تتّجه أنظار قوات المعارضة السورية في ريف إدلب منذ سيطرتها على معسكري وادي الضيف والحامدية قبل أسبوعين، نحو مطار أبو الظهور العسكري الواقع في أقصى الريف الشرقي لإدلب شمال البلاد، إذ تحاصر قوات المعارضة المطار العسكري وتقطع خطوط الإمداد البرية عنه منذ ما يزيد على السنتين، فيما تستفيد قوات النظام المتحصنة فيه من جسر جوي قامت طائرات قوات النظام المروحية على مدار الأشهر الماضية بإمداد القوات المتواجدة في المطار من خلاله.
ويقع مطار أبو الظهور العسكري في منطقة صحراوية إلى الشرق من مدينة معرة النعمان في ريف إدلب، ويبعد حوالي ستين كيلومتراً عن أقرب مناطق سيطرة النظام السوري في بلدة خناصر في ريف حلب الجنوبي، في الوقت الذي يبعد فيه المطار حوالي خمسين كيلومتراً عن أقرب مناطق سيطرة النظام قرب مدينة إدلب.
على هذا الأساس، أدّت سيطرة قوات المعارضة وتفوقها على قوات النظام في التواجد الميداني في ريف إدلب وريف حلب الجنوبي إلى وضع قوات النظام الموجودة في مطار أبو الظهور العسكري في موقف صعب، إذ يكاد يستحيل عملياً أن تقوم قوات النظام بفتح خط إمداد بري لمطار أبو الظهور، خصوصاً بعد خسارتها لجميع معسكراتها وحواجزها في ريفي إدلب الشرقي والجنوبي.
وكانت مصادر خاصة من "جبهة النصرة" أفادت لـ "العربي الجديد"، بأن الجبهة أعطت عناصر قوات النظام الموجودين في المطار المحاصر مهلة أسبوع للانشقاق عن قوات النظام، ليتمكنوا من تجنّب خوض المعركة المرتقبة التي تعتزم "النصرة" وفصائل المعارضة الأخرى خوضها قريباً ضد قوات النظام، بهدف بسط السيطرة على المطار الذي بات يُعتبر آخر معاقل قوات النظام في ريف إدلب الشرقي.
وحشدت قوات المعارضة في المنطقة مزيداً من قواتها في الأيام الأخيرة، بالتزامن مع قيامها، بشكل يومي، بقصف المطار العسكري الذي يمتد على طول يناهز الستة كيلومترات، بصواريخ الغراد وقذائف الهاون والمدفعية.
ويوضح الناشط براء الحسين، لـ "العربي الجديد"، أن قوات حركة "أحرار الشام" الإسلامية تقوم في الأسبوع الأخير وبشكل يومي بعد منتصف الليل، بقصف أماكن تمركز قوات النظام داخل المطار، بهدف إقلاق راحة القوات المحاصرة وعدم إعطائها فرصة لأخذ قسط من الراحة، مع تشديد قوات المعارضة حصارها للمطار وحشدها للقوات في محيطه.
لكن يبدو أن تهديدات قوات المعارضة باقتحام المطار العسكري ما تزال غير جدية إلى الدرجة التي تجبر فيها قوات النظام على الاستسلام، ذلك أن الجهة الجنوبية من المطار ما تزال شبه خالية من قوات المعارضة، ويمكن لقوات النظام الخروج من المطار العسكري والتوجه جنوباً لعشرة كيلومترات قبل أن تتصدى لها حواجز قوات المعارضة.
وقامت قوات النظام بالفعل أخيراً بالخروج نحو قرى تل سلمو والحميدية وخشير الواقعة إلى الجنوب والجنوب الشرقي من المطار العسكري، وأجرت، بحسب مصادر محلية في المنطقة، عملية تمشيط لهذه القرى، وتفجيراً للمباني العالية فيها لتمنع قوات المعارضة من استخدامها في عملية هجومها المرتقبة على مطار أبو الظهور.
ويبدو أن احتمالات صمود قوات النظام في المطار الذي تتحضر قوات المعارضة لمهاجمته ما تزال منخفضة، على الرغم من محاولاتها الرامية لتقليل إمكانيات قوات المعارضة في الاستفادة من تضاريس المنطقة ومبانيها.
فمطار أبو الظهور العسكري يُعتبر نقطة عسكرية لا فائدة منها بالنسبة لقوات النظام، بحسب سعيد أبو الحسن القيادي الميداني في صقور الشام، أحد تشكيلات المعارضة التي تنتشر في المنطقة، والذي أوضح أن قوات النظام لم تستفد من مطار أبو الظهور العسكري في أي طلعات جوية لاستهداف مناطق سيطرة المعارضة منذ أكثر من سنتين، كما أن المطار لا يحمي أي خط إمداد عسكري لقوات النظام، وهو من جهة أخرى يبعد ستين كيلومتراً عن أقرب مناطق سيطرة قوات النظام في ريف حلب الجنوبي وفي مدينة إدلب.
ومن الطبيعي أن يزيد كل ذلك من احتمالات سقوط المطار بيد قوات المعارضة مع هجومها عليه، ذلك أن النظام لن يتمكن من إرسال أي مؤازرة برية لقواته المحاصرة في المطار، كما أن مثل هذه المؤازرة التي سيكون عليها التقدم مسافات طويلة في عمق مناطق سيطرة المعارضة ستكون بلا جدوى، بسبب المدة الطويلة التي مرت على خروج مطار أبو الظهور عن الخدمة العسكرية الفعلية، ليتحول لنقطة عسكرية محاصرة تتلقى القذائف من قوات المعارضة المنتشرة في محيطه، لترد عليها بقصف عشوائي بين الحين والآخر على المدن والبلدات القريبة التي تسيطر عليها المعارضة.
وتُقدّر مصادر من قوات المعارضة المتواجدة في محيط مطار أبو الظهور، عدد قوات النظام المتواجدين في المطار بحدود الأربعمائة عنصر، يملكون أقل من عشر دبابات وعدداً كبيراً من الرشاشات المتوسطة والثقيلة وعدة مدافع ميدان وكميات كبيرة من الصواريخ المضادة للدروع والطيران، بالإضافة إلى مئات الأطنان من الذخائر المتنوعة.
وسيشجع ذلك المعارضة على الإسراع في عملية اقتحام المطار، ذلك أنها في حال تمكنت من السيطرة على عليه فإنها ستحصل على كميات ضخمة من الأسلحة والذخائر، الأمر الذي يمكن أن تستفيد منه لاحقاً في مهاجمة نقاط عسكرية أخرى لقوات النظام في مدينة إدلب وريفها الغربي، حيث تسيطر قوات النظام وتنشر المعسكرات والحواجز العسكرية التي تحمي طريق اللاذقية-إدلب، طريق الإمداد الوحيد من الساحل السوري نحو مدينة إدلب التي ما زالت قوات النظام تحتفظ بالسيطرة عليها.