أثار قرار تركيا خفض حصة سورية من مياه نهر الفرات التي تصل إلى 500 متر مكعب في الثانية، حفيظة المعارضة السورية بعد انخفاض منسوب سد الفرات لنحو ستة أمتار.
ودعا معارضون إلى حل القضية التي تنذر"بكوارث إنسانية وبيئية". وطالبوا بالبحث عن الحلول بين الحكومة التركية من جهة والائتلاف السوري والحكومة المؤقتة من جهة أخرى، اللذين آثرا الصمت رغم صعوبة الموقف.
وقد أعلنت لجنة تسيير سد الفرات في مدينة الرقة السورية في بيان عن "تراجع حصة سورية من المياه الجارية من الأراضي التركية إلى الأراضي السورية، بل وانعدامها تماماً في بعض الأوقات. وأن الاستجرار الزائد للمياه من الأهالي، لاسيما في هذه الأيام التي تشكل فترة الذروة لري المحاصيل، بالإضافة إلى استجرار مياه الشرب، قد يؤدي إلى خروج سد الفرات عن الخدمة في المناطق السورية".
مطالبة بالحل السريع
مطالبة بالحل السريع
وقال الباحث الاقتصادي المعارض سمير سعيفان لـ "العربي الجديد" إنه "لا بد من المطالبة بحقوق سورية من مياه الفرات، وألا تلقي تركيا بكامل عبء الجفاف على كاهل سورية والعراق بغض النظر عن قيام النظام السوري بالمطالبة بحقوق سورية أم لا".
وأضاف سعيفان: "المسألة تتخطى مصالح الأنظمة إلى مصالح شعب يعد بالملايين، وبالتالي يجب ألا نتهاون في حقوقنا بالمياه حتى خلال هذه الظروف، رغم موقف تركيا المؤيد للمعارضة. لذا على الحكومة المؤقتة أن تبحث الموضوع بسرعة مع الجانب التركي".
النظام يمهد للاستغلال السياسي
الملاحظ في هذا الإطار، أن نظام بشار الأسد المعادي للحكومة التركية إثر دعمها للثورة السورية، لم يأت على أي ذكر للموضوع، ربما "لأن المناطق التي يمر فيها نهر الفرات ومناطق السد جميعها محررة، وتقع تحت سيطرة المعارضة وفي مصلحة النظام حرمانها من المياه"، وفق ما يقول عدد من المعارضين.
ويشرح معارضون أن "النظام يسعى لوصول حواضن الثورة درجة المعاناة والأزمات التي تتولد عن شح المياه، صحية كانت أم زراعية"، رغم أن مصادر إعلامية أشارت إلى انخفاض مستوى المياه في ناحية الخفسة "ريف حلب" التي تقع فيها محطة شفط المياه من بحيرة الأسد ومن ثم ضخها عبر قنوات إلى مدينة حلب وريفها. وتراجع منسوب المياه في "سد تشرين" الذي يهدد بوقف توليد الكهرباء التي تغذي محافظة حلب.
أو ربما ينتظر نظام الأسد لتصل الأمور إلى درجة الكارثة ليسجل موقفاً دولياً على الحكومة التركية، كما برر المعارض معاذ طقش لـ "العربي الجديد".
وأضاف طقش: "دفع نظام بشار الأسد بصحيفة لبنانية موالية له إلى تفجير الموضوع، ومن ثم نشرته جريدة تركية معارضة للحكومة التركية، والمستغرب، أن كلتا الوسيلتين المعارضتين لثورة الشعب السوري طالبتا بحقوقه في المياه".
وتابع "لكن ما يهمنا كسوريين الإسراع بضخ المياه من الجانب التركي وإغلاق الصادر المائي من السد، لأن انخفاض المياه بعد تراجع المنسوب في السد وبحيرة الأسد، ينذر بالضغط على بنية السد الإنشائية وربما بخروجه من الخدمة".
اتفاقية وتنازل عن الإسكندرون
هذا وقد مرت قضية مياه نهر الفرات بمراحل وخلافات عدة بين الجانبين السوري والتركي، توّجت باتفاقية مؤقتة تمتد خمس سنوات، لتقاسم المياه عام 1987 خلال ملء حوض سد أتاتورك.
وتعهد الجانب التركي في الاتفاقية بتوفير معدل سنوي من المياه يزيد على 500 متر مكعب في الثانية عند الحدود التركية السورية، بشكل مؤقت إلى حين الاتفاق على التوزيع النهائي لمياه نهر الفرات بين تركيا وسورية والعراق.
فما هو الجديد الآن لتقوم تركيا بتخفيض حصة سورية؟
الباحث سمير سعيفان قال: "في أيام الصيف يتراجع منسوب المياه الآتية من تركيا، وهذا العام تراجع بسبب الجفاف الذي ضرب المنطقة، ولكن هذا لا يبرر للجانب التركي ليرمي عبء الجفاف على حصة سورية".
وأضاف سعيفان: "لم يكن اتفاق عام 1987 دائماً، بل حصة سورية 500 متر مكعب في الثانية، كان على نحو مؤقت، ريثما تنتهي تركيا من ملء السدود (22 سداً) وسد أتاتورك أحدها".
وتابع "لكن نظام بشار الأسد تساهل لاحقاً إبان اتفاق التعاون الاستراتيجي عام 2007 وأبرم اتفاقاً لبناء سد سوري تركي مشترك على نهر العاصي قرب الحدود السورية التركية، لكن السد لم ينفذ رغم الخرائط التي وضعت لواء اسكندرون (يعتبر وفق القانون الدولي أرضاً سورية)، ضمن الأراضي التركية واعتراف النظام السوري بسلخ هذا الجزء من أرضه.
وتابع "لكن نظام بشار الأسد تساهل لاحقاً إبان اتفاق التعاون الاستراتيجي عام 2007 وأبرم اتفاقاً لبناء سد سوري تركي مشترك على نهر العاصي قرب الحدود السورية التركية، لكن السد لم ينفذ رغم الخرائط التي وضعت لواء اسكندرون (يعتبر وفق القانون الدولي أرضاً سورية)، ضمن الأراضي التركية واعتراف النظام السوري بسلخ هذا الجزء من أرضه.
لا موقف من تركيا
لم يصدر أي موقف أو توضيح تركي رسمي حول خفض حصة سورية من مياه الفرات. وعزت مصادر خاصة لـ "العربي الجديد" السبب إلى "موجة الجفاف وخصوصية هذه الفترة التي انخفض فيها المنسوب لدون 28 في المئة، الأمر الذي يفرض على تركيا خفض ضخ المياه إلى دول الجوار الشريكة في المياه" .
لكن المصادر التي طلبت عدم ذكر اسمها، توقعت "حل القضية سريعاً". وأكدت أنه "ليس في الأمر أي بعد سياسي".
يذكر أن نهر الفرات الذي يعد ثاني أغزر نهر يمر في الأراضي العربية بعد النيل، ينبع من جبال طوروس في تركيا، ويدخل سورية عند مدينة جرابلس ويمر عبر مدن الرقة ودير الزور والبوكمال على مسافة 610 كم، قبل أن يدخل العراق عند مدينة القائم في محافظة الأنبار.