ستيف جوبز، هذا الرجل، لم تكن حياته ممتدّة على وتيرة واحدة، بل امتلأت بالإخفاقات ومنحنيات الصعود والهبوط وعلاقات الصداقة والعداء. ما جعلها، مؤخراً، وخلال السنوات التي تلت وفاته تحديداً، منبعاً خصباً لقصص وأفلام سينمائية.
إذ ليست مجرّد قصة صعود وثراء تقليدية. الرجل أنشأ "آبل" وله الفضل الأساسي في تكنولوجيا حياتنا اليومية. وله إسهامات في الرسوم المتحركة حين شارك في شركة "بيكسار" التي أحدثت نقلة ثورية في السينما. ما يجعل من حياته "بصرية" بامتياز.
فيلم تلفزيوني
مع اقتراب نهاية الألفية الثانية كان الشابان ستيف جوبز وبيل جيتس هما رمزا المستقبل الذي ينتظرنا في 1000 عام جديدة. الفيلم التلفزيوني "Pirates of Silicon Valley - قراصنة وادي السيليكون كان فيلماً منخفض التكلفة في العام1999. حاول التقاط تلك اللحظة والخطوات التي مهّدت لها.
هي قصّة عن علاقة الصداقة والتنافس والشراكة التي جمعت بين جوبز وجيتس أثناء تكوين كلّ منهما إمبراطوريته الخاصة التي غيّرت وجه العالم: "آبل" و"مايكروسوفت". إذ يقوم الفيلم بالتنقّل في خلال 30 عاماً، من العام 1971 وحتى العام 1997، باحثاً في ماضي الشخصيتين، واللحظات المفصلية التي كوّنت علاقتهما عبر السنين، وناحتاً في الأحلام الكبرى.
الفيلم مقتبس عن كتاب "نار في الوادي: صنع شخصية الكمبيوتر". ومن بطولة نواه ويل وأنطوني مايكل هال. لم يشتهر كثيراً لأنّه تلفزيوني، لكنّه حصل على تقدير النقّاد وترشّح لينال خمس جوائز إيمي، وتزايد نجاحه مع إعادة اكتشافه نجاح الرجلين.
فيلم ثانٍ فاشل
مع وفاة ستيف جوبز المفاجئة في أواخر العام 2011، كثر الحديث عنه ودبّت الحماسة في كثيرين لإعادة سرد أثره العظيم في حاضرنا التكنولوجي والإنجازات الكبرى التي حقّقها عبر شركات مختلفة. قررت شركة "أوبين رود فيلمز" الدخول بشكل عاجل في إنتاج فيلم عن حياة الرجل، يرتكز بشكل أساسي، وقبل أيّ شيء آخر، على الشبه الكبير بينه وبين الممثل آشتون كوتشر.
النتيجة كانت أنّ التعامل مع هذا الشبه كان هو روح فيلم "Jobs - جوبز" بالكامل في العام 2013. لا يوجد شيء آخر. سيناريو مقتبس من صفحة ويكيبيديا، وإخراج أقرب إلى التقرير التلفزيوني منه إلى السينما. هاجمه أحد النقّاد قائلاً: "لو لم أكن أعرف من هو ستيف جوبز لكرهته كثيراً عند مشاهدة هذا الفيلم"، وقال ناقد آخر: "هذا عمل سيئ وضعيف عن سيرة رجل عظيم".
لم يحقّق الفيلم أيّ نجاح يذكر في شباك التذاكر عند عرضه في دور السينما، ورشّح آشتون كوتشر ليكون "أسوأ ممثل" في العام 2013.
