18 أكتوبر 2024
سورية وقرع طبول الحرب الإقليمية
تصاعدت أخيراً احتمالات اندلاع حرب إقليمية كبيرة في منطقة الشرق الأوسط، انطلاقاً من سورية، وعلى خلفية أكثر من مسألة معقّدة باتت بحاجةٍ إلى حلّ أو حسم، وتتصل بأكثر من جهة أو قوة إقليمية أو كبرى. ولعلّ أبرز تلك العناوين التي تتحكّم أو تؤثّر فيها قضية التمدّد والتأثير الإيراني المتنامي في الإقليم، والذي يؤدي، في بعض الأحيان، دور المعرقل لتنفيذ بعض الاتفاقات السرّية أو العلنية بين أطرف أخرى، بعضها حليفة له، كما في حالة روسيا في تحالفها مع إيران في سورية، وبعضها الآخر يعلن خصومته العلنية معه، ولكنه لا يمانع التعامل معه سرّاً، كما في حالة الولايات المتحدة في خصومتها مع إيران في العراق. ناهيك بالطبع عن هواجس لدى بعض البلدان العربية من تمدّد إيران في الإقليم، وكذلك قلق إسرائيلي من وجود إيراني على حدود فلسطين المحتلة في أكثر من جهة، مع ما يعنيه تعارض المشروع الإسرائيلي والرؤية الإيرانية للمنطقة.
في الآونة الأخيرة، وبعد انحسار المعارك في سورية بموجب اتفاقات أستانة بين كل من روسيا وتركيا وإيران، بدأت الحاجة إلى العامل الإيراني في سورية تقلّ وتتراجع. وفي مقابل ذلك، بدأت الحاجة إلى تحجيم هذا العامل تزيد، وصولاً إلى مرحلةٍ يتمّ فيها الاستغناء عنه بشكل كامل في سورية، فضلاً بكل تأكيد عن محاصرة العامل التركي وإلغائه، باعتباره المستهدف الأول من كل ما يجري في سورية في أجندات أغلب الدول المهتمة بالحدث السوري، وبما
يتعلق بالمنطقة العربية والشرق أوسطية بشكل عام، وقد يكون لهذا كلام ومجال آخران.
في عملية الاستغناء عن العامل الإيراني في سورية، بدأت عمليات استهداف الوجود العسكري الإيراني هناك تأخذ منحى تصاعدياً، حتى إن تحضير الأجواء النفسية للقيام بأية خطوات عملية كبيرة على المستويات المحلية أو العالمية يتم بشكل حثيث ومتناسق، وبما يوحي ويعطي انطباعاً عاماً أن مسألة الحرب على إيران، ومن يتصل بها في المنطقة، قادمة.
جديد هذه الاستهدافات الضربة الجوية الإسرائيلية التي حصلت قبل أسبوعين تقريباً، واستهدفت، وفق تصريح رسمي إسرائيلي، قواعد للحرس الثوري الإيراني في بعض المناطق السورية، وقُتل فيها بعض ضباط الحرس الثوري وبعض الجنود السوريين. وكانت ضربةً مختلفةً عن كل الضربات السابقة، لناحية الاعتراف بالمسؤولية أولاً، ولناحية عدد الطائرات التي استعملت، وعدد الصواريخ التي أطلقت، ونوعية الأهداف التي ضُربت. وقد ردّت إيران على تلك الضربة في حينها عبر تصريحاتٍ تولاها قائد القوات الجوية، قال فيها إن القوات الإيرانية تنتظر الساعة التي تندلع فيها الحرب مع إسرائيل لإزالتها من الوجود، وأذاع أن قواته قادرة على ذلك.
لم يتم الاكتراث كثيرا لهذه التصريحات الإيرانية التي اعتاد العالم عليها، وعلى أمثالها، خصوصا أن سلاح الجو الإيراني يُعتبر متخلّفاً قياساً بسلاح الجو الإسرائيلي، وبالتالي لم يتم حملها على محمل الجدّ. وربما هذا ما دفع إلى اللجوء إلى مصدر آخر يتم إرسال التهديد من خلاله، ويكون أكثر جدّية ومصداقية. وهنا جاءت المقابلة التلفزيونية مع الأمين العام لحزب الله، حسن نصرالله، يوم السبت (26/1/2019) ليطلق تهديداته الصريحة بأن تغيير إسرائيل قواعد الاشتباك سيعني الدخول في حربٍ كبيرةٍ تطاول كل المجال الإسرائيلي برّاً
وبحراً وجوّاً، في تلويحٍ صريحٍ وواضح بالاستعداد لإشعال الحرب الكبرى في المنطقة، إذا مضى المشروع الذي يريد محاصرة الدور الإيراني وإقصاءه قدماً.
هل يملك حزب الله، أو حلفاء إيران، القدرة على إشعال هذه الحرب؟ وإذا ما تمّ إشعالها، هل يملكون الإمكانات لخوضها؟ ومن ثم الانتصار فيها؟ أسئلة مشروعة ومشرّعة على إجابات كثيرة لا يملك فيها أي طرف الجزم، إلا أن الشيء الوحيد الذي يمكن قوله إن ذلك المحور يرى نفسه مستهدفاً بالإقصاء الكامل، بل وربما الوجودي، بعد كل الأثمان التي دفعها في سورية والعراق. وبالتالي، فإنه سيعتبر أن الهجوم أفضل أنواع الدفاع، وأن إغراق الجميع بالفوضى سيجعل كل طرفٍ يلتهي وينشغل بنفسه، وهنا تكون بالنسبة إليه فرصة النجاة والبقاء والاستمرار.
