طرطقوها (فجروها باللهجة الجزائرية) هكذا عرفت المجاهدة زهرة ظريف بيطاط أن جبهة التحرير فجرت الحرب ضد الاستعمار الفرنسي في الأول من نوفمبر/ تشرين الثاني 1954 لإنهاء 132 سنة من الاحتلال، وبعد ستين سنة مازالت تتذكر هذا اليوم.
وقالت المناضلة التي تخطت الـ77 سنة "في يوم 2 نوفمبر/ تشرين الثاني كنت في بلدتي التي تعرف اليوم بتيسمسيلت وكانت الجرائد تصل من العاصمة في الساعة العاشرة صباحاً وأتذكر شقيقي الأصغر يدخل البيت والجرائد في يده وهو يصرخ طرطقوها طرطقوها".
وأضافت: "فهم شقيقي الذي كان في الثانوية بينما أنا كنت سنة ثانية حقوق، فهم أن الحرب اندلعت عندما قرأ في كل الجرائد (سلسلة هجمات في عدة مناطق)". وتابعت "لم نفاجأ، فهمنا على الفور أن الثورة بدأت. كنا مسرورين وكنا ننتظر جرائد اليوم التالي لنتحقق من أن هذه الحركة لم تتوقف".
في منتصف ليل الأول من نوفمبر/ تشرين الثاني 1954 اندلعت حرب التحرير الجزائرية بثلاثين هجوماً على مراكز الشرطة والثكنات التابعة للاحتلال الفرنسي.
وتقول المناضلة من أجل حقوق المرأة وعضو مجلس الأمة إن الانفجار كان منتظراً لأنه "كان هناك شعور عام بأن شيئاً ما سيحدث. فمنذ أحداث مايو/ أيار 1945 أصبح الجزائريون مقتنعين بأن الفرنسيين لن يحترموا شعاراتهم حول الحرية بما أنهم ارتكبوا جريمة ضد الانسانية في هذا التاريخ".
حتى الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند اعترف خلال زيارته للجزائر في 2012 بأنه "في الثامن من مايو/ أيار 1945 بمدينة سطيف (300 كلم شرق الجزائر) عندما كان العالم ينتصر على البربرية تخلت فرنسا عن مبادئها العالمية".
ويدرّس الثامن من مايو/ أيار 1945 في المدارس الجزائرية على أنه مناسبة وطنية قتل فيها الجيش الفرنسي "45 ألف جزائري" وأنها أحد أسباب قيام حرب التحرير في 1954 التي أدّت إلى استقلال الجزائر عن فرنسا في 1962.
ويتحدث المؤرخون الفرنسيون عن سقوط ما بين 15 ألفاً إلى عشرين ألف قتيل منهم 103 أوروبيين.
وتذكر زهرة ظريف أن الحركة الوطنية كانت متجذرة في الأوساط الشعبية وبعد منع عملها السياسي من خلال حل الأحزاب أصبحت الاجتماعات السرية تتم في البيوت "وبالتالي أصبح كل الجزائريين معنيين بتحرير بلدهم".
وقالت المناضلة التي تخطت الـ77 سنة "في يوم 2 نوفمبر/ تشرين الثاني كنت في بلدتي التي تعرف اليوم بتيسمسيلت وكانت الجرائد تصل من العاصمة في الساعة العاشرة صباحاً وأتذكر شقيقي الأصغر يدخل البيت والجرائد في يده وهو يصرخ طرطقوها طرطقوها".
وأضافت: "فهم شقيقي الذي كان في الثانوية بينما أنا كنت سنة ثانية حقوق، فهم أن الحرب اندلعت عندما قرأ في كل الجرائد (سلسلة هجمات في عدة مناطق)". وتابعت "لم نفاجأ، فهمنا على الفور أن الثورة بدأت. كنا مسرورين وكنا ننتظر جرائد اليوم التالي لنتحقق من أن هذه الحركة لم تتوقف".
في منتصف ليل الأول من نوفمبر/ تشرين الثاني 1954 اندلعت حرب التحرير الجزائرية بثلاثين هجوماً على مراكز الشرطة والثكنات التابعة للاحتلال الفرنسي.
وتقول المناضلة من أجل حقوق المرأة وعضو مجلس الأمة إن الانفجار كان منتظراً لأنه "كان هناك شعور عام بأن شيئاً ما سيحدث. فمنذ أحداث مايو/ أيار 1945 أصبح الجزائريون مقتنعين بأن الفرنسيين لن يحترموا شعاراتهم حول الحرية بما أنهم ارتكبوا جريمة ضد الانسانية في هذا التاريخ".
