات عمال مصر - المؤسسة النقابية الحكومية، وما زالت الفتاوى والقرارات والتعليمات الإدارية بعدم شرعية النقابات المستقلة، والتي تصل إلى حد التحريض المباشر من بعض الجهات الحكومية ورجالات المؤسسة النقابية الرسمية على النقابات الأكثر حيوية، لتكون بمثابة ضوء أخضر لرجال الأعمال وأصحاب العمل والإدارات لمزيد من التنكيل بالعمال والقيادات العمالية الفاعلة وفصلهم والزج بهم في السجون".
وتحت عنوان "ممارسات تعسفية بحق العمال والقيادات العمالية"، أكد التقرير أنه "على مدار الشهور الستة الماضية، واستكمالًا لمسلسل الاضطهاد والتنكيل بالقيادات العمالية المطالبة بحقوقها المشروعة، أحيل العشرات من القيادات العمالية والنقابية إلى المحاكمة، وقضى البعض منهم شهوراً خلف القضبان، وفُصل العشرات من النقابيين وممثلي العمال بمعدل لم نشهده من قبل، عمال يفصلون على الهوية النقابية المستقلة، ونقابات تم فصل أعضاء مجالسها بالكامل.
ولا تزال قضايا عمال النقل العام وإفكو والترسانة البحرية مفتوحة، هذا بخلاف القبض على قيادات عمالية في الشركة المصرية للاتصالات والتحقيق معهم على مدار يومين قبل أن يتم الإفراج عنهم على ذمة قضية جديدة، وغيرها".