22 فبراير 2016
سفاسف الأمور
ـ يحلم شاب لوطنه بالحرية والكرامة الإنسانية والعدالة الاجتماعية، فيدخل السجن بسبب حكم، أصدره قاضٍ يحلم بحفلة جنس جماعي.
ـ حتى الآن، لم نسمع عن زبال أصبح ابنه قاضيا، ولم نسمع عن زبال طلب رشوة جنسية ليقرر مصير حياة إنسان. وحتى الآن أيضاً، لم يتضح ما إذا كان قرار حظر النشر في قضايا طلب رشاوى جنسية، يصدر بشكل عادي، أم بعد طلب رشوة جنسية، وما إذا كان القضاة المولعون بإصدار أحكام الإعدام لا يطلبون رشاوى جنسية، لأن تمام نشوتهم هو الحكم بالإعدام، ثم يبقى السؤال الأهم الذي لن نعرفه ولن يسأله أحد: كم رشوة جنسية أو غير جنسية، سيتم تمريرها على حس إطاحة قاضي الرشوة الجنسية الذي شاء حظه أن يكون كبش فداء الشامخ.
ـ ليس بالمشاريع العملاقة وحدها ينصلح حال الشعوب، ليس بحفر القنوات وشق الترع وبناء الكباري تتقدم الأوطان، ومن يحب مصر ويريد لها التقدم، عليه أن يطلب لها أولا العدالة والحرية والحكم الرشيد الذي يكفل المحاسبة والمراقبة، لكي لا تظل مصر تُحكم بالطريقة التي يديرها بها "الحافر على الناشف عبد الفتاح السيسي"، فيُكتب في كتب التاريخ لا قدر الله: "جمهورية مصر العربية، من كتر قنواتها بارت".
ـ لن أفتي في تفاصيل لا أفهمها، كل مشروع يفتح بيتا أو يجلب رزقا لمواطن وللبلاد، أمرٌ يبهجني، أيا كان من يقف وراءه. لكن، ما يقلقني وأنا أشاهد الاحتفاء المبالغ فيه بأعمال الحفر المتواصل في قناة السويس، أنني أفتقد في ظل حالة الهياج الجمعي التي تسود البلاد تقييما دقيقا لما يجري، وما إذا كان نقلة غير مسبوقة في التاريخ، أم أنه مشروع جيد، لكنه لا يستحق كل هذه الضجة، أم أنه مغامرة غير محسوبة، كعشرات المغامرات في العهود السابقة التي حولتها طبول النفاق إلى فتوحات غير مسبوقة، كما أن ما يشغلني أكثر، بعد أن تنتهي احتفاليات الحفر، هو كيف سنردم قنوات الكراهية والغضب والانتقام والإحباط التي حفرها العسكر والإخوان في ملايين البيوت المصرية؟
ـ كثيرا ما يردد عبد الفتاح السيسي في خطاباته وحواراته عبارة "إحنا ما بننامش"، بلهجة يملؤها الأسى الهادف إلى طلب المزيد من التأييد لسياسات القمع والبطش. ولو كان لدينا شيخ أزهر يهتم لتطبيق أحكام الشرع، لأفتاه بضرورة أن ينام أطول قدر ممكن، لأن الشرع يعتبر "نوم الظالم عبادة".
ـ يظل المثقف محبا لهجاء أمل دنقل لـ "الرجال الذين ملأتهم الشروخ"، إلى أن تملأه الشروخ، فيكف عن الاستشهاد بأمل دنقل، ليتحدث عن أنواع أرخص من الأمل.
ـ يحدث في مصر فقط، أن تجد صورة لفتاة بوصفها مخطوفة، ثم تقرأ بعد ساعات تعليقا يقول "الحمد لله طلعت مش مخطوفة، وإنما مصابة في حادثة عربية". ويرد الناس على ذلك التعليق بابتهاج حقيقي، لأنهم يعلمون أنه حين تغيب الدولة، يكون قضاء المرض بكل عواقبه المعلومة، أهون من قضاء الخطف بكل عواقبه المجهولة.
ـ حظر النشر، حظر التجول، حظر السفر، حظر التداول، وحدها البلاد المتخلفة التي يرتبط فعل الحظر فيها بالحقوق فقط.
ـ في أوائل التسعينيات، كنا نهتف في الجامعة احتجاجا على ما يجري في فلسطين والعراق: "اللي هيضرب في العراق، بكره هيضرب في الوراق"، ولم يكن يخطر في بالنا، أننا سنعيش اليوم الذي يغرق فيه فقراء الوراق وأطفالهم في قاع النيل، من دون أن يهتف أحد غضبا على حالهم، ومن دون أن نسمع حديث (بغلة العراق) الذي فقد المشايخ والكتاب والإعلاميون اهتمامهم بترديده، لكي لا يغضب سيسي مصر.
ـ قراءة ما يكتبه كثير من أبناء الأديان السماوية على شبكة الإنترنت، من شتائم وتكفير ولعنات متبادلة، تجعلهم يستحقون لقبا أدق هو (أبناء الأديان السِمّاوية).
