وعوّضت المعطيات الجديدة، فشل قوات النظام، على مدار شهرين التقدم على محاور الجبهة، ونجح مدعوماً بعناصر "حزب الله" اللبناني والحرس الثوري الإيراني، في تشديد حملته العسكرية على ريف اللاذقية الشمالي، بعد دورين، من أجل السيطرة على قرى سلمى، ومرش، وخوخة، والكوم، ثم جبل الأكراد والتركمان.
وتحاول كتائب "الجيش الحرّ" والفصائل الأخرى التصدي للحملة، بإطلاق معركة "لبيك يا الله"، رداً على حملة النظام "لبيك يا سورية"، بهدف استعادة السيطرة على تلة دورين وتعزيز مواقعهم، فدارت اشتباكات عنيفة، أمس السبت، بين الطرفين، كما نفّذ طيران النظام أكثر من ست غارات على مصيف سلمى.
في المقابل، ردّت المعارضة المسلحة بقصف مواقع قوات النظام في قرية كفريا بالهاون وصواريخ "غراد"، وقام "لواء العادية"، التابع لـ "الفرقة الساحلية الأولى"، بتفجير آلية عسكرية عائدة لقوات النظام، كانت تقوم بحفر متاريس، وتم استهدافها بصاروخ "تاو".
ويبدو أن النظام يحاول عبر هذه الحملة العسكرية العنيفة، إحراز تقدم استباقي من خلال قطع الطريق على المعارضين، الذين كانوا بصدد إطلاق معركتهم من أجل التقدم في ريف اللاذقية الشمالي، عبر جبل دورين. وتطمح قوات النظام بالتقدم باتجاه جبل الأكراد، لإبعاد خطر صواريخ "غراد" التي يطلقها المعارضون، على مناطقها العسكرية. ويدرك النظام أهمية فتح المعركة في ريف اللاذقية في هذا الوقت بالذات، بعد تراجع كثافة قوة الفصائل الإسلامية في المنطقة، في الأشهر الماضية، ولم يعد متواجداً سوى فصائل متفرقة تابعة لـ "الجيش الحرّ".
مع ذلك، تبدو كل الأهداف تكتيكية ومؤقتة، إلا أن تزامن حملة النظام على ريف اللاذقية، مع التصعيد على جبهة حلب، والتحشيد الكبير الذي يقوم به النظام في ريف حماة الشمالي، استعداداً لفتح معركة جديدة، يُنذر بهدف استراتيجي أكبر.
يسعى النظام من خلال حراكه العسكري الأخير، إلى قطع طرق الإمداد الاستراتيجية للمعارضة، عبر الضغط على جبهات حلب، وريف حماة الشمالي، واللاذقية، خصوصاً أن نقطة الوصل اللوجستية بالنسبة للمعارضة، بين هذه المحافظات، هي محافظة إدلب، التي تتجلّى مهمتها بالدعم اللوجستي. ويبدو أن النظام أدرك أهمية فتح المعركة على الجبهات الثلاث وتصعيدها، خصوصاً مع استقدام مقاتلين من إيران و"حزب الله"، بهدف تشتيت المعارضين.
إقرأ أيضاً: المعارضة السورية تستهدف القرداحة بصواريخ غراد وتقتل سبعة
ويحاول النظام منع مؤازرة المحافظات لبعضها البعض، كما حدث في معارك كثيرة سابقة، في ريف حماة الشمالي، وكسب، والتي كان الإمداد الرئيسي للمعارضة فيها، من حلب وإدلب. كما أن صمود قرية صوران في ريف حماة الشمالي، أشهراً عدة، جاء بفعل خطوط الإمداد المتواصلة من إدلب وحلب.
من جهة أخرى، أثارت حملة النظام، مخاوف أطراف عدة من المعارضة السورية، خصوصاً بعد النزوح الكبير الذي شهدته المنطقة باتجاه تركيا، خوفاً من المجازر التي قد ترتكبها قوات النظام والجماعات الحليفة أثناء تقدمها.
وناشد الأمين العام لـ "الائتلاف الوطني"، يحيى مكتبي، مجلس الأمن الدولي وقوات التحالف الدولية، مطالباً بـ "ضرورة التحرك العاجل لحماية المدنيين السوريين، في ريف اللاذقية وسائر الأراضي السورية، من جرائم نظام (الرئيس السوري بشار) الأسد، المستمرة بحق أبناء الشعب السوري". وأضاف مكتبي أن "قوات الأسد مصحوبة بمجموعات طائفية ومليشيا الدفاع الوطني، قامت باقتحام عدد من قرى ريف اللاذقية، في ظلّ تخوف شديد من ارتكاب مجازر بحق المدنيين".
وأشار إلى أن "سكان قرى دورين وسلمى ومرش خوخة والكوم، في ريف اللاذقية، نزحوا عن قراهم نحو الشريط الحدودي مع تركيا". وذكر بـ "تاريخ النظام الحافل بالمجازر الطائفية في منطقة الساحل، ومناطق مختلفة من سورية، وصلت للذبح والحرق كما جرى في قرى ومدن البيضا والحولة والزارة وداريا".
إقرأ أيضاً: تفجير القرداحة: عملية للمعارضة أم تصفية حسابات داخلية؟