والواقع أن سنوات ذكرى الفضّ أدت إلى إقصاء وفرز جدي وحقيقي داخل "الإخوان" أنفسهم بين حرس قديم وجديد، بين شباب الإخوان وبين الجيل الأكبر، وبين من تبقى من إخوان مُقيمين داخل مصر وبين من غادرها هرباً. وهو انقسام حتمي الوقوع بعد عقود من "السمع والطاعة" على حساب طموحات الشباب ورؤيتهم لواقع الأمور في مصر، ولصالح رؤية ضيقة وضعها عدد قليل من مسؤولي الإخوان الذين جاوزت سنوات سجنهم سنوات الحرية التي عاشوها. وإن كان هذا الانقسام حتمياً، فإنه يزيد من عُزلة الإخوان السياسية وحتى الاجتماعية. وهي عُزلة شخصية بحجم حرمان شبان الإخوان اللاجئين في مُختلف الدول من حضور المناسبات العائلية الحزينة والسعيدة في مصر، وعامة بحجم سحق المشروع الإسلامي الذي حمله الإخوان لعقود. وبقدر فشل الإخوان في تحقيق وعود المشاركة السياسية خلال حكمهم القصير، لا يزال النظام المصري يُطلق الوعود الفارغة بالإنماء والاستقرار. 4 سنوات مرت على أول تفويض لمكافحة الإرهاب طلبه السيسي، ولكن التفجيرات اقتربت من مراكز المدن خلال هذه السنوات رغم تجديد التفويض. وتراجعت طموحات الشعب المصري في تحقيق استقرار معيشي إلى حدودها الدنيا. حتّى داعمو السيسي في المملكة العربية السعودية وفي الإمارات العربية المُتحدة قننوا من رش "الرز" على الحاكم العربي المُفضل في نظرهم. كيف لا يكون كذلك، وهو المعادي للإسلام السياسي والقادر على ضبط شعب كامل بتسبيلة من عينه وببطش من أجهزته الأمنية، التي انعكس أداؤها تراجعاً في حالة الحريات العامة في العالم العربي ككل.
سيكتب التاريخ بلغة المُنتصر أن القائد العام للقوات المُسلحة، وزير الدفاع، استجاب لمطالب الشعب وعزل الرئيس الفاشل، محمد مرسي. وسيكتب التاريخ أيضاً أن دول "الاعتدال" العربي دعمت الرئيس الجديد فتحقق الاستقرار في مصر بدعم من أشقائها العرب، فإذا كان هذا هو الاعتدال وهذا هو الاستقرار، فكيف يكون التطرف والفوضى؟