ـ لا تتسنى لي فرص كثيرة لاستخدام تعبير "أستميح عذرا". ولذا، ما صدقت أن جاءت هذه الفرصة، لأستميح القارئ الكريم عذرا، للحصول على إجازة من الكتابة اليومية طوال شهر أغسطس/آب الكريه، الذي يكثر فيه العرق، وتقل فيه الرغبة في الكلام، على أمل أن أعاود اللقاء بكم، في هذه المساحة، بدءاً من يوم الثلاثاء 1 سبتمبر/أيلول المقبل، بإذن الله، وكل عام وأنتم بخير، ما استطعتم إلى ذلك سبيلا.
ـ ليس بالمشاريع العملاقة وحدها ينصلح حال الشعوب، ليس بحفر القنوات وشق الترع وبناء الكباري تتقدم الأوطان، ومن يحب مصر ويريد لها التقدم، عليه أن يطلب لها أولا العدالة والحرية والحكم الرشيد الذي يكفل المحاسبة والمراقبة، لكي لا تظل مصر تُحكم بالطريقة التي يديرها بها "الحافر على الناشف عبد الفتاح السيسي"، فيُكتب في كتب التاريخ لا قدر الله: "جمهورية مصر العربية، من كتر قنواتها بارت".
ـ لن أفتي في تفاصيل لا أفهمها، كل مشروع يفتح بيتا أو يجلب رزقا لمواطن وللبلاد، أمرٌ يبهجني، أيا كان من يقف وراءه. لكن، ما يقلقني وأنا أشاهد الاحتفاء المبالغ فيه بأعمال الحفر المتواصل في قناة السويس، أنني أفتقد في ظل حالة الهياج الجمعي التي تسود البلاد تقييما دقيقا لما يجري، وما إذا كان نقلة غير مسبوقة في التاريخ، أم أنه مشروع جيد، لكنه لا يستحق كل هذه الضجة، أم أنه مغامرة غير محسوبة، كعشرات المغامرات في العهود السابقة التي حولتها طبول النفاق إلى فتوحات غير مسبوقة، كما أن ما يشغلني أكثر، بعد أن تنتهي احتفاليات الحفر، هو كيف سنردم قنوات الكراهية والغضب والانتقام والإحباط التي حفرها العسكر والإخوان في ملايين البيوت المصرية؟
ـ كثيرا ما يردد عبد الفتاح السيسي في خطاباته وحواراته عبارة "إحنا ما بننامش"، بلهجة يملؤها الأسى الهادف إلى طلب المزيد من التأييد لسياسات القمع والبطش. ولو كان لدينا شيخ أزهر يهتم لتطبيق أحكام الشرع، لأفتاه بضرورة أن ينام أطول قدر ممكن، لأن الشرع يعتبر "نوم الظالم عبادة".
ـ يظل المثقف محبا لهجاء أمل دنقل لـ "الرجال الذين ملأتهم الشروخ"، إلى أن تملأه الشروخ، فيكف عن الاستشهاد بأمل دنقل، ليتحدث عن أنواع أرخص من الأمل.
ـ يحدث في مصر فقط، أن تجد صورة لفتاة بوصفها مخطوفة، ثم تقرأ بعد ساعات تعليقا يقول "الحمد لله طلعت مش مخطوفة، وإنما مصابة في حادثة عربية". ويرد الناس على ذلك التعليق بابتهاج حقيقي، لأنهم يعلمون أنه حين تغيب الدولة، يكون قضاء المرض بكل عواقبه المعلومة، أهون من قضاء الخطف بكل عواقبه المجهولة.
ـ حظر النشر، حظر التجول، حظر السفر، حظر التداول، وحدها البلاد المتخلفة التي يرتبط فعل الحظر فيها بالحقوق فقط.
ـ في أوائل التسعينيات، كنا نهتف في الجامعة احتجاجا على ما يجري في فلسطين والعراق: "اللي هيضرب في العراق، بكره هيضرب في الوراق"، ولم يكن يخطر في بالنا، أننا سنعيش اليوم الذي يغرق فيه فقراء الوراق وأطفالهم في قاع النيل، من دون أن يهتف أحد غضبا على حالهم، ومن دون أن نسمع حديث (بغلة العراق) الذي فقد المشايخ والكتاب والإعلاميون اهتمامهم بترديده، لكي لا يغضب سيسي مصر.
ـ قراءة ما يكتبه كثير من أبناء الأديان السماوية على شبكة الإنترنت، من شتائم وتكفير ولعنات متبادلة، تجعلهم يستحقون لقبا أدق هو (أبناء الأديان السِمّاوية).
ـ لا تتسنى لي فرص كثيرة لاستخدام تعبير "أستميح عذرا". ولذا، ما صدقت أن جاءت هذه الفرصة، لأستميح القارئ الكريم عذرا، للحصول على إجازة من الكتابة اليومية طوال شهر أغسطس/آب الكريه، الذي يكثر فيه العرق، وتقل فيه الرغبة في الكلام، على أمل أن أعاود اللقاء بكم، في هذه المساحة، بدءاً من يوم الثلاثاء 1 سبتمبر/أيلول المقبل، بإذن الله، وكل عام وأنتم بخير، ما استطعتم إلى ذلك سبيلا.