10 نوفمبر 2024
سورية.. المعركة التالية
تنجز روسيا مهامها التي حدّدتها لنفسها في سورية بسرعة أكبر في الآونة الأخيرة. استغرقت الفترة بين معركتي استرجاع حلب واسترجاع الغوطة خمسة عشر شهراً بين ديسمبر/ كانون الأول 2016 ومارس/ آذار 2018، عُقدت خلالها لقاءات دولية في جنيف وأستانة وسوتشي، ولقاءان بين الرئيسين، الروسي فلاديمير بوتين والأميركي دونالد ترامب، ولقاءات قمة بين تركيا وإيران وروسيا.. ولكن، بعد معركة الغوطة، تسارعت الأمور، وانطلق جيش النظام من تخوم الغوطة إلى ريف حمص والقلمون، ثم ركّز ضرباته على الجنوب، وبعد مناوشاتٍ دبلوماسية وعسكرية، أصبحت سيطرة النظام شبه كاملة على الجنوب، بما فيها حدوده مع الأردن والجولان المحتل. ولكن قبل أن تكتمل عودة النظام إلى درعا والقنيطرة، قفز إلى السطح اتفاق متجدّد، هو خروج سكان قريتي الفوعة وكفريا في مقابل صفقة تم تنفيذها على وجه السرعة، فخرج خلال يوم أكثر من ثمانية آلاف شخص من القريتين إلى حلب، وأصبحت كامل إدلب هدفاً متاحاً لا تخشى براميل النظام المتساقطة عليها أن تصيب أحد الموالين.
إدلب، وهي الرقعة الأخيرة الباقية تحت سيطرة المعارضة المسلحة، يوحي اتفاق خروج سكانها الشيعة، بأنها الهدف التالي، خصوصا وقد تعهد بشار الأسد، في مقابلات تلفزيونية قبل فترة، بأنه ينوي استرجاع كل سورية، وتبدو معاركه ناجحة بدعم فعال من الطيران الروسي، ومشاركة أكثر فعالية من مليشيا إيران الموجودة بكثافة على الأرض، لكن إدلب تبدو منطقة خاصة لا ينطبق عليها ما ينطبق على البقية، فهي كانت الوجهة الوحيدة لكل من رفض مصالحة النظام، وأصرّ على معارضته، فترك منطقته قسراً وتوجه إلى إدلب. وأوضاع إدلب الداخلية شبه هادئة، فللمنطقة حدود واسعة مع تركيا، تتضمن عدة معابر مفتوحة معظم الوقت، ولديها حدود مع منطقة الوجود التركي المحاذي لبلدة جندريس ومناطق جنوب عفرين.. تشكل هذه الوضعية الجغرافية عمقاً مفيداً، يستطيع مَنْ في هذه المنطقة استغلاله عسكرياً بما يمنع سقوط إدلب بشكل سريع.
لا يتعلق الأمر بوضعية عسكرية أو جغرافية في المقام الأول، فالأمر مرهونٌ بتوافقات إقليمية حاسمة، كانت السبب الأول في دخول النظام إلى حلب والغوطة والجنوب وبقية المناطق. وعلى الرغم من التقارب الروسي الأميركي الذي حصل بعد لقاء الرئيسين، بوتين وترامب، في هلسنكي، هناك عوامل قوية أخرى في المنطقة، لا يملك الرئيسان حيالها شيئاً، ولا يبدو أن هناك اتفاقاً قد حصل بشأن مناطق إدلب، أو أنه موجود ولم ينضج بعد، خصوصا وأن هذه المنطقة تستوعب أكثر من مليوني نسمة، معظمهم من المدنيين، وقد يحولهم هجوم عسكري من النظام في لحظة واحدة إلى لاجئين، نظراً إلى ما يحمله النظام وجيشه من حقد وكراهية للمنطقة. وقد كانت تركيا، منذ بداية الحرب السورية، تسعى إلى إقامة منطقة عازلة لحماية المدنيين، وفشلت عدة محاولات في مجلس الأمن لإقامتها. اليوم أصبحت هذه المنطقة واقعاً في مثلث جرابلس إعزاز عفرين الذي تسيطر عليه تركيا وفصائل سورية موالية لها، بالإضافة إلى مناطق إدلب المتاخمة.
