قبل أيام قليلة حوّلت الحكومة اللبنانية مساهمتها المالية لتمويل المحكمة الدولية الخاصة بكشف قتلة رئيس الوزراء الأسبق رفيق الحريري، واليوم أحيا "تيار المستقبل" الذكرى 13 لعملية الاغتيال.
وتوزعت الفعاليات طوال ساعات النهار بين مسجد محمد الأمين في بيروت، وضريح الحريري قرب المسجد، وقاعة "بيال" للمؤتمرات التي تحدث فيها رئيس الحكومة، سعد الحريري.
وأعاد الوريث السياسي لـ"آل الحريري" تكرار الكثير من المواقف السياسية التي طبعت السنتين الأخيرتين من مسيرته السياسية، حيث تحدث الحريري الابن، تحت عنوان "حماية لبنان"، عن أن "خراب الموصل أصبح توأما لخراب البصرة، واليمن السعيد أتعس بقاع الأرض، وليبيا مُصابة بلعنة الإرهاب، ورغم ذلك لا يزال لبنان في منطقة الأمان".
وأكد أنه "لن يُسلّم لبنان لأي حرب أهلية جديدة أو يقبل بتخريج مليشيات مُسلحة، أو بكسر مبدأ العيش المُشترك"، وقدّم مقاربة وضعت لبنان في موقع مفاضلة بين واقعه وبين واقع الدول العربية، كـ"وجود سلطة وحكومة ونظام ومعارضة وجيش وصحافة وحرية، في وقت تتساقط هذه المنظومات في كل الدول العربية حولنا".
وخاطب الحريري الدول العربية مؤكداً على "عروبة لبنان"، وقال: "لن أبيع الأشقاء العرب بضاعة سياسية لبنانية مغشوشة، أو مواقف استهلاكية إعلامية وطائفية، وأؤكد أنني لن أسلّم بخروج لبنان عن محيطه العربي، ولا بالإساءة إلى أي دولة عربية، ولا بدخول لبنان بمحرقة الحروب العربية".
ووصف رئيس الحكومة "سياسة النأي بالنفس" بأنها "عنوان أساس من عناوين التحدي وتثبيت لبنان في موقعه الطبيعي، وهي ليست حبراً على ورق"، وغمز من جهة "حزب الله" من خلال تأكيده على أنّ "من وقّع على قرار اتّخذته الدولة فعليه احترامه".
كما سمّى الحريري ذكرى اغتيال والده هذا العام بـ"يوم القدس"، تعبيراً عن تضامن "تيار المستقبل" مع القضية الفلسطينية.
وفي الشأن الداخلي اللبناني، انقسم حديث الحريري إلى تأكيد بعض الثوابت الداخلية لتياره، وعلى رأسها الخلاف مع "حزب الله"، قبل الانتقال إلى خطاب انتخابي قدّم فيه ما يشبه جردة الإنجازات لجمهوره.
ومن ضمن الثوابت التي حددها الحريري "اعتبار اتفاق الطائف خطا أحمر لا يخضع للتفسير والتأويل، وهو ليس إطارا لأي ثنائيات أو ثلاثيات أو رباعيات"، وكذا "التزام الحوار في مقاربة الخلافات السياسية"، و"حماية لبنان من ارتدادات الحروب في المنطقة"، و"رفض التدخل في شؤون البلدان العربية"، و"اعتبار الأحكام التي ستصدر عن المحكمة الدولية مُلزمة للسلطات اللبنانية بملاحقة المُتهمين وتوقيفهم"، و"حصرية السلاح بيد الدولة"، و"تفعيل قدرات الجيش والقوى الأمنية لحماية السيادة ومكافحة الإرهاب"، و"التزام القرارات الدولية الخاصة بلبنان، لا سيما 1701، والتضامن الوطني لمواجهة الأطماع الإسرائيلية بمياهنا الإقليمية"، و"إنهاء ملف عودة النازحين ورفض كل أشكال التوطين"، و"حماية المجتمع الإسلامي من تسلل التنظيمات الإرهابية، وإصدار عفو عام يشمل الموقوفين الإسلاميين الذين لا دماء على أيديهم"، و"توسيع مشاركة الشباب والنساء في الحياة السياسية"، وأخيراً "مكافحة الفساد وتحسين الشفافية".
ودعا الحريري جمهوره للتصويت بكثافة في الانتخابات المُقبلة لضمان استمرار ما وصفها بـ"الإنجازات"، كإقرار قانون الانتخابات، وسلسلة الرتب والرواتب، والتعيينات الأمنية والقضائية والدبلوماسية، واستكمال المجلس الاقتصادي والاجتماعي، وإقرار أول موازنة منذ 12 سنة.
كما قدّم رئيس الحكومة اللبنانية مشاركة لبنان في المؤتمرات الدولية التي تستضيفها عواصم أوروبية خلال الشهرين المُقبلين ضمن برنامجه الانتخابي، مع دعوة جمهوره للتصويت لصالح النهج الذي "أقرّ قوانين مُعطلة، وسيحل أزمة النفايات، وسيطور قطاع الاتصالات، وسيقدّم خطة متكاملة لمواجهة أزمة النزوح السوري في مؤتمر بروكسل بعد شهرين، وخطة لدعم الجيش في مؤتمر روما بعد شهر، وخطة لتمويل مشاريع بنى تحتية بقيمة 16 مليار دولار أميركي في مؤتمر باريس بعد شهر ونصف".
واعتبر أن "بعض المزايدين في خطاب مواجهة (حزب الله) يعملون فعلياً على تقوية الحزب، من خلال تقديم قراءات خاطئة ومغلوطة عن صورة لبنان بعد انتهاء الانتخابات المُقبلة، والاعتبار أن المجلس الجديد سيُشرّع سلاح الحزب"، مؤكدا أنه سيخوض الانتخابات المُقبلة ضد "حزب الله"، وأن "أكبر ما يمكن أن يحققه أصدقاء الأمس الذين ضلوا الطريق لصالح البحث عن أدوار في الداخل والخارج، وأرسلوا تقارير ضد سعد الحريري وضد (تيار المستقبل)، هو إضعاف صوتنا لمصلحة الحزب خلال الانتخابات".
ورغم تجديد العداء السياسي مع الحزب، حرص الحريري على حصر الموقف بـ"المعركة السياسية"، مع التشديد على "رفض جر جمهور رفيق الحريري إلى أي صراع أهلي أو طائفي".