"الرجل في الآلة"
هذا الفيلم هو نظرة إلى ما وراء الصورة اللامعة لـ"جوبز". كلّ ما يذكر في الكتب، المقالات، البرامج، الأفلام، الشهادات.. يخلق كلّه صورة أسطورية لستيف جوبز. صورة لرجل يحبّه العالم كلّه دون شكّ أو مفاضلة. لكن ماذا عن الجانب الآخر؟ عن الصورة الخفية المحجوبة لرجل قوي ومُتسلّط وحادّ يمكن أن يقهر بعضاً من موظّفيه أو العاملين معه من أجل أن تسير طموحاته في طريق ممهّد؟
هو فيلم المخرج أليكس جيلنبي "Steve Jobs: The Man in the Machine - الرجل في الآلة"، ويبدو أنّه أفضل من الفيلمين الأولين. فجيلنبي هو مخرج مهمّ في السينما الوثائقية في الولايات المتحدة الأميركية. كان فيلماً عن "الجانب الآخر". استغلّ مئات الساعات من المواد المصوّرة والأرشيفية لجوبز. بالإضافة إلى تسجيلات ولقاءات قام بها مع أشخاص عملوا معه أو تحت قيادته. هكذا صنع سيرة أخرى حياتية يكمل بها صورة أسطورة التكنولوجيا.
يقول جيلنبي عن عمله: "دائماً ما أهتمّ في أفلامي بالبحث عن الحقيقة، عن الشيء الذي لا يُذكر في وسائل الإعلام، وحين كنت أشاهد جوبز وأستمع إلى تفاصيل عن حياته كنت أتساءل: هل هذا حقاً هو كل شيء؟ وهاجس كبير يخبرني بأنّ الإجابة هي: لا. وهذا الهاجس تحديداً هو ما دفعني إلى البحث وصناعة هذا الفيلم".
"الرجل في الآلة" سيبدأ عرضه في سبتمبر/أيلول المقبل، ويتوقّع نقّاد شاهدوه بعروض خاصّة، من المفترض أن يكون من أهم الأفلام الوثائقية هذا العام.
الفيلم الأقوى: Steve Jobs
"Steve Jobs - ستيف جوبز" الذي سيبدأ عرضه في التاسع من أكتوبر/تشرين الأوّل المقبل، من المتوقع أن ينافس بقوة على جوائز أوسكار 2015. وبهذا يدخل السباق مع الفيلم الآخر. فينتظر، والحال هذه، أن يكون واحداً من أكثر الأفلام السينمائية قوّة في 2015.
قيمة هذا الفيلم لا تنبع من اسم "جوبز" فقط، بل من صنّاعه كذلك وهم: آرون سوركين، السيناريست العبقري الذي قدّم قبل سنوات قليلة جانباً من حياة مارك زوكربيرج (مؤسس موقع فيسبوك) في فيلم "The Social Network" وحصل عنه على جائزة أوسكار "أفضل سيناريو مقتبس". وهناك داني بويل، مخرج "Slumdog Millionaire"، الحاصل على الأوسكار أيضاً. وبالطبع هناك بطل الفيلم مايكل فاسبندر، أحد أهم الممثلين في العالم حالياً.
سوركين يقول عن نفسه إنّه "مهتم بسير أبطال العصر الحديث الذين غيّروا عالمنا من وراء شاشات الكمبيوتر".
إلى جانب كلامه الشخصي يمكن القول أيضاً إنّه مهتمّ بنقد ومساءلة واكتشاف ما يسمّى بـ "الحلم الأميركي"، عبر تناول عميق لشخصياته المعقّدة. كلّ هذه الأمور موجودة بشدّة في شخصية "جوبز" وفي الأثر الذي حقّقه في العالم من خلال المنتجات التكنولوجية والثقافية التي يقف وراء صناعتها وترويجها.
لذلك فإنّ المنتظر من الفيلم أكثر عمقاً بكثير من سيرة حياة تقليدية. ولهذا السبب أيضاً، وكما ظهر من الترايلور الترويجي للفيلم، فهو لا يهتمّ بخلق أيّ تشابه شكلي بين "فاسبندر" و"جوبز"، بل يركّز قيمته على النصّ، وعلى قدرة استيعاب مفاصل الحياة المتداخلة والمتعدّدة لجوبز، بكلّ ما فيها من تناقضات وصراعات.
