وكشف بيان سحب المبادرة، التي كان مقرراً أن تدخل حيز التنفيذ، يوم أمس الإثنين، عن تباين مواقف الجماعات المتقاتلة من الهدنة، إذ "تم تلبيتها من البعض، وصمت آخرون، وانتقد الهدنة غيرهم، ورفضها البعض". ويأتي رفض الهدنة، على الرغم من دخولها حيز التنفيذ بين بعض الجهات على أرض الواقع، حسب بيان نشره موقع "منبر التوحيد والجهاد" التابع لـ"التيار السلفي"، مدللاً على واقع "ريف حلب الشمالي، الذي أصبح جبهة شبه هادئة، بعدما أصبح القتال شبه معدوم بين داعش والجماعات الأخرى".
ويذكر أن مبادرة الهدنة المُوقّعة من قبل 22 شخصية تمثل قيادات "التيار السلفي" ومنظريه في العالم، اقترحت أول الأمر دخول الهدنة حيز التنفيذ يوم وقفة عرفة التي صادفت 3 أكتوبر/ تشرين الأول، الجاري، قبل أن تعود وتمدد الموعد عشرة أيام إضافية، لإتاحة الفرصة أمام الجماعات المتقاتلة للاطلاع على بنود الاتفاق المتقرح ودراسته.
ونصّت المبادرة على وقف القتال بين الجماعات الإسلامية المتقاتلة فيما بينها، حتى تتفرغ لصد العدوان المتمثل بـ"التحالف الصليبي، والجيوش المرتدة"، على أن يترافق وقف القتال مع "إطلاق سراح" الأسرى ممن لم تتلطخ أيديهم بدم حرام"، كما واقترحت مبادرة الهدنة أن يناط بجبهة "أنصار الدين" المشكلة من أربع فصائل (الكتيبة الخضراء، وحركة شام الإسلام، وجيش المهاجرين والأنصار، وفجر الشام)، مهمة الرباط على الحدود لضبطها وتهدئة نقاط التماس".
وفيما لم يعلن بيان سحب المبادرة الجهة التي تتحمل فشلها، حمّل مصدر قيادي في "التيار السلفي الجهادي"، تنظيم "داعش" المسؤولية عن فشل المبادرة، وقال لـ"العربي الجديد"، طالباً عدم ذكر اسمه"، إن "تنظيم الدولة الإسلامية عبّر عن رفضه المبكر للمبادرة، وكان تمديدها بهدف محاولة إقناعة بالموافقة".
وحسب المصدر فإن "داعش" كان له ملاحظات عند طرح الهدنة، على توقيتها وسرعة طرحها، الأمر الذي لا يتيح فرصة لدراستها من قبل اللجنة الشرعية في التنظيم، كما وضع ملاحظات على الجهة التي ستناط بها مهمة الرباط على نقاط التماس وكيفية تبادل الأسرى.
وحمّل بيان سحب المبادرة الذي بدأ بـ"يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله" عتباً على رافضي المبادرة، التي أكد القائمون عليها أنها جاءت استجابة لنداء من الداخل السوري، متّهمين "أطرافاً رئيسة مهمة معروفة بأنها لن تؤيد أي هدنة، ومن ثم فلن تؤتي الدعوة إليها ثمارها".
يشار إلى أن عدداً من منظّري "التيار السلفي" وقياداته، أعلنوا رفضهم التحالف الدولي، الذي شُكّل لمحاربة "داعش" حتى من أولئك الذين أعلنوا موقفاً مناهضاً للتنظيم غداة إعلانه الخلافة، وتنصيب زعيم التنظيم، أبو بكر البغدادي، خليفة على المسلمين، ودعوا بشكل فردي كلاً من "داعش" و"جبهة النصرة" إلى التوحد لمواجهة التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة.