سمك موريتانيا المحتكر

03 نوفمبر 2014
موريتانيا تحصل على حصة ضئيلة من المبيعات (أرشيف/فرانس برس)
+ الخط -
تمتلك موريتانيا واحداً من أغنى شواطئ العالم بالسمك، حيث يتمتع هذا البلد بواجهة بحرية بطول 754 كلم على ‏المحيط الأطلسي. وتبلغ مساحة المنطقة الاقتصادية البحرية الخالصة لموريتانيا 234000 كلم مربع. ‏وتقدّر الثروة البحرية القابلة للاستغلال سنوياً بنحو 1.5 مليون طن تضم 600 نوع تجاري من السمك. وهذا الواقع، أدى الى تدفق الشركات الأجنبية إلى شواطئ موريتانيا لاستثمار ثروة البلاد البحرية. ولكن، هل هذه الاستثمارات لصالح موريتانيا فعلاً؟ أم أن الشركات الأجنبية هي الرابح الأكبر؟ 
الإتحاد الأوربي أكبر الشركاء 
إذ يعتبر الاتحاد الأوروبي أهم شركاء موريتانيا في مجال الصيد، وترتبط موريتانيا مع الاتحاد باتفاقية للصيد منذ ‏العام 1987، حصلت من خلالها على نحو 139 مليون ‏دولار سنوياً، منذ توقيع الاتفاقية وحتى شهر يوليو/ تموز الماضي. واتفق الطرفان على تمديد الاتفاقية حتى ديسمبر/ كانون الأول المقبل، ‏وذلك بعد خلاف بين الطرفين على توقيت بدء الاتفاقية الرسمي، وهل هو من تاريخ التوقيع أم من تاريخ ‏مصادقة البرلمان الأوروبي عليها. ‏
‏وقد حصلت موريتانيا من خلال هذه الاتفاقية، على مزايا عديدة. وقد ذكرت التقارير الرسمية أبرز هذه المزايا، ومنها أن تكون نسبة العمالة ‏الموريتانية من الطواقم على السفن الأوروبية 60%، وخفض كميات السمك المسموح بصيدها في ‏المياه الإقليمية الموريتانية من 440 ألف طن إلى 300 ألف طن سنوياً، ‏واستثناء سمك الأخطبوط من الاتفاق، ليكون حكراً على الصيادين الموريتانيين.
ولم يقتصر الاستثمار الخارجي وتأجير الشواطئ البحرية الموريتانية على الأوروبيين، حيث وقّعت ‏الصين اتفاقية للصيد على الشواطئ الموريتانية في 7 يونيو/ حزيران 2010. وهي الاتفاقية التي أثارت جدلاً ‏كبيراً بسبب شكوك حول جدواها الاقتصادية وحجم الامتيازات التي حصل عليها الطرف الصيني،‏ خصوصاً من حيث إعطاء الأخيرة حق الصيد الكامل للسمك السطحي والسمك في الأعماق.
وعن النتائج السلبية لهذه الاتفاقيات على الثروة السمكية للبلاد، يقول الخبير الاقتصادي الدكتور خالد ‏ولد محمد، لـ"العربي الجديد": "إن سياسة منح رخص الصيد على الشواطئ الموريتانية للأجانب أدت إلى استنزاف الموارد ‏السمكية الموريتانية عن طريق السفن الأجنبية العملاقة والتي لا تلتزم بالاتفاقيات عادة".
ويلفت ولد محمد إلى "ضعف ‏الرقابة البحرية الموريتانية، وانتشار الرشوة وسوء الإدارة، ما يجعل المزايا الاقتصادية التي تحصل عليها ‏موريتانيا ضئيلة بالمقارنة مع المزايا التي تحصل عليها السفن الأجنبية، خصوصاً مع ما تتميّز به الشواطئ ‏الموريتانية من أنواع نادرة من السمك وبيئة شاطئية نظيفة وخالية من التلوث".‏
ويعاني قطاع الصيد في موريتانيا من تهالك الأسطول البحري ومن الاستغلال المفرط من طرف ‏الأساطيل الأجنبية، فضلاً عن التوجيه الخارجي المفرط للقطاع، حيث إن 95‏‎%‎‏ من الأسماك ‏المُصادة في المياه الموريتانية تباع في الخارج.
‏كما شهد سوق سمك الأخطبوط في الآونة الأخيرة أزمة حادة كادت تؤدي إلى إتلاف 8 آلاف طن من السمك، بسبب ضعف التخزين والفشل فى التسويق قبل أن تتوصل الشركة الموريتانية لتسويق المنتجات ‏السمكية عبر مورّدين يابانيين. ‎
‏ويقول رئيس وحدة الدراسات الاقتصادية في المركز الموريتاني للدراسات والبحوث الاستراتيجية، الدكتور ‏صبحي ولد ودادي، في تصريح لـ"العربي الجديد": "يجب أن تكون صيانة وحماية الثروات البحرية التي ‏تمتاز بالكثافة وبندرة بعض عيّناتها في أولوية السياسات الوطنية، وذلك بما يمكّن من ‏استغلالها بما يعود بالنفع على الاقتصاد الوطني"‏.
وعن السياسات الحكومية المتعلقة بتشجيع وجلب الاستثمارات لقطاع الصيد، يضيف ولد ودادي: "يمكن ‏الحديث هنا عن اختيار منطقة نواذيبو كمنطقة للتجارة الحرة، حيث تخضع الاستثمارات فيها لتفضيلات قانونية ‏وخفض ضريبي وجمركي". ويتابع: "لكن السياسات الناجعة في مجال جذب الاستثمارات لا تقتصر على الإعفاءات الضريبية فقط، فكما ‏يقال فإن الإعفاءات الضريبية تجلب أسوأ المستثمرين، فمناخ الاستثمار الجيد يتشكل من قضاء ‏مستقل وسيادة قانون وتوفر بنى تحتية جيدة ومتطورة، وهو ما تفتقده موريتانيا بشكل كبير". ‏
دلالات