ووفقاً لبيان شرطة شرق جوتلاند، فإنّ الضابط الذي خضع للمحاكمة، قام خلال شهري أكتوبر/تشرين الأول ونوفمبر/تشرين الثاني من العام الماضي 2019، بتلقي طرود وأكياس، في 3 مناسبات، ألقاها من فوق جدار السجن، ليقوم بعدها بتسليمها للسجين.
وأضافت الشرطة الدنماركية، في بيان صحافي، تلقى "العربي الجديد" نسخة منه، أنه "في المرة الرابعة (في ديسمبر/كانون الأول الماضي) كانت الشرطة مستعدّة لإلقاء القبض عليه بالجرم المشهود، حين وصله الطرد الذي يفترض تهريبه. فألقي القبض عليه فوراً".
وتعتبر المدعية الخاصة بالشرطة الدنماركية، دورتا لوسغورد، أنه "من الضروري جدا في مجتمع تحكمه سيادة القانون، الإبقاء على ثقة الناس بالشرطة وضباط السجون، وألّا يتلقى هؤلاء رشى من قبل المجرمين". واعتبرت لوسغورد أنه "من المهم أيضاً إرسال إشارة، بأنّ المحاكم تنظر بجدية لهذا النوع من الجرائم (الرشى)".
واعترف الضابط المعتقل، أثناء مداولات المحكمة، بما نُسب إليه من تهم وبتلقيه أموالاً نقدية للقيام بما قام به. بيد أنّه ولتخفيف وطأة ما أقدم عليه، ادّعى أنه شعر "بتهديد السجين، البالغ من العمر 27 سنة، للقيام بذلك"، لكن ذلك لم يؤثر في القضاة الذين أصدروا قرارهم بمعاقبته بالسجن 12 شهراً، وإيقافه عن العمل في الشرطة.
وكانت معلومات وردت إلى الشرطة عن عمليات تهريب للسجين، وبعد مراقبة وملاحقة تفاصيل ما يجري تبيّن لهم أنّ زميلهم هو الذي كان يقوم بالتهريب، وفي محاولته الرابعة في ديسمبر/كانون الأول الماضي، بعد اتفاقه مع السجين على يوم محدّد للتهريب، كانت الشرطة قد كمنت له وفاجأته بإلقاء القبض عليه وبحوزته ما كان ينوي تهريبه. وبعد تفتيش منزل الشرطي تبيّن وجود 37 ألف كرونه من قيمة الرشاوى، صادرتها الشرطة. ومن ناحية ثانية، قرر الادعاء رفع دعوى بحق السجين، وعدد من معارفه الذين كانوا يؤمّنون له ما تمّ تهريبه إليه.
وتنظر الدنمارك بشكل جدي إلى مكافحة الفساد، والرشى بشكل خاص، في القطاعين العام والخاص. وتعيد هذه الحادثة إلى الأذهان قضايا أخرى تم الكشف عنها سابقا. من بينها قضية تتعلّق بضابط سجون، عام 2018، قام بتهريب الحشيش وهاتف إلى موقوفين من عصابة "الولاء للعائلة"، التي ضمّت العديد من الشبّان من أصول مهاجرة، وجرى حلّها بعد عمليات قتل وإطلاق نار عشوائي صيف ذلك العام.
وتلقى ضابط سجن هيلسنيور (39 سنة)، شمالي العاصمة كوبنهاغن، حكماً بالسجن لـ15 شهرا لقاء تلقيه رشوة لتهريبه، 7 مرات، مادة الحشيش والسجائر، إضافة إلى 7 هواتف قام بتسليمها له أعضاء في العصابة، الذين لم يلقَ القبض عليهم في ذلك الوقت. ووفقاً لحيثيات تلك القضية، فإن الضابط تلقى عن كل عملية تهريب إلى داخل السجن، 10 آلاف كرونه نقداً، من أفراد العصابة، وهي الأموال التي جرت أيضاً مصادرتها. ولم ينفع ادعاء الضابط أنه تعرّض "لضغوط للقيام بالتهريب"، فقد كشفت مداولات القضية وعمليات التنصّت أنّ الضابط نفسه كان يحثّ أفراد العصابة على دفع مستحقات تهريبه. وهو ما اعتبرته المحكمة بمثابة مبادرة منه لممارسة الفساد والكسب المالي، بارتكاب مخالفات ضد وظيفته الشرطية.
وعادة ما تقوم العصابات في الدنمارك بالاهتمام بأفرادها الذين يعتقلون، وتستمر أعمالهم من خلف القضبان، بما فيها المتاجرة بالممنوعات، وفي حالة قضية العام 2018، قدّرت كمية الحشيش التي هرّبها الضابط إلى السجن، بنحو 10 كيلوغرامات، وهو ما جعله يتلقى حكماً إضافياً، غير تلقي الرشوة، على أساس قانون العقوبات الخاص بالمخدرات.