باشرت سلطات الاحتلال الإسرائيلية، اليوم الثلاثاء، معاينة مقبرة القسام في قرية بلد الشيخ المهجّرة، ونبش قبورها بقرار قاضي محكمة "الكريوت"، بجانب مدينة حيفا.
وسبق لمحكمة الصلح في "الكريوت" أن أجلت بتاريخ 30 نوفمبر/تشرين الثاني 2017 البت بمسألة أرض القسام إلى موعد لاحق، وتعيين خبير آثار وآخر شرعي، للكشف إذا كان هناك قبور في الجزء المُختلف عليه الذي اشترته الشركة الإسرائيلية "كيرور أحزكوت".
وتؤكد مؤسسة "ميزان" لحقوق الإنسان المُترافعة عن متولّي وقف حيفا في الملف، أنه المسح الشامل أكد أنّ القبور موجودة على كامل مساحات المقبرة، الأمر الذي يبطل صفقة البيع المزعومة ويلغي ادعاء الشركة.
وتدعي الشركة الإسرائيلية "كيرور احزكوت" أنها اشترت جزءاً من المقبرة(15 دونماً) من دائرة أراضي إسرائيل، أو سلطة تطويرها، وفق اتفاقية أولية في خمسينيات القرن الماضي، وتلتها اتفاقات في سنوات لاحقة، وأنّ الجزء الذي اشترته خالٍ من القبور ما يُشرعن الصفقة. وتهدف الشركة إلى بناء مشاريع استثمار على جزء من أراضي المقبرة.
ويبلغ حجم مقبرة القسام 47 دونماً، وتقع في قرية بلد الشيخ التي هجِّرت في عام النكبة، جنوب شرق مدينة حيفا وتبعد عنها 7 كلم. وأصبحت اليوم تحمل اسم نيشر وهي بلدة يهودية، وتحمل المقبرة اسم القسام نسبة لضريح المقاوم الشهيد عز الدين القسام.
وفي حديث مع الشيخ فؤاد أبو قمير، من متولي الوقف في حيفا: "في بداية التسعينيات نمنا في المقبرة لحراستها. كنت أحرس حين جاءت وحدة "اليسام" الخاصة من قوات الشرطة الإسرائيلية وسيجت نصف مساحة المقبرة. نحن نعرف منذ تلك الفترة أن المقبرة مستهدفة. في السابق أقدموا على إخلاء العظام من القبور وهذا الإجرام بحق المقبرة غير مستبعد. قلتها في السابق أن الدولة صادرت المقبرة عام 1954، وأقامت شارعاً على القسائم 47 و48 و49 على حساب المقبرة.
وأضاف أبو قمير "عندما أبرمت الدولة اتفاقية بيع المقبرة بعد مصادرتها شركة "كيرور عسكوت"، لماذا لم ترجع باقي الدونمات من باقي مساحة المقبرة. هذا دليل على أن حرص دائرة أراضي إسرائيل، أن تبقى في المقبرة معها، حتى تقيم مشاريع عليها".
وأوضح "أوقفنا مشاريع في بداية التسعينيات، ومنها مخطط ربط شوارع بين بلدة الياجور وبلد الشيخ والتي تسمى نيشر اليوم".
واختتم أن "المقبرة ما زالت مستهدفة، حتى اليوم، ضمن تخطيط الشوارع، هم يريدون أن يأخذوا المقبرة، وحطموا شواهدها تهيئة لتحطيمها بالكامل لتنفيذ مشاريع استثمارية على أرضها".
وقال فؤاد يونس(أبو طلال) من حيفا: "نحن من حيفا بالأساس، وكان لأبي بيت في بلد الشيخ، ما زال قائماً حتى اليوم. لا يريدون إرجاع البيت لنا. أخبرني أبي وأنا ولد أن لنا أقارب في المقبرة، ودلّني على قبور عائلتي طشطش والبعيسة، كان أبي يعرف القبور. مع الأسف هذه المقبرة نبشت مرات عدة، حين بنوا سكة الحديد والشارع. الشواهد التي أبقوها وهمية، لأنهم بعد نبش القبور جمعوا الجماجم ووضعوها في قبر واحد". وقال: "حرام ما يحدث اليوم لا مسلم يقبله ولا يهودي، هذه الأرض الخالية كانت كلها قبوراً لكنهم نبشوها".
يؤكد متولو وقف حيفا أنّ أراضي الوقف لا تُشترى ولا تُباع وأنّ الصفقة المذكورة باطلة ومشبوهة، موضحيّن أنّ مهمة تحرير وقف حيفا من محاولات الاستيلاء عليه وهي مستمرة.
على صعيد متصل، قدمت مؤسسة ميزان دعوى قضائيّة في المحكمة المركزية في حيفا ضد دائرة أراضي إسرائيل تطالب فيها بإعلان بطلان أو إلغاء اتفاقيات بيع المقبرة، والتي بموجبها عقدت صفقة بيع أرض المقبرة للشركة التجارية، على أساس أن القسم المباع خالٍ من القبور، وبالاستناد لفتوى صادرة من المحكمة الشرعية في عكا آنذاك.