سليمان شاه

02 أكتوبر 2014
جندي تركي على الحدود مع عين العرب (getty)
+ الخط -
يفسّر التعاطي التركي اليوم مع ضريح سليمان شاه، داخل الأراضي السورية، جزءاً كبيراً من المنطق الذي يسيّر تعامل حكام أنقرة مع كل ما يحدث عند الجار الجنوبي. للضريح رمزية كبيرة بالنسبة إلى العقل القومي التركي، إذ إن صاحبه ليس سوى جد عثمان، مؤسس الامبراطورية العثمانية. رمزية دفعت بالمفاوِض عن السلطنة، في ترتيبات توزيع الارث العثماني عام 1921، إلى اشتراط وضع منطقة القبر تحت السيادة التركية. وبالفعل، منذ ذلك التاريخ، تحرس القبر في قرية قراقوزاق بريف حلب الشرقي، فرقة من الجيش التركي على اعتبارها أراضي تركية... داخل سورية.

اليوم، القبر بات قبلة لمقاتلي "داعش" الناقمين على كل ما يوحي بما لا يدخل في تصنيف "الدولة" لما هو "إسلامي أصيل". وبقدر ما تحاول تركيا المراوغة قبل الانتساب بشكل كامل إلى قوات التحالف الدولي ضد التنظيم المذكور، بقدر ما أنها تبدو متحمسة للتدخل في سورية لحماية القبر، كون مصيره بيد مقاتلي "داعش" لن يختلف على الأرجح عما انتهت إليه أحجار تماثيل هارون الرشيد وأبي تمام وأبي العلاء المعري، وحيثما عاثت أيادي المقاتلين "الأمميين" في العراق وسورية...

لطالما تعهد حكام تركيا الجدُد بأنهم لن يشاركوا في حروب خارجية إلا لحماية الأمن القومي التركي. اليوم، يبدو هذا الأمن القومي مهدداً بشكل جدي، لكن خارج تركيا، تحديداً في سورية والعراق. في الشام، ليس قبر سليمان شاه وحيداً لناحية أنه إرث تركي خارجي مهدَّد، فهناك تركمان اللاذقية، المرشحين للتهديد إما على يد النظام السوري، أو على يد "داعش" في حال وصل تمدّده إلى جبل التركمان في ريف المحافظة. أغلب الظن أن تتعاطى تركيا مع أي تهديد يمس هؤلاء كأنه تهديد لأنقرة أو اسطنبول. كذلك الحال في ما يتعلق بتركمان العراق الذين تكفّل الأعداء السابقون لتركيا، أي البيشمركة، بحمايتهم في امرلي حتى الآن. سيظهر رجب طيب أردوغان وزملاؤه، اليوم الخميس، بحلّة وأدبيات قومية كاملة العتاد أمام نواب البرلمان، لنيل موافقة بغالبية كبيرة للتدخل العسكري في سورية تحت شعار أن الأمة مهددة، من "داعش" وخصوصاً من النظام السوري.