إذ ليست مجرّد قصة صعود وثراء تقليدية. الرجل أنشأ "آبل" وله الفضل الأساسي في تكنولوجيا حياتنا اليومية. وله إسهامات في الرسوم المتحركة حين شارك في شركة "بيكسار" التي أحدثت نقلة ثورية في السينما. ما يجعل من حياته "بصرية" بامتياز.
فيلم تلفزيوني
مع اقتراب نهاية الألفية الثانية كان الشابان ستيف جوبز وبيل جيتس هما رمزا المستقبل الذي ينتظرنا في 1000 عام جديدة. الفيلم التلفزيوني "Pirates of Silicon Valley - قراصنة وادي السيليكون كان فيلماً منخفض التكلفة في العام1999. حاول التقاط تلك اللحظة والخطوات التي مهّدت لها.
هي قصّة عن علاقة الصداقة والتنافس والشراكة التي جمعت بين جوبز وجيتس أثناء تكوين كلّ منهما إمبراطوريته الخاصة التي غيّرت وجه العالم: "آبل" و"مايكروسوفت". إذ يقوم الفيلم بالتنقّل في خلال 30 عاماً، من العام 1971 وحتى العام 1997، باحثاً في ماضي الشخصيتين، واللحظات المفصلية التي كوّنت علاقتهما عبر السنين، وناحتاً في الأحلام الكبرى.
الفيلم مقتبس عن كتاب "نار في الوادي: صنع شخصية الكمبيوتر". ومن بطولة نواه ويل وأنطوني مايكل هال. لم يشتهر كثيراً لأنّه تلفزيوني، لكنّه حصل على تقدير النقّاد وترشّح لينال خمس جوائز إيمي، وتزايد نجاحه مع إعادة اكتشافه نجاح الرجلين.
فيلم ثانٍ فاشل
مع وفاة ستيف جوبز المفاجئة في أواخر العام 2011، كثر الحديث عنه ودبّت الحماسة في كثيرين لإعادة سرد أثره العظيم في حاضرنا التكنولوجي والإنجازات الكبرى التي حقّقها عبر شركات مختلفة. قررت شركة "أوبين رود فيلمز" الدخول بشكل عاجل في إنتاج فيلم عن حياة الرجل، يرتكز بشكل أساسي، وقبل أيّ شيء آخر، على الشبه الكبير بينه وبين الممثل آشتون كوتشر.
النتيجة كانت أنّ التعامل مع هذا الشبه كان هو روح فيلم "Jobs - جوبز" بالكامل في العام 2013. لا يوجد شيء آخر. سيناريو مقتبس من صفحة ويكيبيديا، وإخراج أقرب إلى التقرير التلفزيوني منه إلى السينما. هاجمه أحد النقّاد قائلاً: "لو لم أكن أعرف من هو ستيف جوبز لكرهته كثيراً عند مشاهدة هذا الفيلم"، وقال ناقد آخر: "هذا عمل سيئ وضعيف عن سيرة رجل عظيم".
لم يحقّق الفيلم أيّ نجاح يذكر في شباك التذاكر عند عرضه في دور السينما، ورشّح آشتون كوتشر ليكون "أسوأ ممثل" في العام 2013.
