لمادة التاريخ في المناهج الدراسية دورٌ كبيرٌ في صقل هوية الفرد وتعريفه بحضارة بلاده وبتراثه، من خلال محاكاتها ماضي الشعوب القديمة التي توالت على تلك الرقعة الجغرافية والأحداث المختلفة التي عايشتها من انتصارات وانكسارات في حقبات تاريخية مختلفة، وعلى الرغم من أن مناهج التاريخ يجب أن تكون ممتعة ودقيقة في سرد الأحداث وبعيدة كل البعد عن التغيرات والتوجهات السياسية والدينية المختلفة، إلا أن واقع المناهج السورية مخالف لذلك.
سمر الحاج عثمان، باحثة في العلوم التاريخية، تقول لـ"العربي الجديد": "يتعرف الطالب السوري على بلده من خلال كتب التاريخ التي تدرّس في المدارس السورية اعتباراً من المرحلة الابتدائية، وتتصف الكتب الدراسية بالسرد الطويل والممل للمعلومات التاريخية التي تتدرج من شرح لتاريخ وحضارة الشعوب القديمة التي سكنت في المنطقة مثل حضارة إبلا وماري وأوغاريت وغيرها، مروراً بتاريخ الدولة الأموية والعباسية والخلافة العثمانية التي يطلق عليها في المناهج السورية المعدلة حديثاً الاحتلال العثماني. وصولاً لدراسة التاريخ المعاصر لسورية والوطن العربي وأحداثه من استعمار وانتدابات أجنبية للدول العربية".
وتضيف: "لا ألوم الطالب عندما يصف المواد الاجتماعية بالمواد الجافة والحفظية، والسبب في ذلك يعود لأسلوب سرد الكتب للمعلومة التاريخية وطرق تدريسها التي في الغالب تقتصر على القراءة فقط، دون شرح أو إسقاط لتلك الأحداث على حاضرنا ومستقبلنا، ودون زيارة للمتاحف والمناطق الأثرية التي تحمل رائحة وعبق الماضي. من حق كل طالب أن يحصل على المعلومة التاريخية بأسلوب ممتع وبسيط يستخلص منه العبر لحاضره ومستقبله ويغني ذاكرته بتراث وطنه وماضيه".
اقــرأ أيضاً
مسيسة ولا مرجعية
الأستاذ عمار صباغ أستاذ متخصص في علم التاريخ، يشير إلى أن المناهج السورية تتغير وفقاً لرغبة السلطات وبما يتوافق مع مصالحها وهي لا تتصف بالمرجعية التاريخية، ويعتمد واضعوها في كثير من الأحيان على تزوير الماضي أو حذفه أو تهميشه لتحقيق الغاية المرجوة.
ويقول لـ"العربي الجديد": "أبطال مثل عبد الرحمن الشهبندر وفارس الخوري ويوسف العظمة كان لهم أكبر الأثر في صناعة تاريخ سورية ودحر الجهل والاستعمار، بالكاد ذكرت أسماؤهم في الكتب المدرسية دون تسليط الضوء على أي من إنجازاتهم، وآخرون أغفلت كتب التاريخ ذكر حتى أسمائهم مثل خالد العظم ولطفي الحفار والزعيم شكري القوتلي وهاشم الأتاسي وغيرهم.
مسيرة سوداء لتاريخ سورية في المناهج المدرسية لم تنكشف الغمة عنها إلا في سبعينيات القرن الماضي عند استلام عائلة الأسد لحكم سورية، حيث تتحول الهزائم والانتكاسات التي عاشتها سورية في تلك الفترة لانتصارات وإنجازات كبرنا على ذكرها والتغني بها. فمن منا لم يحتفل في السابع من نيسان بذكرى تشكيل حزب البعث العربي الاشتراكي ومن لم يردد شعاره ويحفظ إنجازاته التي ظلت كالحبر على الورق. ومن منا كان من الممكن أن يخطر بباله أن حرب تشرين التحريرية التي انتهت بخسارة الجولان ما هي إلا هزيمة كبيرة عمل رأس النظام آنذاك على تغطيتها بالشعارات والأقاويل المكذوبة".
