ظروف الحياة الصعبة وحركات النزوح المتتالية دفعت بالسكان لأقصى حدود التأقلم، فالنازح محمد أبو خالد (34 عاما) المقيم في المدينة يستخدم برميلا من البلاستيك الأزرق ليفرغ فيه المياه التي يشتريها من الصهاريج، فضلا عن خزان في البيت الذي يقيم فيه.
يقول أبو خالد لـ"العربي الجديد": "الأمر صعب فيتوجب عليّ أن أكون موجوداً في البيت دائما عند شراء المياه، لا يمكن لزوجتي تدبر الأمر، عليّ مدّ خرطوم المياه لملء الخزّان ومن ثم برميل للاستخدام اليومي وضعت له صنبورا في ساحة المنزل الصغيرة، ليس أمامنا سوى تحمل الواقع الذي نعيشه وقد تكون مشكلة المياه سهلة أمام هموم الحياة التي تلاحقنا، من البحث عن عمل ورعاية الأطفال".
أما أسباب أزمة المياه فتعود لعمق الآبار الجوفية التي تصل إلى 600 متر، كما يوضح يحيى حشيشو مدير المجلس المحلي في المدينة بحديثه لـ"العربي الجديد"، وهذا يؤدي بدوره إلى زيادة تكلفة استخراج المياه، التي قد تصل حاليا إلى نحو 6 آلاف ليرة سورية (3.26 دولارات)، وهو عبء كبير على سكان المدينة.
وأكد حشيشو أن المجلس المحلي وجّه نداءات ومنشادات للمنظمات الإنسانية للمساعدة وتخفيف هذه الأزمة، وقد استجابت منظمة "القلب الكبير" لدعم قسم من النازحين لا يتجاوز 900 عائلة، وهذا طبعا لا جدوى منه كون عدد العائلات تجاوز 11 ألف عائلة.
ولا تقتصر مشاكل السكان في المدينة وأزماتهم على المياه فقط كما يشير حشيشو؛ فهناك مشاكل خدمية بالنسبة للطرقات، فهي سيئة للغاية وتسببت بكثير من الحوادث بسبب الحفر الكثيرة فيها، كما أن هناك مشكلة الصرف الصحي، فشبكته في المدينة بحاجة لإعادة تأهيل، وهيكلة جديدة.
وعن الحلّ الأمثل لمشكلة المياه في المدينة، يوضح حشيشو أنه يكون بتأهيل شبكة المياه الأساسية، والتي بدورها توفر المياه لكافة قاطنيها، أما الحلول الأخرى المعمول بها فهي مؤقتة لا تجدي نفعا.
في المقابل، أشار الإعلامي من مدينة دارة عزة ثائر عبيد لـ"العربي الجديد"، إلى أن النازحين وأهالي المدينة يشترون الماء على حد سواء، حيث يقيم النازحون ضمن بيوت سكنية وليس في مخيمات، مضيفا أن آبار المياه موجودة لكن لا قدرة على تشغيلها بسبب التكاليف.
وتقع دارة عزة إلى الغرب من مدينة حلب على بعد 30 كيلومترا، عند جبل بركات، وشهدت المدينة أكبر موجات النزوح بعد اقتراب قوات النظام منها بنحو 10 كيلومترات، وذلك منتصف فبراير/ شباط الماضي، وبدأت عودة الأهالي والنازحين إليها مع نهاية شهر مارس/ آذار على أمل تواصل الهدوء ليتمكنوا من الاستقرار فيها.