"صنع في المعتقل" عبارة لم تعد تمثل ذكرى عابرة في حياة معتقلات مصريات لمنتجٍ صنعنه في فترة حبسهن، بل أسلوب حياة يرافقهن في حياتهن البعيدة عن جدران السجن.
تقول معتقلة خرجت حديثاً من السجن بعد انقضاء فترة حبسها، إنها كانت ترفض الشرب من زجاجات المياه في الزنزانة، بالاشتراك مع غيرها من السجينات، فنصحتها إحداهن بتخصيص "برطمان" من فوارغ الطعام المعلب، لشرب المياه فيه.
تروي المعتقلة السابقة، التي فضّلت عدم الكشف عن هويتها لأسباب أمنية، أنها ما زالت حتى اليوم، تحتفظ بـ"البرطمان"، وتشرب فيه حتى في منزلها.
كذلك، تروي معتقلة سابقة أخرى، دأبت على صنع حقائب يد وملابس أطفال باستخدام خيوط التريكو والكروشيه، طوال فترة اعتقالها: "كنت أمضي الوقت الطويل في صناعة العديد من المنتجات. حرصت على كتابة عبارة (صنع في المعتقل) على كل منها. لكن بعد خروجي، لم أرحب بفكرة بيع هذه المنتجات. فضلت الاحتفاظ بها. أضعها في خزانتي، وأتردد عليها يوميا للاطمئنان عليها.. أصبحت جزءاً من حياتي".
معتقلة سابقة أخرى أهداها أحد أقاربها دمية "عروسة"، تشبه "باربي" الشهيرة، في إحدى الزيارات. خلعت عن العروسة ملابسها الزاهية، وصممت لها عباءة بيضاء من ملابس السجن، تشبه تلك التي ترتديها. وفي الزيارة التالية، أعادتها بملابس السجن البيضاء لأهلها ثانية. تقول: "لم أقبل لها بغير الحرية، علّنا نلتقي قريباً في الخارج".
يرتبط اسم "صنع في المعتقل"، في الأساس، بالطالبة أسماء حمدي التي اعتقلت بتاريخ 24 ديسمبر/كانون الأول 2013 من داخل جامعة الأزهر بالقاهرة. بدأت أسماء الحملة بعد الحكم عليها بالسجن خمس سنوات في قضية تظاهرات جامعة الأزهر. واليوم، من داخل السجن، تصمم أسماء العديد من حقائب "الكروشيه" بالألوان الزاهية. وما زالت صفحة "الحرية لأسماء مصر" تعرض صوراً لتلك الحقائب بهدف بيعها. كما أهدت أسماء حقيبة خضراء من صنعها إلى زميلتها في السجن الناشطة ماهينور المصري.
ماهينور المصري أيضاً، حرصت على صناعة بعض الهدايا البسيطة، لرفيقاتها، أهدتها لهن خلال الزيارات الأخيرة. وكانت المصري قد سجنت على خلفية قانون التظاهر المصري، وتم تأييد الحكم عليها في 20 مايو/أيار 2014 بالحبس عامين والغرامة 50 ألف جنيه، بتهمة التظاهر من دون تصريح، والاعتداء على قوات الأمن، على خلفية مشاركتها في وقفة تضامنية بالتزامن مع محاكمة المتهمين بقتل خالد سعيد.
اقرأ أيضاً: أطفال وبنات سجون مصر