ويضيف: "العديد من الروايات التاريخية الأخرى المغروسة في عقولنا منذ الصغر لا تمت للتاريخ بصلة، إنما هي مزيج من روايات ضعيفة أو أكاذيب اقتصر ذكرها على مراجع ضعيفة لكتاب أجانب لا يعرفون إلا القليل عن تاريخ سورية".
تزوير الماضي في عقول الطلبة وتحريفه مشكلة وجريمة خطيرة، يجب ألا يستهان بها، وتقع مهمة تصحيح وتصويب المعلومات التاريخية وتقديمها للطلاب بالشكل البسيط والمفيد على عاتق المعلمين المختصين الذين من واجبهم أن يتحرّوا الدقة والموضوعية ويبتعدوا عن المصالح والتوجهات السياسية في ما يقدمونه إلى طلابهم من تاريخ بلادهم.
اقــرأ أيضاً
وتضيف: "لا ألوم الطالب عندما يصف المواد الاجتماعية بالمواد الجافة والحفظية، والسبب في ذلك يعود لأسلوب سرد الكتب للمعلومة التاريخية وطرق تدريسها التي في الغالب تقتصر على القراءة فقط، دون شرح أو إسقاط لتلك الأحداث على حاضرنا ومستقبلنا، ودون زيارة للمتاحف والمناطق الأثرية التي تحمل رائحة وعبق الماضي. من حق كل طالب أن يحصل على المعلومة التاريخية بأسلوب ممتع وبسيط يستخلص منه العبر لحاضره ومستقبله ويغني ذاكرته بتراث وطنه وماضيه".
مسيسة ولا مرجعية
الأستاذ عمار صباغ أستاذ متخصص في علم التاريخ، يشير إلى أن المناهج السورية تتغير وفقاً لرغبة السلطات وبما يتوافق مع مصالحها وهي لا تتصف بالمرجعية التاريخية، ويعتمد واضعوها في كثير من الأحيان على تزوير الماضي أو حذفه أو تهميشه لتحقيق الغاية المرجوة.
ويقول لـ"العربي الجديد": "أبطال مثل عبد الرحمن الشهبندر وفارس الخوري ويوسف العظمة كان لهم أكبر الأثر في صناعة تاريخ سورية ودحر الجهل والاستعمار، بالكاد ذكرت أسماؤهم في الكتب المدرسية دون تسليط الضوء على أي من إنجازاتهم، وآخرون أغفلت كتب التاريخ ذكر حتى أسمائهم مثل خالد العظم ولطفي الحفار والزعيم شكري القوتلي وهاشم الأتاسي وغيرهم.
مسيرة سوداء لتاريخ سورية في المناهج المدرسية لم تنكشف الغمة عنها إلا في سبعينيات القرن الماضي عند استلام عائلة الأسد لحكم سورية، حيث تتحول الهزائم والانتكاسات التي عاشتها سورية في تلك الفترة لانتصارات وإنجازات كبرنا على ذكرها والتغني بها. فمن منا لم يحتفل في السابع من نيسان بذكرى تشكيل حزب البعث العربي الاشتراكي ومن لم يردد شعاره ويحفظ إنجازاته التي ظلت كالحبر على الورق. ومن منا كان من الممكن أن يخطر بباله أن حرب تشرين التحريرية التي انتهت بخسارة الجولان ما هي إلا هزيمة كبيرة عمل رأس النظام آنذاك على تغطيتها بالشعارات والأقاويل المكذوبة".
ويضيف: "العديد من الروايات التاريخية الأخرى المغروسة في عقولنا منذ الصغر لا تمت للتاريخ بصلة، إنما هي مزيج من روايات ضعيفة أو أكاذيب اقتصر ذكرها على مراجع ضعيفة لكتاب أجانب لا يعرفون إلا القليل عن تاريخ سورية".
تزوير الماضي في عقول الطلبة وتحريفه مشكلة وجريمة خطيرة، يجب ألا يستهان بها، وتقع مهمة تصحيح وتصويب المعلومات التاريخية وتقديمها للطلاب بالشكل البسيط والمفيد على عاتق المعلمين المختصين الذين من واجبهم أن يتحرّوا الدقة والموضوعية ويبتعدوا عن المصالح والتوجهات السياسية في ما يقدمونه إلى طلابهم من تاريخ بلادهم.