نحن إذاً على مفترق طرق خطر في الشهور المقبلة، إذا ما نظرنا إلى ما يجري في سورية لهذه الناحية، أو لناحية الاشتباك التركي الأميركي، والتركي الروسي في ما يتعلق بالمنطقة الآمنة شمالي سورية وشرق الفرات، فضلاً عن المشاريع الأخرى التي تطاول العراق واليمن وما تعرف بـ "صفقة القرن" لتصفية القضية الفلسطينية، ورسم خريطة جديدة للمنطقة تكون السيادة فيها للقوى الكبرى الطامعة بخيرات هذه المنطقة وثرواتها على حساب شعوبها، ومن هنا يمكن القول إن طبول الحرب تُقرع، ومَن لا يسمعها أصمّ أو لا يريد السماع.
في عملية الاستغناء عن العامل الإيراني في سورية، بدأت عمليات استهداف الوجود العسكري الإيراني هناك تأخذ منحى تصاعدياً، حتى إن تحضير الأجواء النفسية للقيام بأية خطوات عملية كبيرة على المستويات المحلية أو العالمية يتم بشكل حثيث ومتناسق، وبما يوحي ويعطي انطباعاً عاماً أن مسألة الحرب على إيران، ومن يتصل بها في المنطقة، قادمة.
جديد هذه الاستهدافات الضربة الجوية الإسرائيلية التي حصلت قبل أسبوعين تقريباً، واستهدفت، وفق تصريح رسمي إسرائيلي، قواعد للحرس الثوري الإيراني في بعض المناطق السورية، وقُتل فيها بعض ضباط الحرس الثوري وبعض الجنود السوريين. وكانت ضربةً مختلفةً عن كل الضربات السابقة، لناحية الاعتراف بالمسؤولية أولاً، ولناحية عدد الطائرات التي استعملت، وعدد الصواريخ التي أطلقت، ونوعية الأهداف التي ضُربت. وقد ردّت إيران على تلك الضربة في حينها عبر تصريحاتٍ تولاها قائد القوات الجوية، قال فيها إن القوات الإيرانية تنتظر الساعة التي تندلع فيها الحرب مع إسرائيل لإزالتها من الوجود، وأذاع أن قواته قادرة على ذلك.
لم يتم الاكتراث كثيرا لهذه التصريحات الإيرانية التي اعتاد العالم عليها، وعلى أمثالها، خصوصا أن سلاح الجو الإيراني يُعتبر متخلّفاً قياساً بسلاح الجو الإسرائيلي، وبالتالي لم يتم حملها على محمل الجدّ. وربما هذا ما دفع إلى اللجوء إلى مصدر آخر يتم إرسال التهديد من خلاله، ويكون أكثر جدّية ومصداقية. وهنا جاءت المقابلة التلفزيونية مع الأمين العام لحزب الله، حسن نصرالله، يوم السبت (26/1/2019) ليطلق تهديداته الصريحة بأن تغيير إسرائيل قواعد الاشتباك سيعني الدخول في حربٍ كبيرةٍ تطاول كل المجال الإسرائيلي برّاً
هل يملك حزب الله، أو حلفاء إيران، القدرة على إشعال هذه الحرب؟ وإذا ما تمّ إشعالها، هل يملكون الإمكانات لخوضها؟ ومن ثم الانتصار فيها؟ أسئلة مشروعة ومشرّعة على إجابات كثيرة لا يملك فيها أي طرف الجزم، إلا أن الشيء الوحيد الذي يمكن قوله إن ذلك المحور يرى نفسه مستهدفاً بالإقصاء الكامل، بل وربما الوجودي، بعد كل الأثمان التي دفعها في سورية والعراق. وبالتالي، فإنه سيعتبر أن الهجوم أفضل أنواع الدفاع، وأن إغراق الجميع بالفوضى سيجعل كل طرفٍ يلتهي وينشغل بنفسه، وهنا تكون بالنسبة إليه فرصة النجاة والبقاء والاستمرار.
نحن إذاً على مفترق طرق خطر في الشهور المقبلة، إذا ما نظرنا إلى ما يجري في سورية لهذه الناحية، أو لناحية الاشتباك التركي الأميركي، والتركي الروسي في ما يتعلق بالمنطقة الآمنة شمالي سورية وشرق الفرات، فضلاً عن المشاريع الأخرى التي تطاول العراق واليمن وما تعرف بـ "صفقة القرن" لتصفية القضية الفلسطينية، ورسم خريطة جديدة للمنطقة تكون السيادة فيها للقوى الكبرى الطامعة بخيرات هذه المنطقة وثرواتها على حساب شعوبها، ومن هنا يمكن القول إن طبول الحرب تُقرع، ومَن لا يسمعها أصمّ أو لا يريد السماع.