حتى الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند اعترف خلال زيارته للجزائر في 2012 بأنه "في الثامن من مايو/ أيار 1945 بمدينة سطيف (300 كلم شرق الجزائر) عندما كان العالم ينتصر على البربرية تخلت فرنسا عن مبادئها العالمية".
ويدرّس الثامن من مايو/ أيار 1945 في المدارس الجزائرية على أنه مناسبة وطنية قتل فيها الجيش الفرنسي "45 ألف جزائري" وأنها أحد أسباب قيام حرب التحرير في 1954 التي أدّت إلى استقلال الجزائر عن فرنسا في 1962.
ويتحدث المؤرخون الفرنسيون عن سقوط ما بين 15 ألفاً إلى عشرين ألف قتيل منهم 103 أوروبيين.
وتذكر زهرة ظريف أن الحركة الوطنية كانت متجذرة في الأوساط الشعبية وبعد منع عملها السياسي من خلال حل الأحزاب أصبحت الاجتماعات السرية تتم في البيوت "وبالتالي أصبح كل الجزائريين معنيين بتحرير بلدهم".
كانت هذه المناضلة من الجزائريين "المحظوظين" فهي ابنة قاض وتمكنت من الوصول إلى الجامعة لدراسة الحقوق، لأنه لدى استقلال الجزائر لم يكن هناك سوى 500 جزائري جامعي، كما تقول، من أصل حوالي ثمانية ملايين نسمة.
لكنها قررت منذ الوهلة الأولى الالتحاق بـ"الثورة" في الجزائر العاصمة حيث كانت تدرس مع زميلتها ورفيقتها في السلاح سامية لخضاري (من بطلات حرب الجزائر توفيت في 2012).
وقالت: "تطلّب الأمر عاماً ونصف عام حتى تم قبولنا في صفوف جبهة التحرير، فالنظام داخل الحركة كان سرياً جداً. وبعد أن بدأنا النضال في نهاية 1955 خضعنا لفترة اختبار. مهمتنا الأولى كانت الرعاية الاجتماعية لعائلات المناضلين الذين قتلوا أو سجنوا. كنا نعمل مع مسؤولين لا نعرف أسماءهم وكانت السرية تقتضي أن نعمل في سرية تامة حتى وسط عائلاتنا".
التحاق زهرة ظريف بالعمل المسلح الفعلي كان بطلب منها واستطاعت أن تقنع مسؤوليها بأن العمليات التي كان يقوم بها الفدائيون "لم تكن ناجحة 100 في المئة، فإما أن الفدائي يقتل بعد تنفيذ العملية أو يلقى القبض عليه".
وقالت: "كان الأخوة الفدائيون لا يستطيعون الخروج من الأحياء الأوروبية لأن الشرطة والجيش منتشرون في كل مكان. وحتى المدنيون كانوا يساهمون في القبض عليهم أو قتلهم".
بالنسبة لجبهة التحرير، سهّل المظهر الأوروبي لزهرة طريف ورفيقاتها انضمامهن إلى فوج "زرع القنابل" الذي لعب دوراً أساسياً في معركة الجزائر العاصمة بين فدائيي جبهة التحرير وجنود الجنرال ماسو.
زهرة ظريف عرفت أكثر بوضعها قنبلة في مقهى "ميلك بار" بشارع العربي بن مهيدي حالياً في 30 سبتمبر/ أيلول 1956، ما تسبب في مقتل ثلاثة أشخاص وجرح عشرة".
وبالنسبة للمناضلة كان ذلك "رداً على قنبلة وضعها المستعمر الفرنسي في حي القصبة وتسببت في 70 قتيلًا وهدم العديد من المنازل".
وتعترف المناضلة بأن الشرطة لم تنتظر كثيراً للتعرف عليها "لقد شاهدت اسمي في الصفحات الأولى للجرائد، عندها عرفت أني مطاردة فدخلت في العمل السري. لكن الفرنسيين تمكنوا من زرع جاسوس بيننا وهكذا تمكنوا من القبض علي" مع قائد منطقة العاصمة الجزائرية ياسف سعدي في 22 سبتمبر/ أيلول 1957.
أدينت زهرة ظريف بيطاط بالسجن عشرين سنة قضت منها خمس سنوات بين السجون الجزائرية والفرنسية قبل أن يطلق سراحها عند استقلال الجزائر في 1962.
ومازالت حرب الجزائر التي أنهت 132 سنة من الاستعمار الفرنسي، تمثل مصدر شرعية السلطة بعد 60 سنة من اندلاعها، لكن تأثير هذا الكفاح المسلح يتجه نحو التراجع.
