أظهر شريط مصور لاحتفال بزفاف أحد عناصر اليمين الإسرائيلي المتطرف، من المجموعات التي يطلق عليها اسم "فتية التلال"، العشرات من المشاركين في حفل الزواج وهم يرددون أغاني انتقام يهودية، وسط تلويح بالسلاح والزجاجات الحارقة وصور أبناء عائلة دوابشة، الذين قام مستوطنون بإحراقهم على قيد الحياة، قبل نحو ستة أشهر.
وبيّن الشريط الذي بثته القناة الإسرائيلية العاشرة، أمس الأربعاء، عدداً من المشاركين وهم يرفعون صور عائلة دوابشة ويقومون بطعن الصورة، وخاصة صورة الطفل علي دوابشة.
وتبين من التفاصيل التي أوردتها الإذاعة الإسرائيلية، أن مثل هذه "الحفلات" التي تخللتها أغاني الانتقام اليهودية والتي تنظم في المستوطنات الإسرائيلية، وفي أوساط اليمين الإسرائيلي ليست بجديدة، إلا أنها المرة الأولى، بحسب الإعلام الإسرائيلي، التي يتم فيها التلويح بأسلحة وبنادق رسمية للجيش الإسرائيلي، كما أنها المرة الأولى التي يتم فيها "اجتياز الخطوط الحمراء" بحسب ادعاء أحد المستوطنين في حديث له مع صحيفة "يديعوت أحرونوت".
ووفقاً لردود الفعل والتفاصيل التي ذكرتها الصحف الإسرائيلية، فقد استخدم وزير الأمن الإسرائيلي، موشيه يعالون، هذه الأشرطة خلال لقائه، الاثنين الماضي، بقادة المستوطنين لإقناعهم بوقف الحملة التي شنها اليمين الإسرائيلي، وفي مقدمته أعضاء كنيست من "البيت اليهودي" ضد جهاز الشاباك الإسرائيلي، ووقف الاتهامات له بأنه مارس التعذيب ضد ثلاثة مستوطنين معتقلين يشتبه بأنهم وراء تنفيذ حرق آل الدوابشة.
اقرأ أيضاً: الاحتلال يماطل في متابعة المتهمين بجريمة حرق أسرة الدوابشة
وكان اليمين الإسرائيلي قد شن في الأسابيع الأخيرة، حملة عنيفة للغاية ضد الشاباك، قادها أيضاً المحامي من حركة كهانا حي، إيتمار بن غفير، للادعاء بأن الشاباك انتزع الاعترافات من المعتقلين المذكورين بالقوة وتحت التعذيب، وأنه سيبرز ذلك خلال المحاكمة نفسها.
واللافت في هذا السياق، أن الاعتراف بوجود الأشرطة المذكورة بأيدي الشرطة والشاباك الإسرائيلي، لم يرافقه لغاية الآن اعتقالات في صفوف عشرات المحتفلين خلال حفلة الزواج المذكورة، بتهم التطرف القومي.
ويبدو أن الشاباك استغل هذه الأشرطة، لتقديم طوق نجاة لقادة المستوطنين من خلال انتقالهم للدفاع عنه، والبدء باستنكار نشاط الجماعات الأكثر تطرفا، عبر الادعاء بأن هذه المجموعات لا تمثل جمهور المستوطنين في الأراضي المحتلة، والعودة لترديد لازمة أنهم "أعشاب ضارة" ووقف الدعم المعنوي والسياسي، الذي حظي به هؤلاء على مر السنين.
اقرأ أيضاً: الاحتلال يعترف باعتقال الخلية المسؤولة عن إحراق عائلة دوابشة
وفي هذا السياق، سارع زعيم البيت اليهودي، نفتالي بينت، أمس، إلى إعلان تأييده المطلق لجهاز الشاباك، والاعتراف بأن ما يتعرض له المعتقلون من الثلاثة أقل بكثير مما يتعرض له المعتقلون الفلسطينيون في أقبية الشاباك الإسرائيلي. وتبعه بعد ذلك، أكثر الوزراء تطرفاً في الحكومة، وهو أيضاً من "البيت اليهودي"، أوري أريئيل، ليستنكر ما أظهره الشريط المصور المذكور.
ويبدو أن تسريب هذا الشريط جاء ليكرس نقطة تحول من جديد بين علاقة الشاباك الإسرائيلي وبين قادة المستوطنين، لجهة عدم ضرب شرعية الشاباك الإسرائيلي، خاصة على إثر التظاهرات التي نظمها مستوطنون في الأيام الأخيرة في القدس تحت شعار "اليهودي لا يعذب أخاه اليهودي".
وفي المقابل، يسمح ذلك لقادة المستوطنين، بالتنصل من مسؤوليتهم عن هذه المجموعات، ومحاولة تمييز جمهور المستوطنين العام عنهم، على الرغم من أن مجموعات "فتية التلال" حظيت لغاية الآن، وعلى مدار العقد الأخير، بدعم سياسي ومعنوي ومادي وقانوني من مجلس المستوطنات في الأراضي المحتلة.
اقرأ أيضاً: مطالبة الحكومة الإسرائيلية بتقديم قتلة عائلة دوابشة للمحاكمة