وأسعار النفط قرب أقل مستوياتها منذ عام 2002 وسط أزمة فيروس كورونا العالمية التي أدت إلى تباطؤ اقتصادي عالمي وخفضت الطلب على الخام. وأنهت التعاملات الآجلة على الخام الربع الأول، منخفضة نحو 70% بعد خسائر قياسية في مارس/ آذار. وقال خبراء في القطاع في مقابلات نشرها غولدمان ساكس إن أسعار النفط قد تواصل النزول بفعل تراجع الطلب في ظل أزمة فيروس كورونا، التي يفاقمها صراع على الحصص السوقية بين اثنين من كبار المنتجين بينما تنفد قدرات التخزين في العالم.
ونزل خام القياس العالمي برنت بواقع 1.02 دولار، ما يعادل 3.9% إلى 25.33 دولاراً للبرميل. وفقد خام غرب تكساس الوسيط 35 سنتاً، ما يوازي 1.7% إلى 20.13 دولاراً للبرميل بعدما تخلى عن مكاسب سابقة قال محللون إنها ناجمة عن تكوين مراكز في بداية الربع الجديد.
وأظهرت بيانات معهد البترول الأميركي أن مخزونات الخام الأميركية زادت 10.5 ملايين برميل الأسبوع الماضي، متخطية كثيراً التوقعات بارتفاع أربعة ملايين برميل. وأُصيب نحو 800 ألف شخص بالفيروس في أنحاء العالم، وتوفي أكثر من 38 ألفاً و800 شخص، وفقاً لإحصاء "رويترز".
وأجّج المعنويات المتشائمة في السوق الخلاف داخل منظمة البلدان المصدرة للبترول (أوبك) بعدما عجزت السعودية وبقية الدول الأعضاء في المنظمة أمس الثلاثاء عن الاتفاق على عقد اجتماع في أبريل/ نيسان لمناقشة هبوط الأسعار.
وأفاد مصدران مطلعان بأن إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب، تخطط لأن تؤجر مساحة لشركات الطاقة لتخزين النفط في الاحتياطي البترولي الاستراتيجي للبلاد بعد إلغاء جهود سابقة لشراء ملايين البراميل لمخزون الطوارئ بسبب عدم توافر التمويل.
قد تساعد الخطة الجديدة الولايات المتحدة في التعامل مع تخمة المعروض المتزايدة من النفط الخام التي تهدد بأن تغرق مستودعات التخزين التجارية وتدفع أسعار الطاقة العالمية إلى مزيد من التراجع، في ظل انخفاض الطلب على الوقود بسبب وباء فيروس كورونا. وقال المصدران إن الخطة ستُعلن قريباً، وربما اليوم الأربعاء.
وهذه الخطة تغيير لمخطط أولي يقضي بأن تشتري وزارة الطاقة الخام من شركات التنقيب المحلية عن النفط باستخدام أموال اتحادية. كان ترامب قد أمر وزارة الطاقة يوم 13 مارس/ آذار بملء الاحتياطي عن آخره لمساعدة منتجي النفط الذين يعانون من تراجع أسعار النفط العالمية.
لكن الكونغرس لم يوافق على تمويل الشراء، ما أجبر الوزارة على إلغاء الاقتراح الأسبوع الماضي. لكن من شأن الخطة المعدلة مساعدة التجار وغيرهم وهم يحاولون النجاة من التراجع الشديد في أسعار الوقود بتخزين الخام لبيعه لاحقاً فور انتهاء الأزمة.
وقال غولدمان ساكس في مذكرة بتاريخ 31 مارس/ آذار إن التراجع في الأسعار النفطية قد يفسح المجال "لصناعة عالمية أكثر متانة"، مع حدوث انتعاش في ظل خفض الإنتاج.
وشرح الخبير النفطي والكاتب الحائز على جائزة بوليتزر دانيال يرجين لغولدمان ساكس إن الطلب قد يتراجع 20 مليون برميل يوميا في أبريل /نيسان، أو حتى أكثر من ذلك، مشيرا إلى "أكبر تراجع في الطلب في العصر الحديث"، بينما تخوض السعودية وروسيا حرب أسعار.