وكل القادة الجزائريين الذين يديرون دفة الحكم يعدون من المشاركين في هذه الحرب، والرئيس عبد العزيز بوتفليقة، 77 سنة، واحد منهم فقد تقلد أول وزارة وعمره لا يتعدى 25 سنة.
وفي تلك الليلة التي أصبحت تمثل عيداً وطنياً في الجزائر نفّذ مقاتلو جبهة التحرير الوطني ثلاثين هجوماً على مراكز الشرطة وثكنات الجيش الفرنسي، ما أسفر عن مقتل سبعة أشخاص، منهم أستاذ وأحد الأعيان الجزائريين الموالين للاستعمار.
ومنذ بداية الاحتلال الفرنسي للجزائر في 1830، كان الهدف هو ضم البلاد التي كانت تحت الحكم العثماني التركي، وتحويلها إلى مقاطعة فرنسية يتمتع فيها أقلية من الأوروبيين بوضع سياسي واقتصادي واجتماعي يفوق وضع السكان الأصليين الذين تحولوا إلى "أهالٍ".
وبالنسبة للمؤرخ المتخصص في الجزائر بنجامين ستورا فإنه حتى وإن لم يكن التمييز العنصري مرسخاً في القانون كما في جنوب أفريقيا، إلا أنه "كان مرسخاً في الواقع"، موضحاً أن صوت المواطن الأوروبي في الانتخابات يساوي سبعة أصوات جزائرية.
"الثورة" كما يسميها الجزائريون تسببت في سقوط الجمهورية الرابعة في فرنسا وأنهت أي أمل في حل سياسي مبنيّ على المساواة بين الأوروبيين و"الأهالي". كما أن جبهة التحرير التي قادت العمل المسلح وتلقت دعم دول عدم الانحياز في مؤتمر باندونج في 1955 لم تكن لترضى بأقل من الاستقلال التام عن المستعمر الفرنسي.
وفي 1962 حقق الجزائريون مطلبهم بعد سبع سنوات من الحرب المتواصلة ومليون ونصف مليون "شهيد" بحسب الجزائريين، بينما يتحدث المؤرخون الفرنسيون عن 500 ألف قتيل. وبعد ستين سنة مازال المشاركون في هذه الحرب وأسرهم يشكلون أساس الحكم، وتمثلهم وزارة كبيرة بميزانية ضخمة تسمى وزارة المجاهدين.
وهذه الشرعية مرسخة في الدستور الجزائري الذي ينص على أنه لا يحق الترشح لمنصب رئيس الجمهورية إلا لمن شارك في "ثورة أول نوفمبر" إذا كان مولوداً قبل سنة 1942 أي أن سنّه لم تكن تتعدى 20 سنة عند الاستقلال في 1962. أما إذا كان المترشح مولوداً بعد هذا التاريخ فعليه أن "يثبت عدم تورط أبويه في أعمال ضد ثورة أول نوفمبر 1954"، وهذا الشرط جاء ليقطع الطريق أمام "الحركى" (الجزائريون الذين تعاونوا مع الاستعمار) وأبنائهم.
وبحسب تحليل الأستاذ الجامعي كريم أملال فإن "الكفاح من أجل الاستقلال في الجزائر يمثل رحم الحكم، سواء السياسي أو العسكري، في مختلف أشكاله التي شهدناها منذ 1962". وأضاف "في تاريخ الجزائر المستقلة فإن المرجعية الأساسية هي حرب التحرير، أي أن الانتماء يحب أن يمتد إلى هذه المرحلة ومن هذا الماضي تستمد السلطة شرعية حكمها في الحاضر" حتى وإن اضطرت إلى تجميل التاريخ الرسمي.
وبما أن جبهة التحرير الوطني تعتبر "معول التمكين الوطني.. فإنها مازالت اليوم المالك الحقيقي الوحيد للشرعية الثورية، في غياب مصدر ديموقراطي للشرعية بالنسبة للسلطة الجزائرية" كما يوضح أملال.
وإلى غاية سنة 1989 ظل حزب جبهة التحرير الوطني يحكم البلاد بمفرده، ويعمل وفق النظام السوفييتي. وحتى بعد التعددية الحزبية ظل الحزب يتمتع بالأغلبية في البرلمان.
ورداً على سؤال: إلى متى سيستمر هذا الوضع؟ يرد أملال "كلما ابتعدنا عن فترة حرب التحرير كلما ذبلت هذه الشرعية".
ومن جهته، أكد المحلل السياسي رشيد تلمساني أن "الطبيعة ستتكفل بعملها، وستنتهي مرجعية هذه المرحلة" من تاريخ الجزائر. واعتبر تلمساني أن "الشرعية الثورية أصبحت وسيلة لتسويق حكم العسكر الذين استولوا على السلطة في 1962".