وشنّت قوات النظام السوري منذ فجر أمس السبت، هجوماً هو الأعنف منذ أسابيع على حي جوبر ومدينة عين ترما شرقي العاصمة السورية دمشق، مع محاولة قوات النظام التقدّم للسيطرة على النقاط الواصلة بين المنطقتين، في وقتٍ شن فيه الطيران الحربي أكثر من عشرين غارة هناك. ومنذ أسابيع غيرت قوات النظام استراتيجية هجومها على حي جوبر التابع إدارياً لمحافظة دمشق، ويبعد عشرات الأمتار عن ساحة العباسيين الشهيرة شرقي العاصمة السورية. وفشلت محاولاتها السابقة للسيطرة على الحي، وتعمد حالياً إلى محاولة فصله عن عمقه بالغوطة الشرقية، من خلال التفافها على جوبر من جهة الغرب حيث بلدة عين ترما، والتي تسيطر عليها المعارضة السورية، وتعتبر تحت نفوذ "فيلق الرحمن". ومنذ إقرار اتفاقية خفض التصعيد في الغوطة الشرقية، قالت موسكو إن مناطق وجود "هيئة تحرير الشام" (التي تقودها فتح الشام، أي النصرة سابقاً) في الغوطة الشرقية، مُستثناة من الاتفاق، وواصلت قوات النظام هجماتها على بلدات وقرى القطاع الأوسط في الغوطة الشرقية الذي يعتبر "فيلق الرحمن" أقوى الفصائل المسيطرة عليه، بذريعة وجود "النصرة" التي أعربت قبل أيام عن استعدادها لحل نفسها ضمن "كيان واحد يضم فصائل القطاع الأوسط".
بموازاة ذلك، قالت وزارة الدفاع الروسية إنها تجري مفاوضات مع عسكريين يتبعون للمعارضة السورية في "ست محافظات سورية هي حلب وإدلب ودمشق وحماة وحمص والقنيطرة حول الانضمام إلى اتفاق وقف إطلاق النار فيها"، وذلك بعد ثلاثة أيام من إقرار اتفاقٍ لوقف التصعيد في ريف حمص الشمالي، وقبله في الثاني والعشرين من الشهر الماضي في الغوطة الشرقية، وفي التاسع من الشهر ذاته في جنوب غربي سورية.
إلى ذلك، تواصلت العمليات العسكرية التي تشنها قوات النظام السورية جنوب شرقي محافظة الرقة، فتقدمت هذه القوات المدعومة بمليشيات تساندها أمس في مناطق الضفة الجنوبية لنهر الفرات التي كانت خاضعة لـ"داعش"، وسيطرت على قرى زور شمر، حويجة، شنان، غانم علي، شريدة، أبو حماد، فيما ذكرت مصادر محلية أن هذا التقدم جاء بعد انسحاب مسلحي "داعش" من هذه المناطق من دون قتال.
وكانت قوات النظام قد انطلقت من مدينة مسكنة في أقصى ريف حلب الشرقي بداية يونيو/ حزيران الماضي، وبدأت هجوماً واسعاً على تنظيم "داعش" في ريفي الرقة الجنوبي والجنوبي الشرقي، وذلك بمساندة من الطائرات الحربية الروسية التي تدعم النظام في معاركه. أما في ما يخص معارك "قوات سورية الديمقرطية" مع "داعش" داخل مدينة الرقة، فلم تشهد أي تغييرٍ في خريطة السيطرة خلال الأيام القليلة الماضية، في الوقت الذي ما زال التنظيم يبسط سيطرته على وسط المدينة وأحياء عدة فيها، ولكن مساحة سيطرته على مدينة الرقة تقلصت إلى نحو النصف منذ إطلاق "قوات سورية الديمقراطية" معركة السيطرة على مدينة الرقة في الأسبوع الأول من يونيو/ حزيران الماضي. في هذا السياق، قال المبعوث الأميركي الخاص لدى التحالف الدولي الذي يحارب "داعش"، بريت مكغورك، إن تقديرات التحالف تشير إلى وجود ما يقارب ألفي مقاتل من "داعش" حتى الآن ضمن مدينة الرقة، مُرجحاً ألا يخرجوا من المدينة أحياء، مضيفاً أن "قوات سورية الديمقراطية" طردت "داعش" من نحو 45 في المائة من مدينة الرقة حتى الآن.
وغير بعيدٍ عن الرقة، وفي ظل تقدم قوات النظام نحو دير الزور، فقد أعلنت مجموعة فصائل بالمعارضة السورية المسلحة، تنحدر من مدينة دير الزور وتُقاتل في البادية السورية، تشكيل لجنة عسكرية مؤقتة بهدف التنسيق لعمل عسكري موحّد بينها يهدف للسيطرة على مدينة دير الزور وطرد تنظيم الدولة "داعش" منها. وتشكّل الجسم الجديد من فصائل "جيش أسود الشرقية، مغاوير الثورة، أحرار الشرقية، جيش الشرقية"، إضافةً إلى عدد من القادة العسكريين وهم "طلاس السلامة، مهند الطلاع، مصطفى الهنداوي، محمود الصالح، أبو حاتم شقرة، حسين أبو علي، يحيى العلي، محمد الباش، محمود السلمان". وقالت الفصائل في بيانٍ لها: "تم اتخاذ قرار تشكيل لجنة مؤقتة تكون مفوضة باتخاذ القرار الصحيح لتحديد الجبهة الأمثل عسكرياً وجغرافياً للانطلاق منها لتحرير محافظة ديرالزور ولتكون هذه اللجنة نواة تواصل مع كافة مكونات المحافظة من أجل التوصل إلى العمل المشترك الواحد. وقد اجتمعت اللجنة المؤقتة المكلفة بهذا العمل". واتفقت الفصائل على اختيار الجبهة الجنوبية في البادية كخيار أنسب للوصول إلى دير الزور، مضيفة في بيانها أن العمل جارٍ على تعبئة كافة الطاقات البشرية والمادية والإعلامية باتجاه هذه الجبهة، داعيةً الفصائل والجهات الثورية إلى الالتحاق بها.