وقال جاري روس مؤسس مجموعة بايرا للطاقة إن المدة التي يحتاجها التخلص من الفائض الحالي ومدة بقاء الأسعار منخفضة تعتمدان أكثر على تطورات وباء فيروس كورونا. وأضاف روس "إذا تكللت جهود السيطرة على الوباء بالنجاح خلال الأشهر الثلاثة أو الأربعة المقبلة، وبدأنا نشهد انتعاشة في الصيف، فإننا قد نرى ارتفاعا كبيرا في نمو الطلب في 2021".
لكن جيف كوري رئيس أبحاث السلع الأولية العالمية لدى غولدمان أعاد ذكر وجهة نظر البنك وهي أن برنت سيبقى على الأرجح قرب عشرين دولارا للبرميل لأنه من السهل على منتجي الخام التخزين في المياه أكثر من منتجي خام غرب تكساس الوسيط الأميركي القياسي الذي سيواجه ضغطا شديدا على السعر.
من جهة أخرى، ذكرت وكالة إنترفاكس الروسية للأنباء نقلا عن مصدر اليوم الأربعاء أن إنتاج روسيا النفطي استقر عند 11.29 مليون برميل يوميا في مارس دون تغيير عن مستواه في فبراير/ شباط.
فيما قالت شركة بي.بي النفطية اليوم الأربعاء إنها خفضت خطة الإنفاق الرأسمالي 25% وستقلص الإنتاج من أنشطتها للنفط والغاز الصخري في الولايات المتحدة في مواجهة انهيار أسعار النفط في الآونة الأخيرة بسبب فيروس كورونا.
وأضافت الشركة التي مقرها لندن أنها تخطط حاليا لإنفاق 12 مليار دولار هذا العام انخفاضا من 15 مليارا. وسيشمل ذلك خفضا بقيمة مليار دولار في الاستثمار بأنشطتها بقطاع النفط والغاز الصخري المعروفة باسم بي.بي.إكس حيث يمكن التحول بين وقف واستئناف الإنتاج بوتيرة سريعة نسبيا.
وسينخفض إنتاج بي.بي.إكس بنحو 70 ألف برميل من المكافئ النفطي يوميا في 2020. كما من المتوقع أن يتراجع إنتاج بي.بي ككل من النفط والغاز.
وتُفاقم حرب أسعار بين السعودية وروسيا اندلعت في وقت سابق من الشهر من الأزمة عبر إغراق السوق بالخام. وقال وزير النفط العراقي ثامر الغضبان، الأربعاء، إن إنتاج النفط في بلاده لم يتأثر بفيروس كورونا، مؤكداً أنها تصدّر بشكل سلس إلى الأسواق العالمية. ويصدّر العراق ما معدله 3.6 ملايين برميل نفط يومياً إلى الأسواق العالمية.
وأضاف الغضبان في تصريح للصحيفة الرسمية (الصباح)، أن "ﻋﻤﻠﻴﺎت اﺳﺘﺨﺮاج اﻟﺨﺎم ﻣﻦ اﻟﺤﻘﻮل اﻹﻧﺘﺎﺟية ﻓﻲ ﻋﻤﻮم ﻣﻨﺎﻃﻖ اﻟﺒﻼد ﻣﺴﺘﻤﺮة وﻟﻢ ﺗﺘﻮﻗﻒ ﺑﺮﻏﻢ ﺗﻔﺸﻲ ﻓﻴﺮوس ﻛﻮروﻧﺎ".
وأوضح أن "ﻋﻤﻠﻴﺎت ﺗﺼﺪﻳﺮ اﻟﻨﻔط اﻟﻌﺮاقي مستمرة بشكل ﺳﻠﺲ ﻋﺒﺮ المرافئ اﻟﺠﻨﻮﺑية إﻟﻰ اﻷﺳﻮاق العالمية، وﻓﻖ اﻷﺳﻌﺎر اﻟﺴﺎﺋﺪة". وزاد: "نمتلك خزيناً كبيراً ﻣﻦ ﻣﺨﺘﻠﻒ المشتقات النفطية".
وصادرات العراق النفطية تشكل نسبة 98% من تدفقات العملة الأجنبية إلى البلاد، إذ يشكل النفط 45% من الناتج المحلي الإجمالي و93% من إيرادات الموازنة العامة.
(رويترز، الأناضول)