"الرجل في الآلة"
هذا الفيلم هو نظرة إلى ما وراء الصورة اللامعة لـ"جوبز". كلّ ما يذكر في الكتب، المقالات، البرامج، الأفلام، الشهادات.. يخلق كلّه صورة أسطورية لستيف جوبز. صورة لرجل يحبّه العالم كلّه دون شكّ أو مفاضلة. لكن ماذا عن الجانب الآخر؟ عن الصورة الخفية المحجوبة لرجل قوي ومُتسلّط وحادّ يمكن أن يقهر بعضاً من موظّفيه أو العاملين معه من أجل أن تسير طموحاته في طريق ممهّد؟
هو فيلم المخرج أليكس جيلنبي "Steve Jobs: The Man in the Machine - الرجل في الآلة"، ويبدو أنّه أفضل من الفيلمين الأولين. فجيلنبي هو مخرج مهمّ في السينما الوثائقية في الولايات المتحدة الأميركية. كان فيلماً عن "الجانب الآخر". استغلّ مئات الساعات من المواد المصوّرة والأرشيفية لجوبز. بالإضافة إلى تسجيلات ولقاءات قام بها مع أشخاص عملوا معه أو تحت قيادته. هكذا صنع سيرة أخرى حياتية يكمل بها صورة أسطورة التكنولوجيا.
يقول جيلنبي عن عمله: "دائماً ما أهتمّ في أفلامي بالبحث عن الحقيقة، عن الشيء الذي لا يُذكر في وسائل الإعلام، وحين كنت أشاهد جوبز وأستمع إلى تفاصيل عن حياته كنت أتساءل: هل هذا حقاً هو كل شيء؟ وهاجس كبير يخبرني بأنّ الإجابة هي: لا. وهذا الهاجس تحديداً هو ما دفعني إلى البحث وصناعة هذا الفيلم".
"الرجل في الآلة" سيبدأ عرضه في سبتمبر/أيلول المقبل، ويتوقّع نقّاد شاهدوه بعروض خاصّة، من المفترض أن يكون من أهم الأفلام الوثائقية هذا العام.
الفيلم الأقوى: Steve Jobs
"Steve Jobs - ستيف جوبز" الذي سيبدأ عرضه في التاسع من أكتوبر/تشرين الأوّل المقبل، من المتوقع أن ينافس بقوة على جوائز أوسكار 2015. وبهذا يدخل السباق مع الفيلم الآخر. فينتظر، والحال هذه، أن يكون واحداً من أكثر الأفلام السينمائية قوّة في 2015.
قيمة هذا الفيلم لا تنبع من اسم "جوبز" فقط، بل من صنّاعه كذلك وهم: آرون سوركين، السيناريست العبقري الذي قدّم قبل سنوات قليلة جانباً من حياة مارك زوكربيرج (مؤسس موقع فيسبوك) في فيلم "The Social Network" وحصل عنه على جائزة أوسكار "أفضل سيناريو مقتبس". وهناك داني بويل، مخرج "Slumdog Millionaire"، الحاصل على الأوسكار أيضاً. وبالطبع هناك بطل الفيلم مايكل فاسبندر، أحد أهم الممثلين في العالم حالياً.
سوركين يقول عن نفسه إنّه "مهتم بسير أبطال العصر الحديث الذين غيّروا عالمنا من وراء شاشات الكمبيوتر".
إلى جانب كلامه الشخصي يمكن القول أيضاً إنّه مهتمّ بنقد ومساءلة واكتشاف ما يسمّى بـ "الحلم الأميركي"، عبر تناول عميق لشخصياته المعقّدة. كلّ هذه الأمور موجودة بشدّة في شخصية "جوبز" وفي الأثر الذي حقّقه في العالم من خلال المنتجات التكنولوجية والثقافية التي يقف وراء صناعتها وترويجها.
لذلك فإنّ المنتظر من الفيلم أكثر عمقاً بكثير من سيرة حياة تقليدية. ولهذا السبب أيضاً، وكما ظهر من الترايلور الترويجي للفيلم، فهو لا يهتمّ بخلق أيّ تشابه شكلي بين "فاسبندر" و"جوبز"، بل يركّز قيمته على النصّ، وعلى قدرة استيعاب مفاصل الحياة المتداخلة والمتعدّدة لجوبز، بكلّ ما فيها من تناقضات وصراعات.