يمكن أن تنتظر هذه المنطقة مرحلة التسوية الشاملة، وهي مرحلةٌ لا تبدو قريبة، على الرغم من انحسار عدد اللاعبين على الساحة السورية، واقتصارهم على روسيا وإيران وتركيا وأميركا مع وحدات حماية الشعب الكردية. وربما علينا انتظار القمة المقبلة بين الرؤساء الثلاثة، أردوغان وبوتين وحسن روحاني، لمعرفة الخطوة التالية. وحتى ذلك الوقت، سيحاول النظام تعزيز مواقعه في المناطق الجديدة التي دخلها، وقد يجد الروس والإيرانيون وقتاً كافياً لإظهار تعارض مصالحهم في سورية. وهذا التعارض هو نقطة الصراع التالية، على الرغم من أن كل البوادر الحالية تشير إلى هدوء، لكنه بالطبع هدوء مصنوع، قد ينفجر في أي لحظة، أو قد يتحلل بالتدريج وصولاً إلى نقطة مواجهة حقيقية.
إدلب، وهي الرقعة الأخيرة الباقية تحت سيطرة المعارضة المسلحة، يوحي اتفاق خروج سكانها الشيعة، بأنها الهدف التالي، خصوصا وقد تعهد بشار الأسد، في مقابلات تلفزيونية قبل فترة، بأنه ينوي استرجاع كل سورية، وتبدو معاركه ناجحة بدعم فعال من الطيران الروسي، ومشاركة أكثر فعالية من مليشيا إيران الموجودة بكثافة على الأرض، لكن إدلب تبدو منطقة خاصة لا ينطبق عليها ما ينطبق على البقية، فهي كانت الوجهة الوحيدة لكل من رفض مصالحة النظام، وأصرّ على معارضته، فترك منطقته قسراً وتوجه إلى إدلب. وأوضاع إدلب الداخلية شبه هادئة، فللمنطقة حدود واسعة مع تركيا، تتضمن عدة معابر مفتوحة معظم الوقت، ولديها حدود مع منطقة الوجود التركي المحاذي لبلدة جندريس ومناطق جنوب عفرين.. تشكل هذه الوضعية الجغرافية عمقاً مفيداً، يستطيع مَنْ في هذه المنطقة استغلاله عسكرياً بما يمنع سقوط إدلب بشكل سريع.
لا يتعلق الأمر بوضعية عسكرية أو جغرافية في المقام الأول، فالأمر مرهونٌ بتوافقات إقليمية حاسمة، كانت السبب الأول في دخول النظام إلى حلب والغوطة والجنوب وبقية المناطق. وعلى الرغم من التقارب الروسي الأميركي الذي حصل بعد لقاء الرئيسين، بوتين وترامب، في هلسنكي، هناك عوامل قوية أخرى في المنطقة، لا يملك الرئيسان حيالها شيئاً، ولا يبدو أن هناك اتفاقاً قد حصل بشأن مناطق إدلب، أو أنه موجود ولم ينضج بعد، خصوصا وأن هذه المنطقة تستوعب أكثر من مليوني نسمة، معظمهم من المدنيين، وقد يحولهم هجوم عسكري من النظام في لحظة واحدة إلى لاجئين، نظراً إلى ما يحمله النظام وجيشه من حقد وكراهية للمنطقة. وقد كانت تركيا، منذ بداية الحرب السورية، تسعى إلى إقامة منطقة عازلة لحماية المدنيين، وفشلت عدة محاولات في مجلس الأمن لإقامتها. اليوم أصبحت هذه المنطقة واقعاً في مثلث جرابلس إعزاز عفرين الذي تسيطر عليه تركيا وفصائل سورية موالية لها، بالإضافة إلى مناطق إدلب المتاخمة.
يمكن أن تنتظر هذه المنطقة مرحلة التسوية الشاملة، وهي مرحلةٌ لا تبدو قريبة، على الرغم من انحسار عدد اللاعبين على الساحة السورية، واقتصارهم على روسيا وإيران وتركيا وأميركا مع وحدات حماية الشعب الكردية. وربما علينا انتظار القمة المقبلة بين الرؤساء الثلاثة، أردوغان وبوتين وحسن روحاني، لمعرفة الخطوة التالية. وحتى ذلك الوقت، سيحاول النظام تعزيز مواقعه في المناطق الجديدة التي دخلها، وقد يجد الروس والإيرانيون وقتاً كافياً لإظهار تعارض مصالحهم في سورية. وهذا التعارض هو نقطة الصراع التالية، على الرغم من أن كل البوادر الحالية تشير إلى هدوء، لكنه بالطبع هدوء مصنوع، قد ينفجر في أي لحظة، أو قد يتحلل بالتدريج وصولاً إلى نقطة مواجهة حقيقية.